مع إعلان وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات السعيد بركات عن الشروع قريبا في تلقيح 20 مليون شخص باللقاح المضاد لفيروس أنفلونزا الخنازير، مازال الكثير من المواطنين بين مد وجزر تجاه قبول أخذ هذا اللقاح أو رفضه، خاصة بعد ما تداولته بعض وسائل الإعلام الغربية عن وجود مضاعفات جانبية للقاح، في وقت يؤكد فيه أطباء وصيادلة أن ما يروج حول مضاعفات هذا اللقاح غير صحيح، وهو مجرد تضخيم إعلامي. لم تفلح تطمينات منظمة الصحة العالمية التي تؤكد في كل مرة على أن اللقاح المضاد لوباء أنفلونزا الخنازير لا يسبب الوفاة أو الأعراض الجانبية كما يتم الترويج له من طرف بعض وسائل الإعلام الغربية، في إقناع الناس عبر مختلف بلدان العالم بقبول هذا اللقاح، وعلى الرغم من أن ماري بولي كايني خبيرة اللقاح بالمنظمة قد أكدت في تصريحات لها أن لقاح الأنفلونزا الوبائية على نفس درجة الأمان المرتفعة للقاح الأنفلونزا الموسمية، وأن التحقيقات أثبتت أن وفاة عدد محدود من الأشخاص عقب تطعيمهم ضد أنفلونزا »اتش1ان1« الوبائية لم تكن بسبب اللقاح، إلا أن نسبة عالية من الناس يرفضون التلقيح، وتشير إحصائيات إلى أن 46 في المائة فقط في المتوسط ممن يعرض عليهم التطعيم يوافقون على تلقيه. والجزائريون على غرار بقية شعوب العالم برفض عدد كبير منهم التلقيح على اعتبار أن هذا اللقاح جديد ولم يستعمل من قبل على بني البشر وبالتالي فإن هناك إمكانية كبيرة في أن تكون له أعراض جانبية، وعليه وخلال جولة صغيرة قادتنا إلى شوارع العاصمة أمس بدا جليا أن المواطنين متخوفون من هذا اللقاح الجديد. الموت أهون من لقاح مجهول أكد الطالب محمد أن فعالية هذا اللقاح في التصدي لانتشار وباء أنفلونزا الخنازير تبقى مشكوكا فيها، مقدما مثالا على ذلك دولة سلوفينيا التي بها 300 ألف ساكن تضم 150 ألف مريض أي نصف السكان، وهذا على الرغم من استعمال اللقاح. ومن جهته، أوضح الطالب بكلية الآداب واللغات الأجنبية ببوزريعة مهدي أنه يفضل الموت بالوباء على أن يتعرض لأثار جانبية جراء اللقاح قد تؤدي به إلى أن يكمل حياته معاقا، وأضاف المتحدث أنه لا توجد أية ضمانات تشجع على قبول التلقيح بهذا اللقاح الجديد، مجددا تأكيده على أن الموت يبقى أفضل من الحياة بأعراض جانبية تجهل إلى حد الآن درجة تأثيرها. وتلعب الأنترنت - حسب » ز، و« التي رفضت ذكر اسمها الكامل- دورا كبيرا في الترويج لفكرة أن اللقاح المضاد لأنفلونزا الخنازير قاتل أو له آثار جانية، مؤكدة أنها تلقت شخصيا عددا من الرسائل التي تؤكد أن هذا اللقاح قاتل، وأنه يتسبب في أعراض جانبية قد تؤثر على صحة الإنسان، واعتبرت المتحدثة أن هذه الرسائل تقدم أمثلة عن وجود بعض الحالات في عدة دول تعرض أصحابها إلى الموت أو تحولوا إلى معاقين جراء استعمال هذا اللقاح، وعن مدى استعداد « ز، و«لأن يتم تلقيحها باللقاح المضاد لوباء أنفلونزا الخنازير أكدت المتحدثة أنها تبقى متحفظة تجاه هذا الموضوع حتى تقتنع بسلامة تلقي هذا اللقاح، وبأنه على درجة