الرابطة الأولى: شباب بلوزداد ينهزم أمام شباب قسنطينة (0-2), مولودية الجزائر بطل شتوي    وزير الثقافة والفنون يبرز جهود الدولة في دعم الكتاب وترقية النشر في الجزائر    تنوع بيولوجي: برنامج لمكافحة الأنواع الغريبة الغازية    تلمسان: خطيب المسجد الأقصى المبارك يشيد بدور الجزائر في دعم القضية الفلسطينية    اللجنة الحكومية المشتركة الجزائرية-الروسية: التوقيع على 9 اتفاقيات ومذكرات تفاهم في عدة مجالات    رياضة: الطبعة الاولى للبطولة العربية لسباق التوجيه من 1 الى 5 فبراير بالجزائر    جمعية اللجان الاولمبية الافريقية: مصطفى براف المرشح الوحيد لخلافة نفسه على راس الهيئة الافريقية    إنشاء شبكة موضوعاتية جديدة حول الصحة والطب الدقيقين سنة 2025    رياح قوية على عدة ولايات من جنوب الوطن بداية من الجمعة    بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية, وزير الاتصال يستقبل من قبل رئيس جمهورية بوتسوانا    وزير الصحة يشرف على لقاء حول القوانين الأساسية والأنظمة التعويضية للأسلاك الخاصة بالقطاع    وزير الصحة يجتمع بالنقابة الوطنية للأطباء العامين للصحة العمومية    فلسطين... الأبارتيد وخطر التهجير من غزة والضفة    توقيف 9 عناصر دعم للجماعات الإرهابية    لصوص الكوابل في قبضة الشرطة    تعليمات جديدة لتطوير العاصمة    عندما تتحوّل الأمهات إلى مصدر للتنمّر!    رسالة من تبّون إلى رئيسة تنزانيا    فتح باب الترشح لجائزة أشبال الثقافة    التلفزيون الجزائري يُنتج مسلسلاً بالمزابية لأوّل مرّة    الشعب الفلسطيني مثبت للأركان وقائدها    بوغالي في أكرا    محرز يتصدّر قائمة اللاعبين الأفارقة الأعلى أجراً    صالون الشوكولاتة و القهوة: أربع مسابقات لحرفيي الشوكولاتة و الحلويات    شركة "نشاط الغذائي والزراعي": الاستثمار في الزراعات الإستراتيجية بأربع ولايات    تحديد تكلفة الحج لهذا العام ب 840 ألف دج    السيد عرقاب يجدد التزام الجزائر بتعزيز علاقاتها مع موريتانيا في قطاع الطاقة لتحقيق المصالح المشتركة    حوادث المرور: وفاة 7 أشخاص وإصابة 393 آخرين بجروح في المناطق الحضرية خلال أسبوع    الرئاسة الفلسطينية: الشعب الفلسطيني متمسك بأرضه رغم التدمير والإبادة    تحذير أممي من مخاطر الذخائر المتفجرة في غزة والضفة الغربية    مجموعة "أ3+" بمجلس الأمن تدعو إلى وقف التصعيد بالكونغو    رئيس الجمهورية يستقبل نائب رئيس الوزراء الروسي    إبراز جهود الجزائر في تعزيز المشاركة السياسية والاقتصادية للمرأة    غرة شعبان يوم الجمعة وليلة ترقب هلال شهر رمضان يوم 29 شعبان المقبل    اتفاقية تعاون بين وكالة تسيير القرض المصغّر و"جيبلي"    لجنة لدراسة اختلالات القوانين الأساسية لمستخدمي الصحة    مدرب منتخب السودان يتحدى "الخضر" في "الكان"    السلطات العمومية تطالب بتقرير مفصل    توجّه قطاع التأمينات لإنشاء بنوك خاصة دعم صريح للاستثمار    4 مطاعم مدرسية جديدة و4 أخرى في طور الإنجاز    سكان البنايات الهشة يطالبون بالترحيل    الرقمنة رفعت مداخيل الضرائب ب51 ٪    رياض محرز ينال جائزتين في السعودية    شهادات تتقاطر حزنا على فقدان بوداود عميّر    العنف ضدّ المرأة في لوحات هدى وابري    "الداي" تطلق ألبومها الثاني بعد رمضان    وهران.. افتتاح الصالون الدولي للشوكولاتة والقهوة بمشاركة 70 عارضا    هل تكون إفريقيا هي مستقبل العالم؟    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    حشيشي يلتقي مدير دي أن أو    صحف تندّد بسوء معاملة الجزائريين في مطارات فرنسا    المجلس الإسلامي الأعلى ينظم ندوة علمية    العاب القوى لأقل من 18 و20 سنة    الجزائر تدعو الى تحقيق مستقل في ادعاءات الكيان الصهيوني بحق الوكالة    قِطاف من بساتين الشعر العربي    عبادات مستحبة في شهر شعبان    تدشين وحدة لإنتاج أدوية السرطان بالجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظام المخزن يشحن الشارع المغربي ضد الجزائر
