حالة من الأمل والترقب والانتظار يعيشها الجزائريون هذه الأيام بعد »ملحمة كاب تاون«، فالجميع على الأعصاب باعتبار أن الفصل بين المنتخبات الأربعة في المجموعة الثالثة التي تضم الجزائر لم يتحدد بعد، لتدخل حسابات التأهل وتطغى على حديث الجماهير، نقاشات حادة عن إمكانية التأهل إلى الدور الثاني بعد حصد نقطة التعادل الثمينة التي أعادت لهم الأمل والحلم للاستمرار في المغامرة المونديالية والمضي قدما نحو تحقيق نتائج تاريخية، ولم لا ربما يكون أشبال سعدان إحدى مفاجآت مونديال جنوب إفريقيا. ففي وقت كان ينتظر فيه العديد من متتبعي مونديال جنوب إفريقيا من جماهير، تقنيين، خبراء وفنيين رياضيين خروج المنتخب الجزائري من الباب الضيق خاصة بعد الهزيمة الأولى أمام سلوفينيا والتي عقّدت، حسبهم، من مأمورية الخضر لضمان التأهل إلى الدور الثاني بالنظر إلى صعوبة المواجهتين المتبقيتين، خاصة مواجهة منتخب اسمه انجلترا، منتخب قيل عن مدربه ونجومه الكثير والكثير، إلى درجة أن الغالبية حسمت نتيجة مقابلته مع الجزائر لصالحه مسبقا ودون تردد وبنتيجة عريضة أيضا. لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن حيث وبعيدا عن التصريحات والتكهنات وعن كل المتشائمين والمشككين، يفاجؤ الجميع دون استثناء بمنتخب اسمه هو الآخر »منتخب التحديات والمواعيد الكبرى«، منتخب قدم كل ما لديه من اجل إسعاد كل جزائري وعربي، فكان الأداء راق ومتميز على جميع المستويات، أداء وصف بالبطولي والرجولي، أخلط أوراق المحنك كابيلو، أبهر وأحرج المدلل بيكام، وأسكت كل من استصغر سعدان وأشباله، ليمتد بذلك »السوسبانس« ويجعل الجميع على الأعصاب، يأملون ، يترقبون ، وينتظرون. لغة الحسابات وتُؤرّق الجزائريين بعد خروج الجماهير الجزائرية للاحتفال بالانجاز التاريخي الذي حققه »محاربو الصحراء«، وكذا التعبير عن الرضا بالأداء المتميز والعالي الذي أبانه رفقاء المتألق بلحاج والمايسترو مبولحي، في أجواء أعادت إلى الأذهان فرحة التصفيات المؤهلة لكأسي إفريقيا والعالم، احتفالات حملت عنوان »فرحة ملحمة كاب تاون« لتضاف بذلك إلى سجل الانتصارات وتؤكد مرة أخرى علو كعب أبناء سعدان، بدأت لغة الحسابات تفعل فعلتها في الشارع الجزائري، حيث شرع أنصار المنتخب الوطني في وضع كل الاحتمالات والعمليات الحسابية التي من شانها أن تضع الخضر في رواق جيد وبعيد عن كل المفاجآت الغير السارة. فلا تكاد تسمع حديثا عن المنتخب الوطني إلا وهاجس العمليات الحسابية يأخذ نصيبا أكبر والذي بات حديث العام والخاص، باعتبار أن المنتخب الجزائري لا يحمل في رصيده سوى نقطة واحدة، الأمر الذي دفع الجماهير الجزائرية للخضوع لقاعدة الحسابات وفهم كيفية الفصل بين المنتخبات في حال التساوي في النقاط، وهو حال كمال، سيد علي ويوسف من العاصمة حيث أضحت المعادلات الحسابية ووضع كل الاحتمالات لفرق المجموعة وخاصة المنتخب الوطني باعتباره المعني بالدرجة الأولى شغلهم الشاغل، الأمر الذي جعلهم ينتظرون مقابلة أمريكا والفرق الأخرى مع الحسابات وعلى الأعصاب فكل واحد منهم وضع احتمالا يحقق الحلم في الوصول إلى الدور الثاني رغم اعترافهم بصعوبة المأمورية، هذا الحلم الذي أصبح مشروعا حسب هؤلاء الشبان وكل الجزائريين، خاصة بعد الذي حدث أمام الانجليز في كاب تاون . أما »كريم« و»ياسين« فإنهما يريان أن الوضعية الحالية لمحاربي الصحراء والحديث عن حسابات التأهل إلى الدور الثاني تعيد بذاكرتهما إلى ما حصل قبل المقابلة الأخيرة في تصفيات التأهل إلى كأسي إفريقيا والعالم بمصر وكذا ما وقع في كأس إفريقيا الأخيرة عندما خسرنا أمام مالاوي وتعادلنا أمام أنولا وربحنا أمام مالي فربما سيعيد التاريخ نفسه، لكن هذه المرة شريطة أن نفوز على أمريكا بثنائية ولما لا بالثلاثية. وعلى حد تعبير تعبيرهم فإنه مع محاربي الصحراء كل شيء وارد وهكذا نتفادى كل الحسابات، ولعل الاحتمال المرجح لدى العديد من مهووسي المنتخب الوطني هو تحقيق الانتصار في المباراة الأخيرة والذي بات ضرورة لا مفر منها للوصول إلى جمع 4 نقاط وبالتالي التساوي أمام سلوفينيا، ليبقى هاجس تسجيل الأهداف يؤرق كل محبي الفريق الوطني المطالب بتسجيل هدفين كاملين وهي مهمة تبقى صعبة نوعا ما، لكن بالمعنويات المرتفعة والروح القتالية التي أبانها محاربي الصحراء لا شيء مستحيل لأنهم باختصار كبار أمام الكبار. بريتوريا ..هل سيفعلها الرجال مُجدّدا؟ بعيدا عن لغة الحسابات اقتنع الجمهور الجزائري، بكل فئاته، وحتى الجمهور العربي أن مباراة انجلتراالجزائر شهدت ميلاد منتخب كبير بإمكانه أن يقول كلمته في هذه البطولة إذا ما استطاع اجتياز عقبة أمريكا بسلام. منتخب سيكون له شان عظيم في المواعيد الكروية القادمة بشهادة خبراء وتقنيين أجانب، فما فعله أشبال سعدان بنجوم الكرة الانجليزية والعالمية زاد من طمع الجزائريين وحتى العرب إلى درجة إنهم باتوا الآن لا يقبلون بأي تعثر، لا قدر الله، خاصة وأن المنافس هذه المرة اسمه »الماريكان«، فحسب »عمي علي« الذي أثرى حديثه عن مواجهة أمريكا النقاش داخل إحدى الحافلات، ينتظر بفارغ الصبر هذه المواجهة لأنها تحمل طابعا خاصا وحساسا وعليه لا بد أن يفعلها الرجال كما فعلوها مع الانجليز، لنهدي الفوز والتأهل إلى شعب غزة الجريح. أما الثلاثي »عادل«، »سمير« و»سفيان« كلهم أجمعوا على أنهم متفائلون في تحقيق المنتخب الوطني الانتصار في موقعة بريتوريا التي سبق وأن عسكرت فيها التشكيلة الوطنية وكانت فأل خير عليهم، فمن غير المعقول حسبهم أن لا يتواجد فريق بهذا المستوى في الدور الثاني فالمهمة ليست مستحيلة شريطة أن يواصل محاربي الصحراء في التألق والإبداع وان شاء الله ستكون موقعة بريتوريا محطة عبور إلى الدور الثاني.