يكثر الحديث عن اختطاف الأطفال و ضرورة تسليط أقسى العقوبة على الجناة في حراك اجتماعي يشي بالوعي و ضرورة القضاء على الظاهرة الخطيرة، غير أنه قلما يثار الحديث وضعية الطفولة عموما في هذا البلد خاصة ما يقع خارج دائرة الشرع والقانون. يتعلق الأمر أولا بالارتفاع المتزايد سنويا لعدد المواليد غير الشرعيين في الجزائر، إذ انتقل الرقم عام أكثر من 50 ألف مولود معظمهم يولدون خارج المستشفيات وعيادات الولادة حسب الجمعيات الخاصة بالطفولة المسعفة. الرقم مرعب ويشير إلى ما تعانيه هذه الفئة من حيث وضعيتها وضياعها من حيث إثبات النسب والتكفل بها من قبل الدولة والمجتمع. » ابن مجهول« هي الصفة الإدارية التي توضع على شهادة ميلاد هؤلاء الأطفال المساكين الذين لا ذنب لهم ويدفعون مع ذلك ثمن أخطاء الكبار وحماقاتهم في أكثر الحالات، باستثناء النساء اللائي يتعرضن للاعتداءات الجنسية أو الاغتصاب كما حدث في العشرية السوداء أو الحمراء..لا فرق.. ! هذه المشكلة الكبيرة دفعت الجمعيات المعنية إلى طلب تدخل السلطات العليا لإعادة النظر من الناحية التشريعية واللوجستية في هذه الفئة قصد تمكينها من حقوقها وضرورة إعادة النظر في كيفية تسجيل الطفل المسعف على شهادة ميلاده، وإدراج كلمة »مكفول« بين قوسين على نفس الوثيقة عوض »ابن مجهول« وما يقتضيه ذلك من تغيير في الصفة القانونية وتبعاتها الاجتماعية والأخلاقية على الطفل المسعف واندماجه في المجتمع. اللافت أنه وقبل سنوات وعندما كان ولد عباس وزيرا للتضامن الوطني تحدث عن مشروع قانون للتكفل بهذه الفئة وإثبات النسب بالحمض النووي وإلزام الأب بعد ذلك بحجة القانون، وقد تسرب المشروع إلى الصحف، غير أن لا شيء ترسّم، وذهب المشروع مع الريح، بذهاب ولد عباس إلى وزارة الصحة. هناك تفاصيل كثيرة، والشيطان يكمن في التفاصيل كما يقال، إذ تتخلى الأم العازبة عن ولدها بدون معلومات تفصيلية كثيرة، حتى إن معظم الأطفال يجدون صعوبات في الوصول إلى أمهاتهم فيما بعد، وأما الأب فموضوع آخر.. تبدو الدولة في حالة تخلّ عن هؤلاء، ومع أن الإسلام يحض على الاجتهاد وإيجاد حلول لهذه الفئة من باب أنه لا تزر وازرة وزر أخرى، يدفع الأطفال الثمن غاليا من أعمارهم وسعادتهم، وتتخلف الدولة عن إيجاد البدائل ووضع التشريعات، خاصة في ظل برلمان لا يقترح شيئا إلاّ أن يرفع النواب أيديهم أمام قوانين الجهاز التنفيذي، وما عدا ذلك هي حمى أخرى في اتجاهات أخرى غير الاهتمام بالطفولة ومحاولة الحد من ظاهرة الأمهات العازبات، وبدل ذلك يبقى العويل على الاختطاف وفقط. أما بعد: » الشغل المليح يطوّل«