يرى محمد السعيد رئيس حزب الحرية والعدالة أن التوقيت غير مناسب لتنظيم المظاهرات لما قد ينجم عنه من انزلاق بسبب الوضع الإقليمي المتفجر، ويقترح وزير الاتصال الأسبق على دعاة الخروج إلى الشارع الجلوس إلى طاولة الحوار مع السلطة، كما يقدم في هذا الحوار الذي أجرته معه »صوت الأحرار«، وجهة نظره بشأن المبادرات السياسية المطروحة وموقفه الشخصي تجاه مشاورات »حمس« التي يصفها ب »الخرجة المتوقعة«، ويبرز رأيه حول الجدل القائم بشأن استغلال الغاز الصخري، وقراءته للأوضاع الإقليمية التي تشهدها المنطقة. س1/ في البداية، كيف قرأتهم تصريح بعض الشخصيات المعارضة التي تروج لخطاب يحمل في طياته بذور فتنة حقيقية من خلال تقسيم الشعب الجزائري إلى شعب في الشمال وآخر في الجنوب والدعوة إلى التضامن بينهما لمواجهة استغلال الغاز الصخري؟ ليس هناك في ما قرأته من تصريحات ما يوحي بوجود نية لتقسيم الشعب لدى بعض شخصيات المعارضة، فكفانا من هذا التخوين الذي لم يسلم منه حتى الموتى. كل ما في الأمر أن هناك حراكا سياسيا عاديا اتسع مجاله برفض أهلنا في عين صالح لاستغلال الغاز الصخري في منطقتهم خوفا على صحتهم وبيئتهم، ومن الطبيعي أن يلقى هذا التخوف المشروع سواء من عين صالح أو من أية جهة أخرى من الوطن التعاطف والتأييد لأننا أسرة واحدة لا يؤثر في أبنائها البعد الجغرافي. س2/ بعض المتتبعين يرون أن الدعوة إلى اعتصامات ومسيرات يوم 24 فيفري قد يؤدي على انزلاق خطير يهدد استقرار البلاد خاصة في ظل الظروف الحالية والمخاطر التي تحيط بالجزائر من كل جانب، ألا ترون أن هذه المعارضة قد تقع في المحظور وتدفع نحو اضطرابات لن تقدر على التحكم فيها؟ إن الوضع الإقليمي المتفجر يدفعنا في حزب الحرية والعدالة إلى عدم تأييد الزج بالشعب في الشارع من أجل طرح مطالب اجتماعية وسياسية حتى لو كانت معقولة... العيب ليس في أسلوب الاحتجاج السلمي فهو ديمقراطي ومحمي دستوريا ولكنه في اختيار الظرف للعمل به، وشخصيا أرى أن التوقيت غير مناسب للمظاهرات لما تنطوي عليه من أخطار الانزلاق، وبدل ذلك أدعو إلى الحوار سبيلا وحيدا لحل المشاكل، ومسؤولية هذا الحوار تقع بالدرجة الأولى على السلطة قبل غيرها لأنها الطرف الأقوى الذي بيده الحل والربط. س3/ أثارت حركة مجتمع السلم جدلا في الساحة السياسية، بإعلانها إطلاق مبادرة وفتحها باب التشاور مع السلطة التي تشكك في شرعيتها وتدعو لتنظيم انتخابات مسبقة، كيف تعلقون على مبادرة »حمس«؟ أولا نرحب بكل جهد صادق للتقريب بين الجزائريين ويدفع بقادة الرأي فيهم إلى الالتقاء والحوار. لذلك شارك الحزب في ندوة زرالدة وأيد مبادرة جبهة القوى الاشتراكية، أما عن مبادرة »حمس« فلا تعليق سوى أن هذه »الخرجة« كانت متوقعة بناء على تجارب سابقة. س4/ بإطلاقها للمشاورات ألا تعتقدون أن "حمس" تكون قد أعطت ضربة موجعة للمعارضة، ونزعت عنها المصداقية؟ المعارضة الحزبية، وهذا نقد ذاتي، مازالت لم ترق إلى ما ينتظره منها الشعب من تجاوز للذاتية وملازمتها له في معاناته اليومية، ومما زادها ضعفا ما تعرضت له من تقزيم وتقسيم نتيجة قلة صدق أهل الحل والربط في التعامل معها بروح ديمقراطية تقبل بالتداول السلمي على السلطة، وهذا خطأ ترتكبه السلطة ضد نفسها قبل غيرها لأن المعارضة القوية تجنبها المواجهة المباشرة مع الشعب في الشارع كما هو واقع اليوم من خلال الاحتجاجات المتنقلة من ولاية إلى أخرى، ومن قطاع إلى آخر حتى أنها طالت قطاع الأمن الوطني.. س5/ كيف تقرؤون قرار جبهة القوى الاشتراكية تأجيل تاريخ ندوة الإجماع الوطني، هل توحي عن عجز الأفافاس في استقطاب الطبقة السياسية أم أن من شأن القرار إضفاء شرعية أكبر للمبادرة خاصة وأن قيادة الأفافاس أكدت سعيها كسب المزيد من الوقت لدراسة مقترحات الأحزاب؟ مبادرة حزب جبهة القوى الاشتراكية هي الأكثر واقعية والأوفر حظا في النجاح لأنها تعتبر السلطة طرفا في التغيير ولا تشترط رحيل النظام لبناء دولة القانون والحريات. وهذا عين الصواب لسببين أولهما أن تجارب الانتقال الديمقراطي الناجحة في العالم كانت ثمرة توافق بين النظام القائم والمعارضة، وثاني الأسباب أن كل أوراق التغيير في الجزائر هي بيد السلطة طالما أن المعارضة غير قادرة على تعبئة الشارع لتغيير ميزان القوة.. وليس غريبا أن تجد مبادرة بهذا الشكل معارضة في بعض الأوساط التي تخشى من الشفافية وتخشى ربط المسؤولية بالمحاسبة. لذلك فإن الأهم ليس تاريخ الندوة وإنما توفير أقصى شروط النجاح لها حتى لو اقتضى الأمر التأجيل لبضعة أسابيع. وعلى كل حال، من الأفضل أن تُشعل شمعة بدل أن تلعن الظلام. س6/ قلتم إنكم مع استغلال الغاز الصخري في الجزائر، إلى أي مدى يمكن لهذه الثروة الباطنية أن تحصن الاقتصاد الوطني وأن تعوض النفط كمصدر للطاقة؟ لم أقل إنني مع استغلال الغاز الصخري في بلادنا، وإنما قلت إنني مع الاستكشاف لمعرفة ما يزخر به باطن الأرض من ثروات طبيعية، وقلت أيضا إذا توفرت الضمانات الفنية لحماية البيئة وسلامة نقاوة المياه الجوفية، فسنكون في حاجة إلى استغلال هذه الطاقة لضمان استقلالنا الطاقوي بعد نضوب آبار البترول والغاز. فنحن بلد مستهلك للبترول والغاز ولا تدور العجلة الاقتصادية إلا بهما، في بيوتنا ومصانعنا ومستشفياتنا ومدارسنا وحافلاتنا وطائراتنا.. فمن أين سنأتي بهذه الطاقة بعد عشرين سنة عندما يجف حاسي مسعود وحاسي رمل؟، ومع ذلك أقول إن استغلال الغاز الصخري – إذا تم بكميات تجارية وتوفرت شروط السلامة- حل صالح فقط لسد حاجياتنا الوطنية وليس للتصدير حفاظا على حقوق الأجيال القادمة. إن الاعتماد على الغاز الصخري للتصدير قصد الحصول على العملة الصعبة للاستيراد خطأ لأننا في هذه الحالة نستبدل مادة زائلة بمادة زائلة، محروقات تقليدية بمحروقات غير تقليدية، وبالتالي نطيل في عمر المؤقت، فنرسخ العقلية الاتكالية التي بعثت فينا الكسل عن العمل، والحال أن المطلوب هو خلق الثروة الدائمة، والثروة الدائمة تأتي من خدمة الأرض والتصنيع والخدمات وتطوير البحث العلمي الذي يسمح بإنتاج الطاقات المتجددة بأقل التكاليف. س7/ بعض الأطراف تحاول الاستثمار في الجدل القائم بالجنوب حول مسألة استغلال الغاز الصخري، ما الدور المنوط بالسلطة لتهدئة الأوضاع وطمأنة إخواننا بعين صالح؟ يجب أن تغير السلطة سلوكها في التعامل مع المجتمع بالاستماع المباشر إليه وأخذه على محمل الجد، وعدم الاكتفاء بالتقارير المنمقة أو الأصابع المرفوعة في الدورات البرلمانية.. المجتمع مكون أكثريته من متعلمين ومتعلمات لهم رأي يُسمع ويحترم، أضف إلى ذلك أن الثورة التكنولوجية دمرت حصون الرقابة واخترقت المجالات التي كانت محظورة وجعلت الشعب مطلعا على كل ما يجري في العالم في حينه. وطالما استمر العمل دون مراعاة هذا الواقع الجديد، وبعقلية »نعمل ثم نرى« فخطر تعميق الشرخ بين الحاكم والمحكوم سيظل قائما في كل وقت، وفيما يخص تحديدا ما يتعلق بعين صالح، أعتقد أن السلطة تأخرت في تقديم التوضيحات اللازمة للمواطنين لظنها بأن ما جرى تحت قبة البرلمان كان كافيا.. فلنقلها بصراحة: هناك أزمة ثقة في البلاد بين السلطة والمجتمع والمعارضة، والمواطن أصبح يشك في كل شيء، في ما يسمعه ويراه.... إنها ظاهرة خطيرة عامة لا تساعد على إشاعة جو التفاؤل. أتمنى أن يتدارك ذلك الدستور التوافقي الذي وعد به رئيس الجمهورية بتجديد النخبة السياسية وفتح المجال لاستقطاب كفاءات وطنية جديدة تعيد الاعتبار بسلوكها لمبدأ أخلقة المجتمع وتكون بأقوالها مطابقة لأفعالها. س8/ البعض يرى أن مناطق الجنوب ضلت معزولة لسنوات رغم الجهود التي بذلت في إطار مخططات تنموية في السنوات الأخيرة فلا تزال مناطق كثيرة تعاني العزلة والتهميش، كيف ترون إمكانية إعادة الثقة لهذه المناطق وإلحاقها بالجهد التنموي الذي تعرفه بعض ولايات الوطن؟ إن شساعة هذه المناطق التي تمتد على مليوني كلم مربع (90% من مساحة الوطن) بمليوني ساكن( أقل من 1% من مجموع السكان) تجعل كل استثمار فيها قليلا كالقطرة في البحر، ليس هناك تهميش مقصود، وإلا ما معنى أن يقع الاختيار على مدينة ورقلة لتنطلق منها سياسة التوازن الجهوي بمناسبة انعقاد أول اجتماع للحكومة خارج العاصمة في عام 1966برئاسة الرئيس الراحل هواري بومدين؟. إن حرب التحرير استمرت أكثر من ثلاث سنوات من أجل منع فصل الجنوب عن الشمال، وخلالها سقط مزيد من الشهداء من كل المناطق جعلوا بدمائهم الطاهرة الوحدة الترابية وحدة مقدسة لا تتجزأ. إن ما حدث لاحقا من تراجع وتيرة التنمية سواء في الشمال أو في الجنوب، كان بسبب تخلي السلطة عن انتهاج سياسية التوازن الجهوي، وعليه، فإن الإحساس بالتهميش نجده أيضا في تفاوت مستويات التنمية بين هذه الولاية وتلك في الشمال. ليس هناك من حل لهذه الوضعية إلا بالعودة إلى تطبيق سياسة التوازن الجهوي والعدالة الاجتماعية..... س9/ كيف تقيمون قرارات الحكومة وتعاطيها مع أزمة انهيار أسعار النفط؟ سياسة شد الحزام التي قررت الحكومة انتهاجها، سواء باسم ترشيد النفقات أو التقشف يجب أن تكون قارة ودائمة حتى لو عادت أسعار البترول إلى الارتفاع، لأن الاستغناء عن الكماليات ونفقات البذخ يوفر أموالا لإنجاز مشاريع منتجة ذات المنفعة العامة. انهيار أسعار البترول فرصة حبذا لو تعرف الحكومة كيف تستغلها لتشديد محاربة التبذير والفساد وكثرة مكاتب الدراسات، والتهرب من دفع الضرائب وتهريب العملة الصعبة إلى الخارج سواء نقدا أو بتضخيم فواتير الواردات، لو قامت الحكومة فقط بهذا لوفرت مبالغ ضخمة تخفف من وطأة تراجع دخل المحروقات، ولكن هل تستطيع الحكومة حقا القيام بهذا؟ بصراحة أشك...