دعا رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أمس إلى وضع حد للفوضى الاقتصادية العالمية، والعمل بالتشاور من أجل أن تكون العولمة في خدمة الجميع، كما شدد على ضرورة إعادة صياغة نظام أمن دولي جماعي يقوم على عدم التجزئة معتبرا أن كل هذا يتأتى من خلال نظام دولي جديد يبنى على حكامة عالمية شفافة تحركها قناعة المشاركة، وفي هذا الصدد ألح بوتفليقة على ضرورة إصلاح الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي. مبعوثتنا إلى شرم الشيخ: سهام مسيعد كلمة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة التي وجهها إلى قمة حركة عدم الانحياز أمس اتجهت إلى توضيح معالم النظام الدولي الجديد الذي تريد بلدان حركة عدم الانحياز إقامته، وهو حسب رئيس الجمهورية نظام يقوم على الاحترام الصارم للالتزامات التي تقع على عاتق كل منا بموجب ميثاق منظمة الأممالمتحدة، وبالخصوص التزامنا في العيش بسلام وأمن مع بعضنا البعض في ظل التسامح وحسن الجوار، وبتشجيع التقدم الاجتماعي بتوفير ظروف معيشية يطبعها العدل والإنصاف والحرية وبإيجاد الشروط المناسبة لاسترجاع التوازنات الطبيعية التي تحفظ كوكبنا من الكوارث البيئية والتغييرات المناخية. واعتبر بوتفليقة أن اقتسام التضحيات والجهود بشكل عادل سيؤدي إلى ربح رهانات حاسمة بالنسبة للبشرية في مجالات محاربة الاحتراز المناخي، نزع السلاح، الحد من انتشار الأسلحة النووية، ومحاربة آفة الإرهاب. وعلى صعيد آخر، حذر بوتفليقة من مغبة انسياق الدول المتقدمة وراء اتخاذ الأزمة المالية العالمية كذريعة لتخفيض التزاماتها تجاه المساعدات الموجهة للتنمية في البلدان الفقيرة من أجل إنجاز أهداف الألفية الإنمائية، مبديا ارتياحه من جهة أخرى لقرار مجموعة الثمانية خلال قمتها المنعقدة مؤخرا بإيطاليا والقاضي بتأكيد صلاحية تعهداتها إزاء العالم النامي بصفة عامة وإفريقيا على وجه الخصوص. وبعد أن استنكر التهميش والإقصاء الذي تمارسه دول الشمال في سبيل الاستئثار بالقرارات السياسية أو الاقتصادية، وعدم إشراك بقية الدول فيها، أشار بوتفليقة إلى أن الظرف العالمي يتطلب مشاركة البلدان النامية في مسار التفكير الدولي، ما يعني ضرورة إعادة صياغة النظام الدولي الجديد ليتناسب مع منطق التسيير الشفاف والمسؤول، بما يؤدي إلى اقتسام الفوائد والأضرار على حد سواء. وأشار رئيس الجمهورية إلى أن الأزمة المالية العالمية وإن كانت شديدة الوقع على الجميع، فإن تداعياتها على البلدان الفقيرة كانت أكثر ضررا من غيرها، ومنه تتأتى حسب بوتفليقة الحاجة إلى إعادة صياغة نظام أمن دولي جماعي يقوم على عدم القابلية للتجزئة كما يكرس طموح الشعوب كافة في العيش في سلم وأمان، غير أن هذا النظام سيبقى مرهونا بإقامة نظام دولي جديد مبني على أساس حكامة عالمية شفافة تحركها القناعة المشتركة بأن الدول والشعوب أصبحت تربطها وحدة المصير. وقد احتلت القضيتان الفلسطينية والصحراوية حيزا معتبرا من خطاب رئيس الجمهورية الذي أشاد بالدعم الثابت الذي دأبت حركة عدم الانحياز على تقديمه للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني داعيا إياها إلى مزيد من الحسم في موقفها هذا، خاصة وأن القضية الفلسطينية تمر اليوم بأصعب فترة من تاريخها، وفي مقابل ذلك ندد بوتفليقة بسياسات الاعتداءات التي تنتهجها إسرائيل مطالبا بالتوقف نهائيا عن سياستها الاستيطانية واحترام الاتفاقيات الدولية. وعلى غرار فلسطين، ثمن بوتفليقة موقف حركة عدم الانحياز الداعم لتسوية عادلة ودائمة للنزاع في الصحراء الغربية، مؤكدا أن الجزائر تتعهد بمواصلة تعاونها مع الأممالمتحدة من أجل مساعدة طرفي النزاع في الصحراء الغربية وهما المملكة المغربية وجبهة البوليساريو على الوصول إلى حل وفق احترام حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره بكل حرية، مجددا دعم الجزائر للمبعوث الأممي الخاص الذي أوكلت له مهمة النظر في هذه القضية. وفي الوقت الذي دعا فيه إلى إصلاح منظمة الأممالمتحدة ومجلس الأمن، بدا رئيس الجمهورية مرتاحا للتطور الذي سجلته حركة عدم الانحياز في السنوات الأخيرة بما يعزز وحدتها ويعطيها نفسا قويا لمواصلة مساعيها من أجل بناء عالم أفضل.