تأخذ تداعيات الوضع الأمني في منطقة الساحل منعرجات خطيرة، تسير ضد رغبة وموقف الجزائر أن حذرت منها، ويتعلق الأمر باستنجاد كل من النيجر وغينيا وفريق في حكومة باماكو. بالتدخل الأجنبي لردع التنظيمات الجهادية المرابطة في شمال البلاد، والانقلابيين في النيجر، موازاة مع وجود مستشارين عسكريين ومستشارين أمن أوروبيين بشمال النيجر ، لبحث ما أسموه مواجهة الخطر الإرهابي القادم من مالي.ويأتي تواجد الخبراء العسكريين في شمال النيجر، في شكل بادرة لتوسع التواجد الغربي في منطقة الساحل التي إتفق مسؤولوها ، في لقاء سابق بالجزائر على رفض أي تدخل أجنبي في المنطقة الصحراوية، في مقابل التفاهم على تجنيد الإمكانات الضروروية لمواجهة التنظيمات الجهادية و القاعدة في بلاد المغرب الأسلامي، غير أن ما يشتهيه قادة دول الميدان بالساحل بدا معاكسا لموقف غربي، يحرص على التواجد بالمنطقة بذريعة مكافحة الإرهاب، بينما كان الوزير الأول أحمد اويحيى في أولى ردود الفعل الجزائرية حيال الأزمة في مالي، شدد أن الجزائر “لن تقبل أبدا بالمساس بوحدة وسلامة أراضي مالي”،وقال في حوار مطول لجريدة “لوموند”الفرنسية” ، أن الجزائر لن تقبل أي تدخل أجنبي هناك داعيا الى الحوار لحل الازمة في مالي.وكان تصريح أويحيى في الوقت الذي أعلنت فيه الحركة الوطنية للأزواد، استقلالها عن مالي في خضم الفوضى العارمة في الجارة الجنوبية، إذ حذر أويحيى من “انزلاق” الوضع، الأخير الذي بدا أكثر خطورة مع عزم الخبراء العسكريين الغربيين الإنطلاق من النيجر نحو مالي، لمسح المنطقة استخباراتيا. إذ لم يتخلف مسؤولون من النيجر، على التأكيد إن طليعة من المستشارين العسكريين ومستشاري الأمن الأوروبيين وصلوا إلى شمال النيجر في مهمة دفعت إليها المخاوف المتزايدة من الخطر الإرهابي القادم من مالي المجاورة.بينما لم يقدم الاتحاد الأوروبي تفاصيل إضافية عن العملية ، لكنه قال في وقت سابق إنه خصص 150 مليون يورو لتحسين الأمن في منطقة الساحل حيث عززت سيطرة المتمردين على شمال مالي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي . ومعلوم أن النيجر يعتبر مصدر رئيسي لليورانيوم وكانت الأعلى صوتا بين دول المنطقة في الدعوة إلى تدخل عسكري عاجل لمواجهة هذا التهديد الأمني.كما اكد ضابط كبير في جيش النيجر “لدينا أكثر من 30 خبيرا عسكريا ومدنيا أوروبيا يعاينون الوضع الأمني في الشمال”. وأضاف المسؤول أن الخبراء أرسلوا إلى منطقة اجاديز في النيجر في إطار خطط للاتحاد الأوروبي لتقديم تدريب ومشورة لقوات النيجر في مجال محاربة الإرهاب.وإن شدد أن مسألة إقامة قاعدة أجنبية ليست مطروحة، لكن يبقى خطر التدخل الأجنبي قائما بالمنطقة، إذ لا يمكن أن تقدم دول الغرب خدماتها بالمجان، والكل يعلم الفاتورة التي تقدمها ليبيا للناتو نظير الخدمة التي قدمها لها .وموازاة مع ذلك، تتعزز الرؤية الاستشرافية القائلة أ ن اليد الغربية سوف يكون لها موطأ في منطقة الساحل، حيث أعرب رئيسا غينيا ألفا كوندي والنيجر محمدو يوسفو عن تأييدهما لتدخل عسكري في مالي لطرد الانقلابيين من باماكو والمجموعات المسلحة الطوارق والإسلامية التي تسيطر على شمال هذا البلد، في تحدي صارخ للجزائر التي ترفض رفضا قاطعا التدخل الأجنبي بالمنطقة، وقال ألفا كوندي خلال اجتماع مع نظيره النيجري “يجب التدخل عسكريا في باماكو”، متسائلا “كيف يمكن دخول قصر رئاسي وإساءة معاملة رئيس؟ إذا كنا نفعل ذلك ضد رئيس فأي سياسي يمكن أن يكون بأمان؟”. وأضاف كوندي أن “الأمر الثاني الذي يجب أن يتم هو التدخل عسكريا في شمال مالي لطرد القوات الإسلامية”.من جهته، قال الرئيس النيجري الذي قام بزيارة استغرقت بضع ساعات لكوناكري أن “أفضل شيء هو البحث عن حلول تفاوضية لكن إذا لم يتحقق ذلك فيجب التدخل عسكريا”.