يتملكك الرعب وأنت تقرأ ما تنشره بعض الصحف عن انتشار مرض أنفلونزا الخنازير في الجزائر، فقد وصفت بعض الجرائد الأمر بأنه الموت القادم وكأننا نتحدث عن الطاعون في العصور الغابرة. البعض اجتهد في تصوير القصور الذي يميز تعامل السلطات المعنية مع المرض، وآخرون أعادوا نشر ما كتب هنا وهناك، منذ شهور، عن مخاطر التلقيح من المرض، وكل ما يقال في النهاية يؤدي إلى نتيجة واحدة هي نشر الذعر الذي قد يصبح أكثر فتكا من الفيروس في حد ذاته، ومرة أخرى نكتشف أننا أمام مرض خطير يجب أن نسرع في معالجته اليوم قبل الغد، وهذا المرض هو غوغائية الصحافة التي تجلت في أبشع صورها من خلال الاستغلال البشع للمنتخب الوطني لكرة القدم. لو سألت ما البديل عن التلقيح ضد إنفلونزا الخنازير فلن تجد جريدة تقدم لك إجابة مقنعة، فالنوع الجديد من الإعلاميين الذين تعج بهم الجرائد الكثيرة يهتم بطرح الأسئلة بدل تقديم المعلومات التي تساعد على الاقتراب من الجواب، وتسويد الوضع ونشر الرعب أصبح هدفا في حد ذاته، تماما مثلما كان تقديم أخبار المجازر المفجعة تجارة رائجة في سنوات الدم والفوضى، واليوم هناك من يجعل من إنفلونزا الخنازير وباء قاتلا لا نملك إلا أن نستسلم له لأن هناك من يجزم بأن اللقاح قاتل أيضا، ولا أحد يتوقف اليوم ليسأل، هل يمكن لدولة مثل الولاياتالمتحدة أو ألمانيا أن تقدم على قتل مواطنيها بهذا اللقاح من خلال الحملات التي تم إطلاقها منذ فترة غير قصيرة ؟. في حالات الذعر يتوقف الناس عن إعمال العقل، وفي لحظة التشبث بالحياة يغيب المنطق السليم. هذه هي القاعدة التي يحتكم إليها المبشرون بالفناء من الذين لا يقيمون للكلمة وزنا ولا يعرفون لها حقا، وهكذا استلمت الغوغاء زمام الأمر وراحت تضغط على لوحة المفاتيح، بعد أن فتها زمن القلم الجميل، نافثة سما قاتلا دون أن تدري أن غوغاء الصحافة تقتل أكثر من أنفلونزا الخنازير ومن الأيدز وكل الأوبئة التي نعرف ولا نعرف.