تملكني الذعر وأنا أقرأ ما نقلته الصحف عن الأمين الوطني للأفافاس كريم طابو، والمحامي الشهير الأستاذ مصطفى بوشاشي عن الانفجار العظيم الذي هو على وشك الحدوث في الجزائر بسبب ما سمياه حالة الضعف والتمزق غير المسبوقة التي تعيشها السلطة. والحقيقة أن من يراجع خطاب جبهة القوى الاشتراكية سيجد أن الانفجار العظيم كان من المفترض أن يحدث قبل عشرين سنة على الأقل، أما السنوات العشر الأخيرة فقد قضاها من تعاقبوا على قيادة الحزب منذرين بيوم الهول الكبير الذي لم يأت وقد لا يأتي أبدا، وما نقوله عن الأفافاس ينسحب أيضا على كثير من الشخصيات السياسية والمثقفين والإعلاميين الذي يتبنون نفس الخطاب ويجتهدون في تقديم الأدلة التي تعطيه مزيدا من المصداقية، وبكل صراحة هناك كثير من المؤشرات التي تجعل هذا الكلام منطقيا من وجهة نظر التحليل السياسي الصرف، لكن السؤال هو ما العمل ؟. الإجابة على هذا السؤال لا نجدها عند طابو أو بوشاشي، والحديث عن حوار وطني بصيغة التعميم التي تحتمل كثيرا من الغموض ليس الإجابة المطلوبة، فالمجتمعات التي تكون في مواجهة الانفجار العظيم والوشيك لا تملك الوقت الكافي للحوار، بل إن الحوار في أوضاع الذعر العام التي تصاحب مثل هذه الكوارث لا يكون له نفع كبير، ومن هنا فنحن في حاجة إلى حل عملي قابل للتطبيق بسرعة، وللأسف ليس هناك في الجزائر من يجرؤ على القول بأنه يملك أدنى تصور عن هذا الحل. الوضع يتطلب رؤية أخرى، فالانفجار لن يحدث اليوم أو غدا، وعلى الذين يريدون أن يفهموا ما يجري أن ينزلوا إلى الأرض للاقتراب أكثر من المجتمع الذي يعيشون فيه، وإذا أردنا أن نكون أكثر قربا فعلينا أن نطرح سؤالا بسيطا على كريم طابو، ما هي القوى السياسية التي يسميها نزيهة ؟ إذا استطاع أن يسمي حزبا يمكن للأفافاس أن يتحالف معه حول قضية الحوار الوطني هذه نكون قد قطعنا شوطا مهما على طريق التغيير. نحن من أنتج النظام القائم بصرف النظر عن التفاصيل التي تزعجنا ونصر على انتقادها يوميا، لدينا النظام الذي نستحق، والمعارضة التي نستحق، والأحزاب التي نستحق أيضا، ومن أراد أن يغير فعليه أن ينزل إلى الأرض لأن النضال مشقة وليس شهرة.