فشلت جولة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل، وحسب التصريحات الرسمية فإن ميتشل لم يفلح في إقناع الإسرائيليين بالقيام بأي خطوة توحي بأنهم سيجمدون الاستيطان، وبالنظر إلى ما قاله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في القاهرة عن قيام العرب بكل ما طلب منهم، وأن الضغط يجب أن يمارس على إسرائيل، يمكن أن نفهم أن هناك توقعا فلسطينيا عربيا لمزيد من الضغط الأمريكي عليهم. مكافأة أمريكا للرفض الإسرائيلي لمطالبها هو تنظيم مناورات عسكرية مشتركة أمريكية إسرائيلية تركز على منظومة الدفاع الصاروخي، والإعلان عن المناورات جاء بعد أيام قليلة من نشر جريدة واشنطن بوست الأمريكية معلومات عن توصل إسرائيل إلى بناء نظام للدفاع الصاروخي من أكثر النظم الدفاعية تقدما في العالم، والإعلان عن المناورات يأتي أيضا متزامنا مع زيارة سيقوم بها وزير الحرب الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك إلى واشنطن حيث من المنتظر أن يبحث قضايا تتعلق بإيران والدفاع الصاروخي ودور إسرائيل في المنظومة الأمريكيةالجديدة التي ستعوض مشروع الدرع الصاروخي. كل هذه التفاصيل تعزز العلاقة الخاصة بين أميركا وإسرائيل وتجعلها فوق الشك، فهذه العلاقة التي تجاوزت حدود التحالفات التقليدية بين الدول لا يمكن أن تتأثر بتصريحات سياسية موجهة للاستهلاك الإعلامي من قبيل دعوة الرئيس الأمريكي وأركان إدارته إسرائيل إلى وقف الاستيطان في الضفة الغربية، وتوقع تحول عميق في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل يبقى من قبيل مطاردة السراب التي لن تسفر عن شيء. التزم أوباما أثناء حملته الانتخابية بحماية أمن إسرائيل وتعزيز العلاقة معها، وقبله قطعت كل الإدارات الأمريكية، جمهورية كانت أو ديمقراطية، الالتزام ذاته، وها هي إسرائيل اليوم تتحول إلى دولة محورية في استراتيجية إدارة أوباما، ودولة تحتل هذه المكانة لا يمكن أن تتعرض لأي ضغط ولا شيء سيدفعها إلى التنازل. بقي للعرب الآن أن يقتنعوا بأن الدولة الفلسطينية لن تقوم بجولات ميتشل ولا بتصريحات أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلنتون المنتقدة لإسرائيل، ولابد أن هناك سبيلا أخرى لانتزاع الحق المغتصب.