يُستشفّ من التصريحات الأخيرة التي أدلى بها أول أمس ل »صوت الأحرار« مسعود بوديبة العضو القيادي الفاعل في نقابة »كناباست« ونقابيين آخرين، أن ثقتهم في وزارة التربية الوطنية أصبحت شبه منعدمة، وكانت الجلسات الثلاث التي حرصت وزارة التربية على عقدها أيام الأربعاء والخميس والأحد الماضي، وانتهت إلى لا شيء السبب المباشر في تعميق الهوة بين الجانبين، وكان لزاما على أساتذة التعليم بأطواره الثلاثة العودة إلى عقد الجمعيات العامة هذه الأيام، وتصعيد الموقف بحركة احتجاجية قوية، قد تبدأ بإضراب ثلاثة أيام، وتتواصل لغاية الاستجابة الفعلية للمطالب المرفوعة. يبدو حتى الآن أن وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت ليس لها ما تُقدمه كاستجابة فعلية للأساتذة المضربين يومي 8 و9 ديسمبر الجاري، تحت لواء نقابة »كناباست«، وليس لها ما تقدمه أيضا لموظفي المصالح الاقتصادية المضربين منذ أزيد من 90 يوما، وعليه فإن الحل المأمول وفق ما يرى المتتبعون لن يكون إلا على يد الوزير الأول عبد المالك سلال، على غرار ما بادر به بالنسبة لممارسي الصحة العمومية، حين راسل مؤخرا وزير الصحة عبد المالك بوضياف، وفوّضه بترخيص استثنائي، يسمح له بتجسيد سائر الترقيات المهنية للأسلاك الطبية، المستوفية للشروط المطلوبة، وفي مقدمة هذه الأسلاك، الأطباء العامين والصيادلة وجراحي الأسنان، الذين تراجعوا عن شنّ إضراب وطني كانوا قرّرُوه لأيام 8 ، 9 و10 ديسمبر الجاري، وعن تنظيم اعتصام وطني أيضا أمام مقر الوزارة. ومن هنا، فإن الكثير من المتتبعين للشأن النقابي والتربوي يرون أنه من الأفيد للسيدة بن غبريت، ومن باب الحرص على المصلحة العليا لتلاميذ القطاع، وسائر الأسلاك العاملة تحت وصايتها أن تسعى نحو الهيئات الرسمية المعنية الأخرى، التي تشترك معها في اتخاذ القرارات التي على مستواها ، والتي هي على مستويات أخرى، وتأتي في مقدمة هذه الهيئات الوزارة الأولى، ممثلة في الوزير الأول عبد المالك سلال، وفي مُساعديه بالوظيفة العمومية، والهيئات الحكومية الأخرى مثل وزارة الصحة، ووزارة السكن، ووزارة المالية. خصوصا ونحن نعلم أن وزيرة التربية نورية بن غبريت نفسها وبعض مساعديها كانوا صرحوا أكثر من مرة، أن جزء هاما من المطالب المرفوعة هي ليست من اختصاص وزارة التربية الوطنية، بل هي من اختصاص الوزارة الأولى، والحكومة بهيئاتها المتعددة، ونذكر على سبيل المثال ضمن هذا الإطار مطلب مراجعة اختلالات القانون الخاص، الذي هو مطلب يهم سائر القطاعات، فكل القوانين الخاصة كانت مختلة ومفخخة، وتتضمن ثغرات فاضحة، ومازالت على هذه الحال حتى الآن، وكذا تطبيق قوانين طب العمل، الذي هو على عاتق وزارة الصحة. ومما سبق نقول أن إبقاء الوضع الراهن على حاله بين الوزارة ونقابة »كناباست« أمر فيه الكثير من المضيعة للوقت، وسيُلزم الوصاية بالعودة القصرية لنظام »العتبة المشؤوم«، وإحلال التشنج والفوضى محل الطمأنينة والهدوء، وهذه كلها أمور غير مستحبة، وغير محمودة، ويجب قطع الطريق عليها الآن قبل أن تخرج الجمعيات العامة المحلية التي هي قيد الانعقاد لنقابة »كناباست« بقرارات غاضبة، تضاعف من حدة التباعد في تقدير العواقب المنجرة عن هذا الوضع، وقبل أن تُحالُ قراراتها على المجالس الجهوية، وعلى المجلس الوطني للنقابة، الذي هو من الآن يتهيأ لاتخاذ موقف أكثر راديكالية من ذي قبل، وسوف لن يكون هذا الموقف سوى التصعيد وإقرار احتجاجات وإضرابات أكبر وأطول، وهذا ما هو متوقع ومُعبّر عنه من الآن، من قبل سائر النقابيين، وأساتذة القطاع. والخوف كل الخوف أن تنظمّ للاحتجاج والإضراب نقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، التي هي أيضا نقابة قوية وتمثيلية بالقطاع، خاصة وأن الجميع يعلم أنها حاليا هي في إضراب جزئي محدود عن طريق موظفي المصالح الاقتصادية، الذين هم رسميا يخوضون إضرابهم تحت وصايتها، وقد تجاوزت أيامه 90 يوما، ولا حلّ في الأفق حتى الآن، بل إن العكس هو الحاصل، حيث فاقمت الوضع بعض مديريات التربية عبر ولايات حين خصمت مدة شهر من أجور المضربين، وقامت بفصل افتراضي لبعض المقتصدين، الذين قالت بعض المصادر أن عددهم تجاوز الثلاثة والأربعين مقتصدا. ونذكر أن مطالب موظفي المصالح الاقتصادية تتمثل على وجه الخصوص في المطالبة بمنحة بيداغوجية، ومنحة التأطير والمسؤولية، وإقرار ترقيات محددة وتعويضات، فيما تتمثل مطالب »كناباست« أساسا في الترقية الآلية في الرتب المستحدثة، مع استرجاع المناصب الضائعة في التوظيف الخارجي التي قدّروها ب 12 ألف منصب عمل في الطور الثانوي، وإدماج ما اصطلح على تسميتهم ب »الآيلين للزوال« في الرتب القاعدية والرتب المستحدثة، وتطبيق قوانين طب العمل، وإصدار منشور وزاري يُمكّن الأساتذة من الاستفادة من السكن، وتحيين منحة المنطقة، وتنصيب اللجنة الحكومية المكلفة بجرد ممتلكات وأموال الخدمات الاجتماعية.