لا يختلف اثنان على أن "الأفلان" هو صانع الحدث هذه الأيام من خلال حركيته السياسية المتعددة الأوجه والنشاطات الرامية إلى تعبئة مناضلي الحزب ومنتخبيه في كل المستويات، وتجنيد كل القوى والفعاليات والجمعيات والشخصيات الوطنية من أجل بناء جبهة وطنية قوية تكون درعا منيعا وجدارا متينا في مواجهة كافة التهديدات والأخطار المحدقة بالبلاد. إن قيادة الأفلان في حركة دؤوبة منذ المؤتمر العاشر يحدوها السعي الدائم إلى إرساء دعائم وفاق وطني يجمع كل الغيورين على استقلال وسيادة الجزائر وحماية استقرارها وضمان استمرارية مسار الإصلاحات في أجواء من السلم والمصالحة بكل أبعادها لتفويت الفرصة على المتربصين بالجزائر دولة وشعبا ووحدة وطنية سواء أكانوا من الداخل أم من الخارج. هذه الحركية التي يقودها الأفلان لم تقتصر على النشاط الداخلي للحزب، بل تعدته إلى جبهات وطنية عديدة، حيث كان للحزب العتيد الدور المحوري في مناقشة والمصادقة على قانون المالية لسنة 2016 والذي أثار الكثير من الجدل واللغط السياسي والإعلامي، إلا أن الأغلبية التي يتوفر عليها الأفلان في المجلس الشعبي الوطني حسمت الأمر وتمكنت من تمرير القانون رغم المناورات التي قامت بها المعارضة التي كالت الاتهامات الباطلة لحزب الأغلبية في الغرفة السفلى موجهة انتقادات لاذعة لنواب الأفلان ومن سار في ركابهم بدعوى أن قانون المالية الجديد في غير صالح الشعب لما تضمنه من إجراءات فرضتها الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد اقتصاديا واجتماعيا. الجبهة الأخرى التي لم يدخر بشأنها الأفلان أي جهد تتمثل في الاستحقاق الانتخابي الذي ستعرفه قريبا الغرفة العليا للبرلمان أي التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة، والذي يشكل محطة هامة بالنسبة للحزب العتيد الذي يراهن وبقوة على كسب الأغلبية في هذه الهيئة من خلال مرشحيه الذين اختيروا بعناية فائقة وبصفة ديمقراطية عبر الصندوق. هذه المعركة الانتخابية تكتسي طابعا حيويا للأفلان لأنه في حال الفوز بالأغلبية سيعزز مكانته في المجالس المنتخبة المحلية والوطنية ويدعم مكانته الريادية على الساحة السياسية الوطنية بما يمكنه من قيادة قاطرة الإصلاح والتغيير بما يخدم مصالح المواطن والوطن لاسيما من خلال التمكين لمقترحاته في التعديل الدستوري القريب، وكذا تعزيز الالتفاف حول إنجاز برنامج رئيس الجمهورية في الميدان. ليس كل هذا فحسب، إنما هناك المبادرة السياسية التي طرحها الأفلان في الميدان لتحتضنها العديد من الأحزاب التي تعدت الثلاثين حزبا حتى الآن والعديد من الجمعيات التي فاق تعدادها الثلاثمائة وهو مؤشر قوي على مدى الالتفاف حول هذه المبادرة الجامعة المفتوحة على كل من يهمه العمل على حماية أمن واستقرار البلاد بعيدا عن الإقصاء والمناورة السياسوية التي تحاول المعارضة من خلالها زرع الشكوك والتحريض على فوضى الشارع في مرحلة تتسم في نظر الجميع بالتهديدات الأمنية الإرهابية على الحدود وباشتداد الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انهيار السوق النفطية العالمية، وبالتلويح بموجة من الاحتجاجات الاجتماعية والإضرابات العمالية التي من شأنها أن تأتي على السلم الاجتماعي الذي تحقق في ظل البحبوحة المالية. إن بوادر الأمل ماتزال قائمة في نظر المتفائلين بقدرة الجزائر على تجاوز هذه المرحلة العصيبة إذا تضافرت إرادات كل الخيّرين الغيورين على هذا الوطن عكس أولئك الذين يزرعون الخوف ويروعون الشعب عبر نظرتهم التشائمية التسويدية لحاضر ومستقبل البلاد، وهم في الواقع عاجزون عن طرح البدائل وتقديم الأفضل للوطن والمواطن، وما فتئوا يعلقون شماعة فشلهم على غيرهم من الذين يريدون إعلاء شأن الجزائر والنأي بها عن كل المخاطر التي تتربص بها من الداخل ومن الخارج. إن الجزائر في هذه المرحلة في أحوج ما تكون إلى إرادة أبنائها للعمل على حماية استقلالها وسيادتها واستقرارها في كنف التوافق والانسجام، وليس من مصلحة أي كان أن يقف في وجه أو يعرقل إقامة جبهة وطنية داخلية قوية تكون بمثابة الجدار الواقي والسد المنيع الذي تتحطم على صلابته كل المؤامرات الرامية إلى الزج بالجزائر في متاهات الفوضى والعنف الذي لم تجن منه الشعوب العربية سوى الدمار والخراب باسم "الربيع العربي"؟