شكلت الانتخابات الرئاسية التي تم تنظيمها في السابع عشر أفريل الحدث السياسي الأبرز، خلال عام 2014، ولبنة جديدة في صرح استكمال مسار الإصلاحات وتكريس الديمقراطية وحكم المؤسسات التي وعد و شرع فيها رئيس الدولة منذ توليه الحكم، و كرست مبدأ الاستقرار والاستمرارية في مجال الإنجازات والمكاسب التي تم تحقيقها خلال ربع قرن من الزمن، ومثلت تحديا رفعه الشعب الجزائري بنجاح بالنظر إلى الظروف التي واكبت هذا الحدث الهام، سواء على المستوى المحلي أو الجهوي أو الدولي. حظي استحقاق 17 أفريل الماضي الذي أفضى إلى فوز الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعهدة رئاسية جديدة بنسبة 81.53 بالمائة، بمتابعة متميزة من طرف العديد من البلدان لاسيما تلك المرتبطة بمصالح اقتصادية مع الجزائر وكذا من طرف العديد من الملاحظين من مختلف المنظمات والهيئات الدولية وكذا وسائل الإعلام. وتنافس في تلك الانتخابات ستة مرشحين، حيث شارك فيها الرئيس بوتفليقة للمرة الرابعة على التوالي، إلى جانب كل من علي بن فليس، بلعيد عبد السلام، لويزة حنون، علي فوزي رباعين، وموسى تواتي. وبلغت نسبة المشاركة في هذه الاستحقاقات الرئاسية 50.70 بالمائة ودعي إليها قرابة ثلاثة وعشرين مليون ناخب جزائري. وبالرغم من الحراك السياسي وبعض الاضطرابات التي صاحبت سير الحملة الانتخابية للمترشحين، إلا أنها لم تؤثر على العملية الانتخابية التي جرت في ظروف جيدة وسط إصرار الجزائريين على صون أمن واستقرار بلدهم في ظل الأزمات التي تعيشها بعض البلدان العربية.ولقيت العملية الانتخابية إشادة من طرف عدد كبير من الأحزاب والجمعيات والشخصيات الوطنية من جهة ومن قبل كبار الدول في العالم من جهة أخرى. وقال الرئيس بوتفليقة في خطاب تأديته اليمين الدستورية إنه سينذر العهدة الجديدة لحماية الجزائر مما وصفها التحرشات الخارجية الداهمة بأشكالها كافة، ومواصلة الإصلاحات في شتى المجالات، على غرار "تعديل الدستور مكافحة الفساد والرشوة واستكمال مسار المصالحة الوطنية". ومن أبرز المشاريع التي حملها برنامج الرئيس بوتفليقة للعهدة الرئاسية الرابعة، مسكن لكل عائلة، منصب شغل لكل بطال، والقضاء على البيروقراطية” فيما يخص الشق الاجتماعي، ودعم الاقتصاد الوطني بغية الخروج نهائيا من التبعية لقطاع المحروقات وترقية الاستثمار من الجانب الاقتصادي، وهي الرهانات التي قطعها بوتفليقة على نفسه خلال الرئاسيات. ولتأطير البرنامج التنموي للخماسي القادم 2014 - 2019، رصدت الحكومة غلاف مالي بقيمة 22100 مليار دينار أي ما يعادل 280 مليار دولار لتمويل المشاريع التنموية المختلفة للخماسي القادم. تعديل الدستور في الواجهة لاستكمال مسار الإصلاحات شكل تعديل الدستور نقطة التقاء المترشحين الستة للانتخابات الرئاسية ل17 أبريل بالرغم من بعض التباينات التي ظهرت فيما بينهم حول معالم هذا النص المرجعي. ويعد مشروع تعديل الدستور من بين الورشات التي تنتظر التجسيد خلال هذه العهدة، حيث تم مباشرة بعد الاستحقاق الرئاسي، الشروع في مشاورات واسعة بشأنه جمعت خلال شهري يونيو ويوليو الماضيين السلطة بالعديد من الأحزاب والشخصيات والجمعيات بهدف التوصل إلى وثيقة دستور توافقي. وأكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أن الجزائر تستعد لتعديل دستورها وهي تحضر لذلك بجدية و كلها دراية بنضج الأفكار التي أفرزتها المشاورات الواسعة التي نظمت لهذا الغرض.