عالية من الأمان. نفضل الوقاية على العلاج أما الطالب أسامة بجامعة بوزريعة فكانت له فكرة أخرى وإن كانت تصب في نفس الاتجاه، حيث أوضح أنه لن يقبل بأن يلقح بهذا اللقاح، لكنه في الوقت ذاته يؤكد على أن أفضل حل لمواجهة هذا الوباء هو الوقاية التي تبقى كما يقول المثل خير من العلاج، فالنظافة الدائمة والحرص على إبقاء الفرد معزولا عن كل ما يشك في أنه قد يسبب المرض من شأنها أن تضمن السلامة من الإصابة بهذا الوباء. لا أريد أن يلقح ابني ويبدو أن ما تروج له بعض القنوات الإعلامية عبر شبكة الأنترنت أو غيرها قد بدأ يأخذ منحى آخر، فقد انتقلت عدوى التخوف من استعمال اللقاح المضاد لأنفلونزا الخنازير قد طالت أيضا اللقاح الخاص بالأنفلونزا الموسمية، حيث أكدت لنا إحدى الأمهات التي تحدثت إلينا ورفضت هي الأخرى ذكر اسمها أنها لن تسمح حتى لطفلها ابن التسع سنوات بأن يلقح بلقاح الأنفلونزا الموسمية، خوفا من أن يكون هذا اللقاح ذا آثار جانبية هو الآخر. وإذا كان الخوف من اللقاح المضاد لوباء أنفلونزا الخنازير هي الإجابة التي وجدناها لدى حديثنا مع عدد من المواطنين، فإن بعض الصيادلة ممن تحدثوا إلينا باحتشام، أكدوا أنهم لا يعرفون شيئا عن هذا اللقاح الذي لم يتم تزويدهم به بعد، مؤكدين أنه تم تزويد الصيدليات ببعض اللافتات التي تتضمن أساليب وإجراءات الوقاية من الإصابة بهذا المرض، غير أن هؤلاء الصيادلة قد دعوا المواطنين المتخوفين من هذا اللقاح الجديد إلى عدم تصديق كل ما يقال من طرف بعض وسائل الإعلام، مؤكدين أن الحكم على فعالية هذا اللقاح لا يكون إلا من خلال التجربة. تضخيم إعلامي ليس إلا رأي الصيادلة تحدث عنه بإسهاب البروفيسور محمد خياطي الذي قال في اتصال هاتفي مع » صوت الأحرار«أن الشارع الجزائري واقع تحت تأثير وسائل الإعلام الفرنسية، حيث أن هناك جدلا حادا في فرنسا هذه الأيام حول فاعلية هذا اللقاح وعن ما إذا كان له أعراض جانبية أم لا، وأضاف المتحدث أن ما تقدمه الحالات المرضية المصابة بهذا الوباء من مضاعفات أكبر من المضاعفات التي قد يقدمها هذا اللقاح، حيث أنها تمثل حالة واحدة ضمن مليون حالة. ومن جهة أخرى، أوضح خياطي أن هناك نوعين من اللقاح الخاص بوباء أنفلونزا الخنازير أحدهما له زائداته، والأخر بدون زائدات، وعلى المواطنين الذين يعانون من حساسية معينة أن يستعملوا النوع الثاني لتفادي حدوث أية مضاعفات، ومن جهة أخرى أشار المتحدث إلى أنه قد تم تلقيح الملايين من الناس بهذا اللقاح في كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا، ولم تكن هناك أية مضاعفات، فالأمر لا يعدو أن يكون مجرد تضخيم إعلامي. ولعل خلاصة القول التي نخرج بها من كل هذا هو أن وزارة الصحة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى -وخاصة بعد إعلان اقتراب بداية التطعيم بهذا اللقاح الجديد- إلى أن تقوم بحملة إعلامية واسعة النطاق من أجل الترويج لهذا اللقاح الجديد، وهذا بالتوازي مع الحملة التي تقوم بها حاليا من أجل الحد من انتشار الوباء.