فكرة تحويل العطلة الأسبوعية إلى يوم آخر غير يوم الجمعة طرحت في التسعينيات عندما كان الوزير الأول الحالي أحمد أويحيى رئيسا للحكومة، لأن حينذاك كان التيار الذي يوصف ب »التغريبي« أو »الإستئصالي« أو »اللائكي« يعتقد أن سبب بلاوي الجزائر كلها، من السياسة إلى الفلاحة وحتى الرياضة ومعاشرة الزوجات وقضايا الطلاق والإرهاب، وبما في ذلك الجفاف وإعادة الجدولة، والمديونية وانخفاض سعر الدينار، وتراجع أسعار البترول وغيرها ، هي بسبب العطلة .. بسبب يوم الجمعة. وركزوا على يوم الجمعة لسببين: أولا لاعتقادهم أنه يوم يسيطر فيه الإسلاميون على الشارع، مباشرة بعد صلاة الجمعة، حيث كانوا يقودون مسيرات سياسية بعد صلاة الجمعة. وثانيا بهدف كسب التأييد الغربي لهم ضد الإسلاميين ومشروعهم، حيث سوقوا أنفسهم على أنهم أقرب إلى النموذج الغربي فكريا وسياسيا. ولا زلت أذكر، وقد كنت حينها صحفي في أسبوعية الحرية ، أجريت تحقيقا حول الموضوع من صفحتين عنوانه »أويحيى يبحث عن أذنيه في رأس الآخرين«، تيمنا بالمثل الشعبي الجزائري الذي يضرب على الشخص الذي فقد البوصلة والصواب »قالوا وين راهي وذنك ؟ قالوا هاااااايلييييك«.. وبعد أزيد من 10 سنوات، تمكنت فكرة تحويل العطلة من التجسيد، فأصبحنا نعطل اليوم يومي الجمعة والسبت. وتلاحظون أن يوم الجمعة مازال يوم عطلة. وهذا لا يرضي بعض الأطراف الفاعلة وغير الفاعلة. وهكذا قرأت بالأمس في الصحافة الجزائرية أن البنوك تحضر رسميا للعطلة يوم السبت والأحد، وهي التي كانت سابقا تعطل يوم الجمعة والسبت. وقد أشرت في هذه الزاوية في مقالات سابقة، إلى أن البنوك ستعطل يوم السبت والأحد. والهدف كله هو التحضير لكي تصبح عطلة الجزائريين مثل عطل الغربيين يوم السبت وهم يوم اليهود، ويوم الأحد وهو يوم النصارى. وهذا الهدف سوف يتجسد ما في ذلك شك، رغم أن كل المبررات التي ستقدمها الحكومة واهية وغير صحيحة ، فيما يتعلق بالاقتصاد الدولي. لكن المبررات الحقيقية هي أن عطلة الجمعة والسبت بينت قصورها، فالجزائريون اليوم »ضاعوا« بين العمل يوم السبت أو لا ؟ ورغم أنه رسميا ليس هناك عمل، بدأ التوجه نحو العمل يوم السبت، لكنه لم يتضح فقط هل في الفترة الصباحية أو المسائية. وهناك أيضا ضياع تام بين من يعطل يوم الخميس والجمعة وبين من يعطل يوم الجمعة والسبت، وبين من يعطل يوم السبت والأحد، وبين من يشتغل يوم السبت ومن لا يشتغل ، وبين من يشتغل نصف السبت ومن لا يفعل، وهل إذا فعل هل يشتغل النصف الصباحي من السبت أو مساؤه ؟ .. ضياع .. تام .. تام .. تام. وهذا الضياع ناجم بسب تغيير يوم العطلة إلى الجمعة والسبت بدل الخميس والجمعة. لكنه ضياع مخطط له ومقصود، فمن خلاله سيعتمدون مستقبلا عطلة السبت والأحد . لكنهم لا يفكرون في العودة إلى اعتماد النظام القديم »الخميس والجمعة«، وبعدها سوف يتم اعتماد النموذج التونسي في صلاة الجمعة، حيث تقام عدة صلوات جمعة في اليوم الواحد، فمسجد الكبير بساحة الشهداء يؤديها على منتصف النهار، والجامع الجديد في نفس المكان على الواحدة، وجامع ابن باديس على مقربة منهما في بن مهيدي يؤديها على الثانية، وربما مسجد تيليملي على الساعة الثالثة .. الكل يصليها متى سمحت له الظروف .. وسوف يأتينا بالأخبار لم نزود .. لكن لو قررت أمريكا وفرنسا أن تعطل يوم الثلاثاء والأربعاء لاتبعناهما .. نحن وحكوماتنا .. قوم تبع ..