''صوت الأحرار'' تزور القنصلية الجزائرية بالدار البيضاء وترصد تفاصيل وتداعيات الاعتداء

الراية الوطنية رفعت فوق القنصلية بعد ساعة من إنزالها-
-محمد السادس يبحث عن مليون توقيع ضد الجزائر
وقفت للحظة قصيرة مشدودا بكل جوارحي، معتصما في مكاني، عندما اعترضت بصري الراية الوطنية مرفرفة فوق قنصليتنا بالدار البيضاء، ولم أتمكن من إبعاد نظري عنها وكأني أراها للمرة الأولى واكتشف ألوانها الزاهية التاريخية، فانتابني شعور غريب دعاني لئلا أحزن، فبعد كل ما حدث بهذا المكان في الذكرى ال59 لاندلاع الثورة المجيدة يوم الفاتح نوفمبر الماضي، فأنا الآن في بلد شقيق تربطه بالشعب المغربي أواصر الأخوة والتاريخ واللغة والدين، وها هي الراية ترفرف من جديد فوق قنصليتنا وقد بلغني أنها أعيدت إلى مكانها بعد أقل من ساعة يوم تم إنزالها ومحاولة تدنيسها، فلكل جزائري غيور على وطنه، ولكل من ينبض قلبه لألوان علمه، بدأت جولتي إلى المغرب لأيام معدودات، وبدأتها من قنصليتنا بالدار البيضاء.
استطاع نظام المخزن المغربي وبامتياز أن يشن حملته المسعورة عبر الشوارع والمدن وفي كل مكان بالمغرب في عملية تجنيد واسعة للمواطنين المغربيين، ليشعل نار الكراهية بين شعوب المنطقة الواحدة، حملة المليون توقيع ضد الجزائر التي كانت مسبوقة بالاعتداء على الراية الوطنية، مقالات صحفية، خطابات سياسية، الحديث عن الجزائر وثرواتها وعن بوتفليقة والجنرالات لا يكاد ينقطع، في كل مكان الجزائر هي الشغل الشاغل لكل المغربيين، تعابير تعكس الكراهية ضد النظام الجزائري، والتي هي نتيجة لسياسة نظام المخزن الذي لا يفوت فرصة إلا وشحن فيها الشارع المغربي ضد الجزائر والجزائريين، »صوت الأحرار«، زارت القنصلية الجزائرية بالدار البيضاء وعادت إلى مسرح الجريمة التي استهدفت رمزا من رموز السيادة الوطنية.
بداية الرحلة إلى العاصمة الاقتصادية للمغرب، مدينة الدار البيضاء التي كانت مسرحا لجريمة الاعتداء على الراية الوطنية بالقنصلية الجزائرية يوم الفاتح من شهر نوفمبر الجاري، كانت من مطار هواري بومدين وإن كانت هذه الرحلة كمهمة إعلامية مسبوقة بتردد كبير بسبب غياب التأطير والتغطية التي تضمن أداء المهمة على أكمل وجه...لكنها مهنة المتاعب التي تفرض في نهاية المطاف على صاحبها المغامرة وتحمل هامش الخطر مهما كانت الظروف.
بمجرد النزول بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء كان لا بد من اختيار وسيلة النقل لزيارة القنصلية الجزائرية التي تبعد عن هذا الأخير بحوالي 27 كيلومتر، القطار متوفر ولكن سيارة الأجرة كانت أفضل لكسب مزيد من الوقت لا سيما وأن الساعة كانت تشير إلى الثالثة بعد الظهر وكان لا بد من الوصول إلى القنصلية كمعلم أساسي لبداية المهمة. وبعد مرور قرابة ثلاثين دقيقة، كنا أمام مبنى القنصلية في حديث مع سائق السيارة، ذاك المغربي الذي لم يتوقف عن توجيه الانتقادات للنظام الجزائري والمسؤولين الجزائريين والحديث عن غلق الحدود وثروات الجزائر التي يفترض أن تجعل من هذا البلد جنة فوق الأرض.
