اشتدت سياسة القبضة الحديدية بين وزارة الصحة والنقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، التي تضم الأطباء العامين والأخصائيين، والصيادلة، وجراحي الأسنان، بشأن الإضرابات التي خاضها هؤلاء لمدة شهر على فترات متقطعة، من ثلاثة أيام أسبوعيا، ويريدون من جديد الدخول بداية من يوم غد الأحد في إضراب مفتوح، في الوقت الذي طالبهم فيه وزير الصحة السعيد بركات بالانصياع لقرار العدالة، الذي قضى بعدم شرعية الإضراب، وألح عليهم بالتجند صفا واحدا لمكافحة أنفلونزا الخنازير، التي بات خطرها يهدد الجميع. من خلال ما جاء في حصة تحولات الإذاعية يوم الأربعاء الماضي بشأن الإضراب الوطني للأطباء العامين والأخصائيين، والصيادلة، وجراحي الأسنان، الذي خاضوه بشكل متقطع، من ثلاثة أيام كل مرة على امتداد أربعة أسابيع ماضية، يبدو أن وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات السعيد بركات ليس له أصلا ما يمكن أن يمنحه لهؤلاء المضربين، وهو الآن لا يرى أية جدوى من مجرد الجلوس والتفاوض معهم بخصوص المطالب المهنية الاجتماعية التي رفعوها له وللسلطات العمومية المعنية منذ وقت ليس بالقصير، وهو في قرارة نفسه يعتقد أن حلول المطالب المطروحة تتجاوزه. وزير الصحة يرى أن المطالب المرفوعة التي يريدها ممارسو الصحة العمومية، قد تكفلت بها وزارته، حيث أنها أعدت بالتعاون مع نقابات القطاع ما أمكن إعداده بالنسبة للقانون الخاص، ونظام المنح والتعويضات أيضا، وغيرها من المطالب الأخرى، ومن ثم فلا داعي للقلق، في حين ترى النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، التي يرأسها الدكتور الياس مرابط، أن الأمر ليس كذلك، حيث أن وزارة الصحة وعدت وأخلفت، إذ سبق لها أن استقبلتهم في لقاء قبل بضعة أسابيع، وجرى بينهم وبينها نقاش وحوار، أظهرت فيه هذه الأخيرة أنها على استعداد لاستقبالهم مرة أخرى، من أجل تسلّم مقترحاتهم مكتوبة بخصوص ما يطالبون به، ولكن مثلما يقول الدكتور مرابط رئيس النقابة، حين عاد ممثلو النقابة إلى الأمين العام للوزارة، قصد مقابلته مثلما تم الاتفاق على ذلك، رفض استقبالهم وإجراء لقاء معهم، وهذا حسب الدكتور مرابط هو الأمر الذي ضاعف من غضب هذه الشرائح العاملة بالقطاع الصحي العمومي، ودفع بها لاتّباع خيار تصعيد الاحتجاج والإضراب، وقد قاموا نهار الأربعاء المنصرم بتنظيم تجمعات أمام مقرات مديريات الصحة عبر مختلف الولايات، وضمن هذا الشكل من الاحتجاجات قام حوالي 30 ممارسا بالتجمع أمام مقر مديرية الصحة لولاية العاصمة، لاستشعارها بضرورة التحرك من أجل مساعدتهم فيما يطالبون به ولائيا ووطنيا، وقد قاموا بإيداع لائحة المطالب على مستوى مكتب التنظيم. ومثلما هو مقرر، فإنه ينتظر أن تشرع النقابة في تنظيم تجمعات وطنية كل يوم أربعاء، أمام مقر وزارة الصحة، يشارك فيها ممثلو الولايات، ويكون هذا بشكل مكمل للإضراب المفتوح الذي سيشرع فيه بداية من يوم الغد، وفق ما قرره المجلس الوطني للنقابة في آخر دورة استثنائية له بالعاصمة. ولأن وزارة الصحة مازالت تمانع في اللجوء إلى الإضراب من أجل انتزاع المطالب، ومقتنعة من أن العدالة بوضعها الحالي سوف لن تحيد عن القرار الذي سبق لها أن اتخذته إزاء الإضراب السابق، بكونه غير شرعي، فإنها من دون شك سوف تلجأ إليها من جديد، وتشرح لها الوضع، وتركز في ذلك أكثر على خطر أنفلونزا الخنازير، الذي يتهدد الجميع في الجزائر. وحسب ما كان صرح به المسؤول الأول في النقابة، فإنه إن استمر الوضع على ما هو عليه مع وزارة الصحة والسلطات العمومية المعنية، فإن المجلس الوطني للنقابة قد يجد نفسه مضطرا للتعامل مع الأوضاع الصحية الحالية بمنطق جديد، قد يذهب لحد الامتناع عن منح اللقاحات الدورية للأطفال، وخفض المستوى الحالي للحد الأدنى للخدمات الصحية الاستعجالية، وهذا هو منطق القبضة الحديدية بين الجانبين، الذي لا يتمناه المواطن والمريض في الجزائر.