عيش الأفلان هذه الأيام وخاصة بعد الدورة السادسة العادية لأعضاء اللجنة المركزي مرحله يحبذ الكثيرون تسميتها بمرحلة البحث عن أمين عام للحزب، هذه العملية التي تصنع في حد ذاتها الحدث السياسي الأهم، ليس فقط على المستوى الحزبي من خلال الديناميكية التي يعيشها أعضاء الهيئة القيادية، أي اللجنة المركزية، المدعوة إلى الحسم في اختيار الرجل الذي سيتبوأ قيادة الأفلان بعد هذه المرحلة الانتقالية، بل إن الاهتمام بمن سيتولى هذا المنصب تثير اهتمام الفعاليات السياسية على الساحة الوطنية، ولعل هذا وحده كاف للوقوف على محورية الأفلان ومكانته ودوره في الحياة العامة للبلاد. هذه الحركية لا تهدأ على صعيد أعضاء اللجنة المركزية، حيث الاتصالات والاستشارات المكثفة في كل الاتجاهات حول ضمان توفير كافة الظروف والعوامل المؤدية للسير العادي والطبيعي للحزب وهياكله وتأمين توفير شروط اختيار أمين عام جديد للأفلان، ضمن عملية تصون في المقام الأول وحدة صفوف المناضلين في القاعدة والقيادة وتحافظ على الموقع الريادي المتميز للحزب. في سياق هذه المهمة يجري الحديث هنا وهناك عن فرضيات عديدة، ويتم تداول الكثير من الطروحات والتكهنات عن كيفية اختيار الأمين العام القادم للأفلان، لاسيما في ظل وجود بقايا خلاف حول الدعوة لعقد الدورة الطارئة للجنة المركزية وكذا الطريقة الأنسب لاختيار الأمين العام، هل باعتماد الصندوق أو عبر التزكية، خاصة مع بروز رغبة البعض من أعضاء اللجنة المركزية في الترشح للمنصب. في السياق ذاته الذي يميز عملية اختيار أمين عام جديد للأفلان، يمكن الاشارة إلى عامل الوقت الذي قد يقتضيه التوصل إلى حل هذه المسألة، لأنه لا يعقل أن يبقى الأفلان دون قيادة لمدة طويلة، بالرغم من وجود قوانين وآليات في القانون الأساسي للحزب واللجنة المركزية والمكتب السياسي تضبط مسألة تسيير مرحلة شغور منصب الأمين العام لفترة انتقالية مؤقتة. الواضح لحد الآن هو أن الجميع متفق داخل الهيئة القيادية للأفلان على أن عامل الزمن مهم لإنهاء ما سمي بالأزمة، والحرص على ضرورة أخذ الوقت الكافي للتفكير في المخارج الملائمة، لكن دون الإفراط في هذه المسألة حتى لا تنعكس سلبا على حياة الحزب ونشاطاته والأدوار المنوطة به كفصيل سياسي رئيسي في البلاد، يتوفر على الأغلبية في المجالس المنتخبة وفي الجهاز التنفيذي. وبعيدا عن التأويلات والتكهنات وحتى المناورات التي يروج لها البعض فإن الأفلان عازم بفضل مناضليه في كل المستويات القاعدية والقيادية على ضرورة الخروج من أزمته الراهنة وهو أكثر قوة وتماسكا وانسجاما، بعد الدورة الاستثنائية القادمة للجنة المركزية، مادام الجميع يضع نصب أعينهم مصالح الحزب أولا وخدمة الجزائر ثانيا، ومادام الكل يبدي حرصه على استعادة وحدة صفوف الحزب، التي من المفروض أن تكون الشغل الشاغل لكل قيادي، خاصة بعد الاحتكام الديمقراطي للصندوق الشفاف، مما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك قدرة هيئات الأفلان على تجاوز كل أزمة طارئة وإيجاد الحلول الملائمة، بما يضمن مصلحة الحزب. مهما يكن من أمر بشأن كيفية اختيار الشخصية المحتملة لرئاسة الأفلان، فإن ملامح هذه الشخصية يجب أن تتحدد على ضوء عوامل داخلية خاصة بالحزب، وأخرى متعلقة بالمحيط وبالمهام والدور الجوهري الحساس المطلوب من الأفلان أن يقوم به في المرحلة المقبلة، التي من مميزاتها وسماتها استكمال تجسيد الإصلاحات السياسية والاقتصادية في كنف الأمن والاستقرار، ولعل أبرز كل ذلك استحقاقات تعديل الدستور وبعدها الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل. وقبل هذا وذاك فإن الشخصية التي ستقود الأفلان مستقبلا ليست مطالبة فقط بالاستجابة لتطلعات وطموحات الأفلان كحزب قيادي، وإنما مدعوة بأن تكون في انسجام تام وتوافق كامل مع رئيس الحزب الذي هو رئيس الجمهورية.