انطلقت أمس بالجهة الشرقية من موريتانيا المحاذية لمالي، مناورات »أفلينت لوك 2013« العسكرية التي تشارك فيها عشرون دولة عربية وإفريقية وأوروبية، من بينها الولاياتالمتحدة وكندا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا وهولندا، فيما اكتفت الجزائر بإرسال مراقبين إلى جانب مصر وتونس والمغرب. شرعت القوات الأمريكية إلى جانب جيوش عدد من الدول الغربية والعربية والإفريقية في مناورة بالجهة الشرقية لموريتانيا المتاخمة للحدود مع مالي، حيث تتواصل العملية العسكرية الفرنسية لملاحقة التنظيمات »الجهادية«، وقال العقيد الموريتاني محمد ولد الشيخ ولد بيده، منسق المناورات، الذي نشط الاثنين المنصرم ندوة صحفية رفقة العقيد الأمريكي جورج بريستول قائد أركان العمليات الخاصة في »أفريكوم«: »إن أفلينت لوك، هو تمرين عسكري متعدد الجنسيات أنشئ بمبادرة أميركية في بداية الألفية الجارية، والهدف منه أساسا هو الرفع من القدرات العملياتية للقوات المشاركة في مجال مواجهة التهديدات اللانمطية، ويجرى سنويا بصفة دورية على أراضي إحدى دول المنطقة«، مضيفا أن »الجيش الموريتاني بما أنه يقوم منذ سنوات بمواجهة مجموعات إرهابية وشبكات عابرة للحدود تمارس مختلف أنواع التهريب، فمن الطبيعي أن يشارك بصفة منتظمة في هذا التمرين، سعيا وراء التحسين الدائم لمنظومته الدفاعية«، نافيا أي علاقة لهذه المناورات بالحرب في مالي، مشيرا إلى أن موريتانيا قررت في نوفمبر 2011 تنظيم هذه المناورات سنة ,2013 أي قبل ثلاث سنوات من اندلاع الحرب في مالي. وفي هذا السياق، قال العقيد ولد بيده: »إن انشغال القوات الموريتانية بالتمرينات العسكرية الحالية لن يؤثر على جاهزية الجيش، ولن يضر بالخطط المطروحة لتأمين الحدود لأن قيادة الأركان اتخذت كل الخطوات اللازمة من أجل تأمين البلاد، وإجراء التمرينات العسكرية المقبلة في أحسن الظروف«، وذكر أن اختيار قيادة الأركان للولايات الشرقية جاء نتيجة لعدة أسباب منها الطبيعة الجغرافية للمنطقة والكثافة السكانية ووجود أماكن مخصصة للتدريب أصلا، علما أن المنطقة الشرقية هي قريبة جددا من مالي حيث تتواصل العملية العسكرية الفرنسية ضد الحركات الجهادية التي كانت تسيطر على شمال هذا البلد، وخلص العقيد الموريتاني إلى القول بأن هذه المناورات هي »مظهر من مظاهر التعاون، وفرصة مفيدة للوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية المشاركة فيها من أجل اكتساب المزيد من الخبرة ورفع الجاهزية والتعامل مع الأخطار«. وتأتي هذه المناورات بالتزامن مع احتدام المعارك في شمال مالي، وانتقالها إلى جبال »أدرار إيفوغاس« غير بعيد عن الحدود الجزائرية، وتتزامن أيضا مع إعلان الجيش المالي أمس، أن القوات الفرنسية والإفريقية تستعد للعمليات الأخيرة ضد المتشددين المتحصنين بمنطقة كيدال شمال البلاد، وأوضح متحدث باسم الجيش أن عناصر من جماعات مسلحة مختلفة تتحصن بالمنطقة الجبلية القريبة من كيدال، من بينهم جماعة »أنصار الدين« وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، فضلا عن المتمردين التوارق من »الحركة الوطنية لتحرير أزواد«. وتشارك الجزائر بصفة مراقب في هذه المناورات وهذا إلى جانب كل من تونس ومصر والمغرب، وتكتسي المناورات أهمية بالغة في هذه الظروف بالذات التي أصبح فيه التحدي الأمني والنشاط الإرهابي يشكل الخطر الأول في المنطقة، وحتى وإن كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الغربية المشاركة معها في مناورات »أفلينت لوك 2013« تؤكد كل مرة بأن مقاومة الإرهاب هي من صميم مهام دول المنطقة وأن مساعدة الدول الغربية الكبرى يجب أن تكون محصورة في مسائل التدريب والوجستيك..الخ، إلا أن الواقع يبين بأن لا شيئ يمنع الدول الكبرى من التدخل عسكريا وبشكل مباشر في عمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة، وهو ما يمكن ملاحظته جليا من خلال التدخل العسكري الفرنسي في مالي، والذي يلقى دعما عسكريا واضحا من الدول الغربية ومن بينها الولاياتالمتحدةالأمريكية.