عند باب القنصلية كان هناك تواجد كبير لأفراد الشرطة المغربية على غير العادة التي تعرف تواجد شرطي واحد، وبمجرد أن تعرف الشرطي على هوية الصحفي الجزائري راح يجري الاتصالات من هنا وهناك، في حالة من الإنذار والذعر وكأن الصاعقة حلت بالمغرب، لكن الرد كان بسيطا، أنا صحفي جزائري وجئت إلى المغرب في إطار السياحة وكل ما نرجوه هو توجيه التحية لعمالنا بالقنصلية الجزائرية بمناسبة عيد رأس العام الهجري، أول محرم، حينها زال اللبس، أما المشكل الأساسي فهو أن السلطات المغربية كانت على دراية بهذه الزيارة.
بعد هذه الفوضى التي عمت مدخل القنصلية، تم استقبالنا بحفاوة من طرف القنصل العام للجزائر بالدار البيضاء ومساعده، إضافة إلى مجموعة من الطاقم الدبلوماسي الجزائري الذين رحبوا بنا، حديثنا كان يدور حول الأوضاع في الجزائر على العموم دون الخوض في الرسميات بحكم حق التحفظ وهو أمر طبيعي خاصة في السلك الدبلوماسي. ومن ثم كان علينا لزاما اختيار فندق للإقامة بمدينة الدار البيضاء ومواصلة الرحلة كسياح جزائريين، يكتفي من خلاها الصحفي بالملاحظة والحديث مع الناس وفقط لأن أي تحرك رسمي كان سيكلف الصحفي التوقيف من طرف السلطات الأمنية التي كانت تترصد تحركات الإعلاميين طوال فترة الإقامة.
هكذا أنزلت الراية الوطنية من فوق القنصلية الجزائرية
استنادا لما صرح به شهود عيان، فإن جريمة الاعتداء التي قام بها أولئك الشباب لم تكن أبداء بريئة أو تلقائية، حيث أنها كانت مسبوقة بحضور للصحافة التي صورت كل محطات هذه الجريمة لتنقلها إلى الرأي العام المغربي والجزائري على حد سواء في رسالة من نظام حاول منها تصوير ذاك المساس بالسيادة الوطنية للجزائر. ومن العبث أن يبرر هذا النظام الذليل ما حدث بكونه عملا معزولا.
الساعة كانت تشير إلى التاسعة صباحا عندما بدأ عدد من المحتجين أو المخربين يتجمعون أمام القنصلية الجزائرية، ليتسور أحدهم جدار القنصلية التي أرادها أصحابها أن تكون في شكلها الحضاري والمعماري قمة في الجمال وتعكس روح الجزائر بأزيائها وتصاميمها، حيث أنها لا تحتوي لا على حواجز ولا على متاريس على غرار ما نراه في القنصليات والسفارات الأخرى عبر العالم، مخافة أي اعتداءات بالنسبة للجزائريين فإن المغاربة لن يتجرؤوا من باب الأخوة والعلاقات التي تربط بين الشعبين على مثل هذه الفعلة الدنيئة وبالتالي، فإن الجدار الذي لا تجاوز طوله مترين كان في متناول هذا الشاب الذي تدعي السلطات المغربية أنه مغترب مغربي، في حين يعلم فيه الجميع أنه ينتمي إلى حركة الشبيبة الملكية الموالية للبلاط الملكي والتي تعمل على تنفيذ مخططات هذا الأخير.
وفي اعتقاد الكثيرين من الجزائريين أن الاعتداء كان سيكون أكثر خطورة لو بقيت القنصلية الجزائرية في مقرها القديم الذي شغلته منذ سنة 1963 إلى غاية سنة 2010 بحي مولاي ادريس بقلب مدينة الدار البيضاء وهو حي نوعا ما شعبي، حيث كانت الوفود ستتهاطل على القنصلية من كل حدب وصوب، ولكن تواجد القنصلية في مكان راقي وهو شارع »مودي بوبكيطة« الذي يحمل اسم أول رئيس لدولة مالي المستقلة، لم يكن ليحول دون وقوع هذه الجريمة التي يفسرها الكثيرون بأنها منظمة ولا يمكن في حال من الأحوال أن تكون معزولة مثل ما يدعيه ويحاول أن يروج له النظام المغربي. في حدود الساعة التاسعة بدأ المحتجون يتوافدون بطريقة نظامية ومؤطرة من طرف ضباط في زي مدني، حيث بلغ عددهم قرابة 100 شخص، ومن ثم بدأت هتافات مناهضة للنظام الجزائري، تحمل عبارات السب والشتم لكل الرموز الوطنية الجزائرية وللمسؤولين الجزائريين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، السلطات المغربية لم تتدخل لمنع هذه التظاهرات ولم توقف أي شخص، ليتسلق بعدها الشاب المغربي، حميد النعناع، البالغ من العمر 35 سنة، الجدار ويصعد عبر سلالم حلزونية أوصلته إلى سطح البناية، أين اقتلع العلم الوطني ونزل يجري وهو يحمله بين يديه ليتوجه مرة أخرى إلى خارج القنصلية، حينها تجمع المحتجون وهم يستعدون لإحراق الراية الجزائرية، وفي هذا الوقت بالذات ووسط تلك الفوضى تقدم أحد المغاربة مجهول الهوية، ويفترض أنه من أعوان الأمن أو الاستخبارات ليوقف العملية، وطلب منهم أن لا يحرقوا العلم وان يرموا بها فوق سطح الجدار المطل على الطريق، أي واجهة القنصلية وبالفعل هذا ما تم.
المحتجون استغلوا يوم الفاتح من نوفمبر وتعمدوا ذلك، هذا الاعتداء غير الحضاري الذي أقدم عليه الشاب المغربي، والذي لم يتردّد في إنزال العلم الجزائري، يعكس بوادر المخطط العدائي الذي رسمه المخزن، والذي يبدو أنه هذه المرة يعول على تهييج الشارع واستغلاله لاستفزاز الجزائر، خاصة وأن ملك المغرب لم يكفه استدعاء سفيره في ذكرى ثورة نوفمبر، بل امتنع حتى عن توجيه رسالة تهنئة للرئيس بوتفليقة بمناسبة عيد الثورة. عملية إنزال العلم الجزائري، أدت إلى اعتقال الشاب من طرف ضباط للشرطة القضائية الذين كانوا حاضرين لمراقبة التحرك الاحتجاجي المزعوم، حيث تمت متابعته قضائيا بعد شكوى سفير الجزائر المعتمد بالمغرب، لكن الشاب المغربي وفي تصريحاته لوسائل الإعلام قال إنه لم يكن نادما على ما فعله، ليتم بعدها إطلاق سراحه وكأن شيئا لم يكن.
وفي وسط هذا العجاج، فإن الجميل في كل ما حدث، هو أن الراية الوطنية وبفضل رجال مخلصين يحبون الوطن رفعت بعد ساعة من هذه الواقعة، حيث أن الموظفين بالقنصلية الذين لم يكونوا متواجدين هناك باعتبار أنه يوم عيد وطني بالجزائر، بمجرد سماعهم بالخبر سارعوا إلى مقر القنصلية ورفعوا العلم الوطني معززا مكرما. هذه الشهادات تعززها تصريحات المسؤولين في الجزائر، حيث كان وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة قد أكد أن الجزائر طلبت رسميا إشراكها في التحقيق الجاري حول الواقعة من منطلق أنها ترفض الحديث عن فرضية الفعل المعزول باعتبار أن الأدلة موجودة.
شارع مشحون ضد الجزائريين والحديث عن إنزال الراية لا يكاد ينقطع
حالة غليان كبيرة تعرفها الشوارع المغربية لا سيما في مدينة الدار البيضاء، هذه المدينة السياحية بعمرانها الأوربي والتي تستقطب جنسيات مختلفة من كل أنحاء العالم، وبالرغم من نظافة الواجهة، إلا أن مظاهر البؤس مرسومة على جبين المغربي البسيط الذي سعى البلاط الملكي ليجنده بأي ثمن في حملة شرسة ضد الجزائر، يحدث هذا في الوقت الذي تبنت فيه الجزائر خطاب التهدئة وعبرت على لسان مسؤوليها عن أسفها لاعتبار شخص مثل حميد النعناع، بطلا، بل بالعكس فقد أهان هذا الشخص شعوب المغربي برمتها.
إن مظاهر البؤس في نظام المخزن الذي يريد تصدير مشاكله الداخلية والفقر المنتشر عبر الشوارع والمدن إلى الجزائر، تظهر في صورة ماسح الأحذية الذي لا يزال يحمل حقيبته ويتسول بها في كل مكان، ظاهرة »الخماسة« ، تغزو كل المهن لتهين الشعب المغربي،
والأكثر من كل ذلك السعي لتجنيده في قضية خاسرة، عدوهم فيها النظام والشعب الجزائريين.
خلال الحديث مع أي مغربي، بمجرد أن يتعرف على اللهجة الجزائرية، يسأل، أنت جزائري، فإذا الرد بنعم، يسترسل الرجل في الحديث عن العلاقات الثنائية بين البلدين وفيما حدث جراء الاعتداء على الراية الوطنية وكأنه محلل سياسي، تراها في البائع والسائق وغيرهما ممن وقعوا في فخ هذا النظام الأعمى، في البداية يقول إننا شعب واحد، وسرعان ما يسترسل في سب وشتم النظام الجزائري وكل الرموز الوطنية بحجة أن الجزائر بلد غني وتم سرقته ونهب ثرواته من طرف المسؤولين والجنرالات، ناهيك عن الحديث عن أحقية امتداد المغرب إلى تلمسان وغيرها من الولايات الجزائرية التي يفترض في مخيلتهم أنها تابعة للمغرب. وبالنسبة لكل هؤلاء فإن أفضل حاكم في العالم هو محمد السادس، فحتى الإمام والخطيب يوم الجمعة ومن كل منابر المساجد وبالأخص مسجد حسان الثاني لا يفوت الفرصة للدعاء إلى محمد السادس ووالده وأبنائه، فهل من الطبيعي أن يحتفظ هذا الشعب بكل هذا الولاء لمن يهينه؟ هي حقيقة فرضها سياسة المخزن التي نجح من خلالها أمراء البلاط من تجنيد الشهب واهلائه بالجزائر التي جعلوا منها قضية بالنسبة لهم.
أكاذيب وادعاءات على الطريقة الملكية
لم يكتف الملك محمد السادس وبمناسبة عيد المسيرة الخضراء بتوجيه خطاب معادي للجزائر، ذكر من خلاله تيندوف وربطها بحقوق الإنسان التي لم يتوقف المغرب عن انتهاكها يوما، فراح يجند حركات المجتمع المدني المغربي ضد الجزائر، زيادة على حملة الكراهية ضد الجزائريين والسعي لزرع الفتنة والشقاق بين الإخوة الأشقاء من خلال ما حدث من اعتداء على القنصلية ومقاطعة مسؤولين مغاربة ساميين لحفلة العيد الجزائري المخلد لانطلاق أول رصاصة، أول نوفمبر، فإن الحركات الجمعوية وعبر ساحات الدار البيضاء وبالتحديد ساحة مراكش المعروفة بساحة الأمم المتحدة، نصبت مكاتب مرفوقة بأناشيد وطنية وحماسية لجمع مليون توقيع ضد الجزائر والتنديد بمسؤوليها وحكامها. الجالسون على هذا المكتب كانوا يقومون بالمستحيل لجلب أنظار المغاربة وتحريضهم على التوقيع.
حملة التنديد بالجزائر لم تقف عند هذا الحد وفقط، فزيادة على خطاب محمد السادس الذي ألقاه، فإن كل الجرائد التي كانت تباع عبر الأكشاك وفي الطرق، تحمل عناوين بالبند العريض للتحريض على الجزائر، أعداء الملك وغيرها من العناوين التي يصورون فيها المسؤولين الجزائريين سواء كانوا في الحكومة أو ينتمون إلى الطبقة السياسية كوحوش تتهدد البلاط الملكي... أكاذيب وادعاءات في الصفحات الأولى تفيد بأن الجزائريين أحرقوا الراية المغربية بالجزائر، في الوقت الذي قدم فيه الجزائريون وعبر مختلف ولايات الوطن مثالا حضاريا عندما ذهبوا إلى القنصلية المغربية في غرب البلاد وتجمعوا بطريقة سلمية وحاولوا التحدث عن قيم السلام والأخوة التي تربط بين الشعبين الشقيقين، كلها دعوات للتهدئة بعيدا عن كل أساليب وأنواع العنف والتطرف التي يمارسها نظام المخزن ويحاول من خلالها الزج بالشعب المغربي فيها.
