لا يجب حصر دور الإعلام في نشر الثقافة الأدبية فحسب لأن أدواره متعددة ومتداخلة، ومن جهة أخرى فإنه لا يجب أن يكون دوره نشره الثقافة الأدبية إلاّ باعتبارها رافدا من روافد الثقافة، لأن ما نراه من معاينتي التي تمتد لأكثر من ثلاثين عاما للصحافة والثقافة في هذا البلد تشي باتجاه واحد غالب فيها هو تغطية المشهد الأدبي فحسب كما لو أن الثقافة هي الأدب فحسب، ولا يحتاج هنا الموقف لتوضيح مسألة الالتباس الحاصل، لأن الثقافة والتثاقف هما من أهم وظائف الإعلام إلى جانب لوظيفة الإخبارية ضمن الوظائف الست، أو الثماني كما يعرفها تقرير اليونسكو الشهير لعام 1973، عموما فإن الإعلام في الجزائر يقوم بدوره في نشر الثقافة الأدبية من باب التغطيات الإخبارية العادية والتي تتميز بالسطحية بينما لا يمنح القدر الكافي من الوقت والمساحة والجهد لنشر الثقافة الأدبية العميقة في شكل أدوات وحوارات وتحقيقات ومتابعات أدبية وفنية أو في شكل ملاحق جادة أسبوعية أو يومية. هكذا يبدو الدور والمفهوم الحقيقي الذي رآه ونظّر له مارشال ماكلوهان أبعد عن التأثير في مهدنا العام، لأن آثار وسائل الإعلام على المستوى الثقافي أشد مبلغا لأنها تؤثر على طبيعة الثقافة نفسها وليست مجرد ناقل أو شاهد أو أداة تعبير.. هناك إكراه كبير على الإعلام الثقافي في الجزائر من جانب المال والإشهار ناهيك عن السياسة مع أن الثقافة يمكنها أن تصلح ما أفسدته السياسة ولكن بإعلام محترف وجريء وذي مصداقية وليس بالسطحية والارتجال وسد فراغ المساحة في الجريدة أو الشبكة البرامجية والإذاعية.. الإلهام ضرورة والوعي حتمية من أجل تحقيق الدور الحضاري الكبير للإعلام في هذا البلد المفتوح على تسطيح لمعنى والشللية و الادعاء. أما بعد: »هل هي قضية حظ ؟ أم صدفة حتى في الأدب هنالك من تأتيه الشهرة متأخرة جدا وبعد أن تكون روحه احترقت تماما وجربت كل انواع اليأس والقنوط وهنالك من مِن اول نص يصبح اشهر من نار على علم؟