لأن الفساد تغلغل في مفاصل الدولة والأخطر هو أن الفئة المتورطة فيه تغوَلت حتى على السلطة التي وُلدت وترعرعت في أحضانها وأصبحت تلعب دورا سياسيا مكشوفا في الحملات الانتخابية. س10/ ألا تعتقدون أن الوقت قد فات لتدارك الموقف وبعث اقتصاد متحرر من الريع البترولي خاصة بعد انهيار أسعار النفط؟ صحيح أننا ضيعنا وقتا كبيرا في اعتمادنا شبه الكلي على مداخيل النفط لتنمية البلاد وإنعاش الحياة الاقتصادية، والحال أن الجميع يدرك أن البترول مادة زائلة وسعره يحدده العرض والطلب في السوق العالمية. النفط نعمة إذا استعُمل لخلق ثروة بديلة دائمة كالفلاحة والمنشآت القاعدية والبحث العلمي...، وهو نقمة إذا اتكلنا عليه واعتقدنا بأن يوم نضوبه بعيد، وكنا كمن قال فليكن من بعدي الطوفان. على كل حال ما فات فات، والمهم اليوم هو كيف نتدارك الماضي من أجل تنويع مصادر الدخل حتى يكون لنا اقتصاد بديل ومتكامل. لا مستقبل للجزائر إلا في الفلاحة والتعليم لأن الشعب الذي يخدم الأرض لا يجوع والشعب المتعلم لا يُستعبد. س11/ ما هي قراءتكم للاحتجاجات المتكررة في السنوات الأخيرة في بعض المناطق على غرار منطقة الجنوب وغرداية بوجه خاص، هل هي حركية عادية أم أن الأمر يتعلق بما يسميه بعض المتتبعين مؤامرة تستهدف الجزائر في إطار ما يسمى بثورات الربيع العربي ؟ ثورات ما يسمى بالربيع العربي تقاطعت فيها الحسابات الأجنبية مع تطلعات الشعوب إلى الحرية والديمقراطية، ولكن مع الأسف النخب التي قادت هذه الانتفاضات، وهي غير متحزبة، لم تكن تحمل رؤية لبناء المستقبل، ربما لأنها فوجئت بسرعة انهيار الأنظمة. لذلك فلتَ من يدها زمام الأمور فتبخرت أحلامها أمام زحف القوى المحلية المحافظة تحت عناوين شتى، وتسلل الطرف الأجنبي عن طريق بعض هذه القوى المدعمة إقليميا لخنق المطالب المشروعة للشعوب، وماذا كانت النتيجة اليوم: انقسام المسلمين إلى سنة وشيعة وخوارج، واندلاع حروب أهلية في العراقوسوريا وليبيا واليمن، وانتشار تنظيمات إرهابية بتركيبات عالمية، وتهديد مصر بالانقسام الطائفي والتمزق الترابي، وتشتت الصف الفلسطيني، وزيادة رصد الاعتمادات المالية لشراء السلاح على حساب التنمية الوطنية وقوت المواطن... وهل كل هذا لصالح تلك البلدان؟ أم هو لصالح إسرائيل التي لم تكن تحلم بهذا المستوى من الضعف العربي لإحكام احتلالها لفلسطين؟ بل إن أخطر نتيجة هي تراجع الهم الفلسطيني عند الأنظمة إلى درجة اعتبار التطبيع مع إسرائيل ضروري لمواجهة إيران الإسلامية وحركات المقاومة في لبنان وغزة. وهذا يجرني إلى القول بأن اليد الأجنبية في أي بلد لا تنجح إلا إذا وجدت التربة الملائمة لها، أي إذا وجدت أعوانا لها في الداخل أو قادة الرأي فيها يستقوون بالأجنبي أو يتصرفون دون مراعاة عواقب ما بجري قريبا من وطنهم. إن مشاكل كل مناطق الجزائر قابلة للحل إذا فضلنا في مجال التسيير الكفاءة على الولاء الشخصي، وجعلنا مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ووقفنا كلنا سدا منيعا في وجه المتربصين بالجزائر، وما أكثرهم في الظاهر والمستتر، والمستتر أكثر من الظاهر. س12/ في ظل الظروف الإقليمية والدولية الحالية والأوضاع المحتقنة التي تعيشها دول الجوار، هل تعتقدون أن هناك احتمال لجر الجزائر لمستنقع الربيع العربي؟ كل الاحتمالات واردة، والعوامل الجيوسياسية تجعل الجزائر تتأثر بكل ما يجري في محيطها لأن هذا المحيط يشكل عمقها الاستراتيجي الذي لا تستطيع تجاهل ما يجري فيه. لا تنسي أن الجزائر بلد نفطي، وبلد له رصيد نضالي كبير في العالم الثالث، والنفط يجلب الأطماع والرصيد النضالي يثير الحسد لدى الأقارب والأباعد. ولا تنسي أيضا أن القدر الجغرافي والتاريخي فرض على الجزائر دورا إقليميا لا تستطيع أن تقوم به إلا إذا كانت قوة مهابة يدعمها شعب موحد وجيش قوي عصري يحسب له ألف حساب في المحيط العربي والبحر الأبيض المتوسط والساحل الإفريقي.. لذلك مطلوب تعزيز تماسك الجبهة الداخلية لتفويت الفرصة على هؤلاء جميعا، وتلك مسؤولية السلطة والأحزاب والمجتمع المدني والنقابات ولا أحد يتنصل منها إلا إذا كان معاديا لوطنه. إن الالتفاف حول قواتنا المسلحة الباسلة ورجال الأمن الأشاوس واجب وطني لحماية ظهورهم حتى يتفرغوا للدفاع عن السيادة والحدود وتوطيد الأمن الداخلي الذي لا استقرار ولا استثمار بدونه. س13/ ما هو موقفكم من الضربات العسكرية المصرية في ليبيا ردا على إعدام 21 قبطيا من طرف ما يسمى بتنظيم »داعش«؟ أولا يجب التنديد بقوة بجريمة الإعدام الوحشي ل 21 عاملا مصريا دفع بهم السعي وراء لقمة العيش إلى المغامرة بحياتهم خارج وطنهم. ليس هناك شريعة سماوية تبرر هذا العمل اللاإنساني وهو أبعد ما يكون عن الإسلام، دين المحبة والتسامح واحترام الإنسان، إن الكيان الصهيوني هو الوحيد المستفيد من مثل هذه الجرائم التي تترك الحقد في النفوس وتزرع الفرقة بين أبناء الأمة الواحدة وتشوه تعاليم ديننا الحنيف، وتلك هي غاية إسرائيل حتى ينسى العالم جرائمها في فلسطين. أما رد الفعل المصري المتمثل سواء في الضربة الجوية ضد مواقع »داعش« أو بالذهاب إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار بالتدخل العسكري في ليبيا فهو يخضع لاعتبارات داخلية. إن حل المأساة الليبية حل سياسي لأن التدخل العسكري يعقد المشكلة ويوسع دائرتها ولا يحلها، وما يجري في سورياوالعراق وقبلهما في الصومال وأفغانستان أبلغ دليل على ذلك. وأعتقد أن موقف الجزائر بتشجيع الحوار بين الأطراف الليبية هو السبيل الأسلم لتمكين الشعب الشقيق من استعادة وحدته واستقراره وطي صفحة الدماء والدموع. سؤال: هل من كلمة أخيرة؟ لا يمكن ترك القارئ الكريم دون توجيه تحية إلى العمال والعاملات في ذكرى تأميم المحروقات في 24 فيفري 1971. لقد كان ذلك القرار التاريخي الشجاع الذي فاجأ به بومدين العالم من دار الاتحاد العام للعمال الجزائريين في العاصمة في ذكرى تأسيس هذا الاتحاد، كان أبلغ تعبير عن إرادة الشعب في استكمال استرجاع سيادته واستقلاله الاقتصادي بتحرير ثرواته من الاستغلال الفرنسي. لقد تعرضت الجزائر آنذاك لحملة عالمية شعواء ومقاطعة لتسويق بترولها باعتباره بترولا »أحمر استولت عليه الجزائر بغير وجه حق«...وكأنها كفرت عندما رددت على لسان بومدين »قررنا تأميم البترول والغاز..«. ما أحوجنا اليوم إلى استلهام الدروس والعبر من تلك القرارات فلنتعاون جميعا على مواجهة تحديات البناء والتنمية والدفاع عن كرامة الوطن.