وقرر الرئيس بوتفليقة إجراء إصلاحات دستورية لتعزيز الديمقراطية مع وضع حدود لفترات الرئيس، فضلاً عنتعزيز الفصل بين السلطات وتدعيم استقلالية القضاء ودور البرلمان وتأكيد مكانة المعارضة وحقوقها وضمان المزيد من الحقوق والحريات للمواطنين. وتنفيذا لقرارات الرئيس بوتفليقة المعلن عنها خلال مجلس الوزراء المنعقد في 07 مايو الفارط ، والمتعلقة بإجراء مشاورات واسعة قصد التوصل إلى مراجعة توافقية للدستور، عقد أويحيى بين الفاتح يونيو والثامن يوليو 114 لقاء مع شخصيات وطنية وأحزاب سياسية وجمعيات ومنظمات، وكذا مع كفاءات جامعية. وبالإضافة إلى ذلك، تلقى ديوان رئاسة الجمهورية حوالي ثلاثين إسهاما كتابيا ورد عن مسؤولين سابقين وعن جامعيين وجمعيات مختلفة.وقد حرص أويحيي على التأكيد بأن الوصول إلى الإجماع في تعديل الدستور تعد مسألة ممكنة، مستندا في ذلك إلى التقاء المعارضة و السلطة عند النقطة ذاتها و هو ما كان واضحا في قوله المعارضة تطالب بالتغيير ورئيس الجمهورية أعلن عن نفس الهدف في خطابه عقب أدائه اليمين الدستورية، كما أن المعارضة تنادي بنتيجة توافقية والرئيس بوتفليقة أعلن انه عازم على الوصول لنفس النتيجة. وتشكل المشاورات السياسية حول مشروع تعديل الدستور الأرضية التي سيتم الاعتماد عليها في مراجعة القانون الأسمى للدولة.وتأتي هذه الخطوة استجابة لتطلعات الطبقة السياسية التي سبق لها وأن أعربت عن رغبتها في تعديل عميق للوثيقة الدستورية من أجل تحديد طبيعة نظام الحكم على غرار أحزاب التحالف الرئاسي وتشكيلات سياسية أخرى مصنفة في خانة المعارضة. وكانت مشاورات حول الإصلاحات السياسية التي أشرف عليها رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح شهري جوان و جويلية 2011 لمختلف الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية و ممثلي المجتمع المدني قد سمحت بتقديم اقتراحات حول طبيعة هذا التعديل و مضمونه. أهم الانجازات في 2014.. إلى جانب الحدث الأبرز ألا وهو الرئاسيات، عرفت سنة 2014 أحداث هامة على جميع الأصعدة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. ولعل أبرزها خوض الجزائر تجربة صناعية جديدة لما تحمله في طياتها من أفاق اقتصادية واجتماعية واعدة ألا وهي تدشين أول مصنع لتركيب السيارات بمدينة وهران حيث أنتجت أول سيارة جزائرية الصنع في 11 نوفمبر من السنة الجارية، و كذا إنتاج أول سيارة مرسيدس بنز رباعية الدفع من مؤسسة تطوير صناعة السيارات بتيارت بواد شقيف تيارت تحت وصاية وزارة الدفاع الوطني. كما استقبل العمال بالكثير من التفاؤل، إلغاء المادة 87 مكرّر من قانون العمل، وهى المادة التي تنص على حساب الحد الأدنى للأجور بإدخال المنح والعلاوات قبل إخضاعها للضريبة، ما تسبب في حصول بعض الجزائريين على أجور أقل من الحد الأدنى القانوني. ومثّل تحرير الدبلوماسيّين الجزائريّين المختطفين من مقر قنصلية الجزائر بغاو المالية بعد أكثر من سنتين من الحجز بقبضة الجماعات الإرهابية، انتصارا للدبلوماسية الجزائرية، التي أكّدت ثباتها على مبادئها، بعدم التفاوض مع الجماعات الإرهابية وعدم دفع الفدية من أجل تحرير الرهائن التي وجدت فيها القاعدة والحركات الإرهابية الناشطة بالساحل منبع للتّمويل. ولعل أهم حدث شد انتباه الكل هو عمليات الترحيل التي باشرتها العديد من الولايات بعد انتظار دام سنوات، حيث عرفت الجزائر أكبر عملية ترحيل عبر كافة التراب الوطني بتوزيع أكثر من 200 ألف وحدة سكنية، نالت العاصمة حصة الأسد عبر 15 عملية ترحيل إلى غاية نهاية السنة.. وسجل عام 2014 من جهة أخرى تقدم عمليات الاكتتاب في مختلف البرامج السكنية لاسيما برنامج سكنات البيع بالإيجار الذي تشرف عليه وكالة عدل التي أنهت هذا العام عملية دفع الشطر الأول بالنسبة للمكتتبين القدامى (2001 و2002) وشرعت في تسليم الأوامر بالدفع بالنسبة لمكتتبي 2013. أما فيما تعلق بالتكنولوجيا فقد كان مجال تطوير التكنولوجيا من أولويات الجزائر في مجال الإعلام و الاتصال حيث عممت خدمة G3 في معظم مناطق الوطن من طرف متعاملي الهاتف النقال الثلاث في الجزائر.