بدأت بوادر عودة المواجهات المسلحة في مالي تلوح في الأفق مع الإعلان عن ميلاد جبهة موحدة لتحرير شمال مالي، مشكلة من ستة حركات للدفاع الذاتي، ولا يستبعد أن تكون هذه »المبادرة« محاولة لاستعجال التدخل العسكري الأجنبي في شمال مالي وتقويض جهود الحل الدبلوماسي الذي ترافع من أجلبه الجزائر . تكتلت 6 حركات للدفاع الذاتي في مالي ضمن تنظيم موحد سمي بالجبهة الموحدة لتحرير شمال مالي من سيطرة الحركات الإسلامية المسلحة، وقال الموقعون على وثيقة التحالف بأن المبادرة تهدف إلى »تحرير شمال مالي ولتوحيد قوات المقاومة قررنا إنشاء قوات وطنية للمقاومة«، وجاء في تصريح لأحد قيادات المقاومة يدعى هارونا توري: »حركاتنا الست المجتمعة تضم آلاف الرجال بعضهم قيد التدريب حاليا في قواعدنا في سيفاري في وسط مالي«، في حين قال أمادو عبد الله سيسي زعيم قوات تحرير مناطق شمال مالي أنه »سنذهب مع أو من دون الجيش المالي سندافع عن أرضنا إن أهالينا محاصرون«، وذكرت مصادر محلية أنه يجري تدريب مئات المتطوعين للذهب إلى الشمال من أجل قتال الحركات الإسلامية الجهادية، علما أن تكتل المقاومة يضم ممثلين عن قوات تحرير مناطق شمال مالي وميليشيات غاندا-كوري وغاندا-إيزو التي كانت استخدمت في الماضي لمحاربة المتمردين التوارق، إلى جانب تحالف مجموعات منطقة تومبوكتو والقوة المسلحة لمكافحة الاحتلال وحلقة الدراسة والعمل . وتعتبر المبادرة من جهة كمحاولة لتعويض الفراغ الذي تركه الجيش المالي وتخليه عن الدفاع عن شمال البلاد بفعل الأوضاع السياسية المرتبة عن العملية الانقلابية التي قادها نقيب في الجيش المالي ضد الرئيس السابق أمادو توماني توري في 22 مارس الماضي، علما أن الأزمة السياسية التي يعيشها مالي وغياب حكومة وحدة وطنية موسعة تعيد النظام الدستوري إلى البلاد، قد أثرت سلبا، وتركت شمال البلاد عرضة للمجموعات الإسلامية المتطرفة التي تسيطر عليه منذ حوالي أربعة اسهر كاملة . ويخشى أن تشكل مبادرة تكتل المقاومة لتحرير شمال مالي مجرد غطاء لتبرير التدخل الأجنبي في شمال البلاد، وفي المقابل إضعاف موقف الجزائر وتقويض جهودها الدبلوماسية دوليا أو جهويا ضمن دول الميدان والرامية إلى التمكين للحل السلمي التفاوضي، وتجنيب شمال مالي حمام من الدم، وتفادي فضلا عن ذلك الثار الكارثية للتدخل العسكري الأجنبي الذي ستكون له تبعات مدمرة على أمن واستقرار كامل المنطقة . للإشارة تعتبر فرنسا أكثر المتحمسين للتدخل العسكري في شمال مالي، وقد أعلنت صراحة دعمها لتحركات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا »الايواكس« لإرسال قوة عسكرية يفوق تعدادها 3 ألاف جندي لتطهير شمال مالي من »الجهاديين« والانفصاليين، ومن جهتها دعت الولاياتالمتحدة الخميس المنصرم إلى قبول عروض افريقية بإرسال قوة عسكرية لإرساء الاستقرار في البلاد و المساعدة على استعادة السيطرة على شمال مالي، وقال جونى كارسون وكيل وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية خلال زيارة إلى باماكو: »ينبغي أن تقبل مالي القوة سواء الجنود أو الشرطة أو الدرك التي عرضت ايكواس إرسالها«.