قرّرت الحكومة الاستغناء التدريجي عن العمل بنظام الحسابات الخاصة على خلفية الانتقادات الحادة التي وجّهها نواب البرلمان إلى عدة قطاعات وزارية بسبب حصول »تجاوزات« في تسيير أموال هذه الحسابات. ولهذا السبب أكد وزير المالية أمس أنه سيتم الإبقاء فقط على الحسابات الخاصة التي لها دور في ضبط الاقتصاد الوطني، معلنا أن عددها الإجمالي يصل حاليا إلى حوالي 60 حساب تخصيص خاص. كشف وزير المالية، كريم جودي، أن السلطات العمومية وضعت برنامجا يقضي ب »الاستغناء التدريجي« عن الحسابات الخاصة على أن يتمّ إدراج مخصصاتها المالية لها ضمن البرنامج القطاعي لكل وزارة في إطار مشاريع قوانين المالية، وأعلن في تصريحات له للصحفيين أمس على هامش جلسة التصويت على مشروع قانون تسوية الميزانية لسنة 2010، عن غلق 6 حسابات خاصة بموجب قانون المالية 2013 في انتظار أن تتواصل العملية مستقبلا. وأفاد الوزير أنه تمّ خلال السنوات الثلاثة الماضية غلق ما لا يقلّ عن 12 حسابا خاصا، وبحسب الأرقام التي أوردها فإن عدد هذه الحسابات يصل في الوقت الحالي إلى حوالي 60 حسابا، موضحا أن مثل هذه الحسابات الخاصة معمول بها في كل بلدان العالم »ودورها يكمن في ضبط الاقتصاد وضمان تغطية نفقات التجهيز«. لكن الثابت أن قرار الحكومة جاء بعد سلسلة من الانتقادات التي وجّهها نواب البرلمان بغرفتيه خلال السنوات الثلاثة الأخيرة في إطار عرض مشاريع قوانين تسوية الميزانية لأعوام 2008 و209 و2010. ووفق تقارير رسمية فقد تقرّر تطهير حسابات التخصيص الخاص تطبيقا للمادة 24 من قانون 1995 المسير لمجلس المحاسبة الذي يلزم وزارة المالية باتخاذ الإجراءات الضرورية في حالة تسجيل وقائع أو مخالفات من شأنها إلحاق الضرر بالخزينة العمومية أو أملاك المؤسسات العمومية. وكان كريم جودي يؤكد في كل مناسبة أن هذه الحسابات كانت تُسيّر وتراقب على غرار النفقات المالية، مفنّدا وجود أيّ »غموض« في تسيير حسابات التخصيص الخاص التي وصفها بعض النواب ب »العلب السوداء للميزانية«. وقد لفت الكثير من نواب المجلس الشعبي الوطني في مناقشاتهم أمس الأول لمشروع تسوية الميزانية لسنة 2010 إلى هذا الأمر وطالبوا الوزير جودي بتقديم التوضيحات حول بعض التجاوزات الحاصلة في تسيير هذه الحسابات، لكنه ردّ بالقول إن هذا شأن يعني كل وزارة »لأنها ترسل تقاريرها مباشرة حول تطبيق الميزانية إلى المجلس«. وتُشير معطيات رسمية كذلك تمّ نشرها شهر أكتوبر الماضي إلى وجود يوجد 101 حساب خاص بالخزينة منها 70 حسابا للتخصيص الخاص و24 حساب قرض و3 حسابات سلفة وثلاثة حسابات تخصيص وحسابين للمساهمة. واللافت أن تقرير مجلس المحاسبة حول ضبط ميزانية 2009 الذي عرض على البرلمان العام الماضي، انتقد بوضوح تسيير بعض حسابات التخصيص الخاص وهو موقف شاطره المجلس الشعبي الوطني. وكان مجلس المحاسبة قدّر أن المراقبة العمومية لهذه الحسابات »تطبّق بصفة ضئيلة أو لا تطبّق أصلا« دون نسيان »ضُعف المراقبة الداخلية لعدة جوانب«، وهي الملاحظات نفسها التي عاود إثارتها في تقريره بشأن مشروع قانون تسوية الميزانية لسنة 2010 الذي تمّت المصادقة عليه أمس من طرف النواب. وبناء على هذه الوضعية أوضح وزير المالية في تصريحاته بأنه سيتمّ الاحتفاظ فقط بالحسابات الخاصة التي يثبت بأن بقاءها ستكون له جدوى من الناحية الاقتصادية، أما ما يتعلق بالحسابات الخاصة التي تقتصر على تسيير النفقات العمومية فإنها ستحوّل مباشرة إلى الميزانية القطاعية التي يتمّ إقرارها في إطار مشاريع قوانين المالية. وكان نواب المجلس الشعبي الوطني صادقوا أمس بالأغلبية على مشروع قانون ضبط الميزانية لسنة 2010 خلال جلسة علنية برئاسة محمد العربي ولد خليفة رئيس المجلس، وجرى التصويت بعد ردّ وزير المالية على انشغالات وتساؤلات النواب. وقد صوّت النواب المنتمون إلى كل من »تكتل الجزائر الخضراء« وحزب جبهة القوى الاشتراكية ضد المشروع في حين امتنع نواب حزب العمال عن التصويت. وأعلن نواب جبهة العدالة والتنمية في بيان لهم أن غياب الشفافية في صرف المال العام، وعدم تطبيق توصيات مجلس المحاسبة واستمرار ظاهرة الإفلات من المحاسبة السبب الرئيس في رفض المصادقة على الوثيقة.