حملة محمد السادس ضد الجزائر باتت تجري مجرى الدم من العروق في المغربيين، الجميع يتحدث عن الجزائر، هذا العدو الذي كان بالأمس أخا شقيقا، تحامل غير مسبوق، يؤكد مرارا وتكرارا عمق الأزمات التي يعاني منها نظام المخزن والتي يسعى إلى تصديرها، البحر من أمامكم والعدو من ورائكم، المحيط الأطلسي من هنا والجزائر في نظرهم وراء ظهورهم، مع العلم أن الشارع الجزائري لا يحمل أي كراهية للمغربيين، بالعكس ففي الوقت الذي يتحدث فيه مسؤولون كبار عن وجود مضايقات للجالية الجزائرية بالمغرب لا سيما بعد الأحداث الأخيرة ، فإن المغربيين يحظون بكل الرعاية والاهتمام في الجزائر ولا يكاد يخلو حي من عائلة مغربية تعيش بكرامة ولا يعترض سبيلها أحد.
خلال زيارة المجاملة التي قمنا بها إلى جريدة الحركة بالعاصمة المغربية، الرباط، كان الاستقبال بكل حفاوة وكرم، وبالرغم من أنه دام دقائق معدودة، إلا أن الحديث لم يخل عن العلاقات الثنائية بين الجزائر والمغرب وظروف إنزال العلم الوطني، رئيس التحرير بدوره عبر عن أسفه لما حدث، لكن يبقى أن الشغل الشاغل هو الجزائري ومن ثم سارعت الصحفية ككل الصحفيين بطبيعة الحال لاستجوابي حول رأيي فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة التي عرفتها العلاقات بين البلدين. الزملاء الصحفيون المغاربة كانوا في المستوى والتزموا في حديثهم الحياد قدر المستطاع... زيارتي إلى الرباط كانت فرصة لزيارة سفارة الجزائر هناك التي تقع بحي حسّان، إحدى الأحياء الراقية بالرباط، هذه المدينة التي تحتفظ بطابعها الأوربي الجميل ونظافتها، سفارتنا تبعد بحوالي 200 متر عن السفارة الأمريكية.
مظاهر رفاه مزيفة وشواهد على نظام مفلس
إن مظاهر الرفاه التي تعرفها الدار البيضاء والرباط عاصمة المغرب وغيرها من الولايات لا يمكنها أن تزيل قمع النظام المغربي للحريات والحقوق، لأن هذه المظاهر هي في نهاية المطاف واجهة ليس أكثر وأي واجهة، تلك الواجهة المصدرة إلى الخارج أو تلك البنايات والملاهي الليلية التي عادة ما تكون قبلة للأجانب للعبث وتكريس السياحة الجنسية عبر شواطئ المحيط الأطلسي..بهذا تميز نظام المخزن وتفوق ليمحق كرامة المغربي ويضع نصب عينيه قضية واحدة، الجزائر دولة وشعبا، في محاولة لتمويه شعب بأكمله وإبعاده عن قضاياه الجوهرية...الرفاه الذي يباهي به البلاط الملكي ما كان ليمحو مدنا قصديرية منتشرة قرب الدار البيضاء والعاصمة الرباط وغيرها من المدن، انتشار الأوساخ وغيرها من مظاهر البؤس التي تعكس حياة الفرد المغربي وتعفن النظام المغربي الذي لم يجد غير الجزائر ليرمي عليها أوزاره ويبرر بها فشله الذريع على جميع الأصعدة.
الرحلة لم تكن سياحية كما اضطررت أن أصرح به عبر شرطة الحدود في كل مرة، كانت رحلة من أجل الجزائر، المهمة كانت شبيهة بالمستحيلة ولكن المغامرة تمت، وسأبقى أذكر دائما وأبدا تلك الشرطية التي وضعت الختم على جواز سفري حينما وطأت قدماي مجددا أرض المليون ونصف مليون شهيد، عندما سألتني الشرطية من باب الفضول عن سبب زيارتي للمغرب في هذه الأجواء المشحونة، فقلت لها بهدف السياحة لكنها لم تصدقني وتبسمت، حينها قلت لها إن الأمر واضح فردت قائلة، قصدك الراية الوطنية، قلت لها نعم، فما كان منها إلا أن قدمت لي التحية العسكرية قائلة مرحبا بك في بلدك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.