دعا فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان الحكومة إلى اتخاذ إجراءات جديدة تلزم من خلالها الإدارة والأفراد بتشغيل التائبين وعدم حرمانهم من الحصول على منصب عمل بسبب نشاطهم في الماضي في صفوف جماعات مسلحة، كما اقترح قسنطيني إعادة الاعتبار للمفقودين من خلال اعتذار توجهه الدولة لذوي المفقودين. أجاب رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان أمس عبر أمواج القناة الإذاعية الأولى في الذكرى ال61 لإطلاق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على مختلف الأسئلة ذات الصلة بملف حقوق الإنسان في الجزائر منها المصالحة الوطنية والتقرير السنوي الجاري التحضير له حول وضعية حقوق الإنسان في الجزائر والذي سيرفع لاحقا إلى رئيس الجمهورية. في موضوع المصالحة الوطنية، اعتبر قسنطيني أن المشروع حقق أهدافه بنسبة 90 بالمائة، أما بقية الأهداف فتواجهها العراقيل الإدارية والبيروقراطية رغم وجود الإرادة السياسية لتسوية ومعالجة كل مخلفات الأزمة الأمنية التي عرفتها البلاد خلال العشرية المنقضية، واستشهد المتحدث بالعراقيل والصعوبات التي واجهتها عائلات المفقودين في تحصيل التعويضات التي أقرتها الحكومة في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لهذه الفئة، قائلا: إن أغلب المعنيين من كبار السن والأميين بينما الإدارة لم تراع هذه العوامل وضاعفت من معاناتهم في الحصول على التعويضات. وفي سياق ذي صلة اعتبر المتحدث أن التعويضات التي أقرها ميثاق السلم والمصالحة الوطنية هي الحل المعقول لملف المفقودين، وقال إن لجنته ناضلت طويلا في سبيل ذلك، مقترحا في المقابل رد الاعتبار لهذه الفئة، ودعا إلى عدم الخلط بين المفقود والإرهابي، لأن المفقود هو مواطن عادي شاءت ظروف معينة أن يكون مصيره الفقدان، ومن وجهة نظر قسنطيني فإن الطريقة التي يمكن إعادة الاعتبار من خلالها للمفقودين هو أن تعتذر الدولة لعائلات وذوي المفقودين، مشددا على أنهم بحاجة لهكذا لفتة من الدولة، ومعلوم أن بعض الدول التي عانت من إشكالية الفقدان القسري خلال الأزمات وجهت رسائل اعتذار لعائلات المفقودين، على غرار ما فعل الرئيس الأرجنتيني الأسبق. وفي ملف المصالحة، وردا على سؤال يتعلق بالتائبين، أثار قسنطيني المشاكل التي تواجه عددا كبيرا منهم خاصة أزمة السكن والبطالة لأن لا أحد يوافق على تشغيلهم أو طردهم من العمل لمجرد معرفة ماضيهم في العمل المسلح، ودعا قسنطيني الحكومة لأن تبادر بإجراءات جديدة تكون بمثابة دفع لمسار المصالحة، تلزم من خلالها الإدارات والأفراد بتشغيل التائبين وعدم إقصائهم من العمل بسبب نشاطهم السابق في جماعات مسلحة، مع أن العديد منهم تخلى عن السلاح منذ ما يقارب عشر سنوات، وبرر قسنطيني موقفه بأنه يدافع عن المصالحة أولا قبل أن يدافع عن التائبين، لأن الهدف الأول للمصالحة هو إدماج الجميع وعدم ترك أي مواطن على الهامش ، معتبرا أنه قد حان الوقت لتغيير الذهنيات. وبخصوص مطلب العفو الشامل، جدد قسنطيني موقفه المؤيد لهذا المطلب، وقال إنه لا يستبعد أن يلجأ الرئيس بوتفليقة لهذا الحل لأنه لا يوجد للجزائر مخرجا غيره، لكنه في المقابل يرى قسنطيني عدم الاستعجال والتريث قليلا وأن الأمر بيد رئيس الجمهورية، هو يقرر الموعد المناسب لمثل هذه الخطوة، كما رجح أن يستفتي بوتفليقة الشعب الجزائري قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة.