إلى وقت قريب كان الاعتقاد الذي يكاد يكون راسخا أن المرأة مضطهدة في ظل مجتمع ذكوري وأن الاضطهاد ألحق بها أضرارا نفسية كثيرة وصلت إلى حد العلاقات العاطفية والجانب الوجداني.. لقد حفلت كثير من الكتابات والدراسات بمثل هذه الأحكام والنظرات التي كادت أن تصل إلى مرتبة المسلّمات والحقائق، ناهيك عن الاتجاهات والمذاهب والآراء التي تصدت للمسألة ودافعت عن المرأة وتحررها من هذا الباب كما هو الشأن في الجزائر وكثير من أقطار العالم العربي. ومع ذلك توالت الدراسات مؤخرا والتي تدحض مثل هذه القراءات الاجتماعية لواقع المرأة وسيكولوجيتها، ومنها ما كشفته دراسة جديدة أجراها عالما الاجتماع روبين سيمون من جامعة ويك فورست وآن باريت من جامعة فلوريدا خلصت الدراسة إلى أن العبء النفسي الناتج عن العلاقات العاطفية الفاشلة أو غير المستقرة أكثر عند الرجال من النساء على عكس الاعتقاد الشائع أن النساء هم الأكثر تأثرا، و أن الضغط العصبي الناتج عن العلاقات غير المستقرة يؤثر في الصحة العقلية للرجل أكثر من المرأة، كما أن إنهاء العلاقة العاطفية يؤثر في الصحة العقلية للرجل أكثر من المرأة، في حين أن المرأة أكثر عاطفية بصفة عامة سواء كانت في علاقة أم لا، بينما الرجل يتأثر بنوع العلاقة العاطفية ومدى استقرارها. لا شك أن الرجل والمرأة يتأثران بكل من جوانب العلاقة المختلفة سواء كانت سلبية أم إيجابية، لكن الرجل يتأثر بشكل أكبر وتتحدد ردود أفعاله في وقت معين وفقاً لنوعية العلاقة، والمرأة أكثر عرضة للاكتئاب أما الرجل فهو أكثر عرضة لتناول الخمر وغيره من المواد التي تصرف انتباهه عن العلاقة الفاشلة التي خاضها وتزيد نسبة تعاطي المخدرات أو العقاقير الممنوعة بعد الانفصال عند الرجال عن النساء. يقينا فإن مثل هذه النتائج قد تدفع إلى تغيير دفة الأحكام المسبقة والنمطية حول الرجل وخشونته العاطفية، ففي النهاية هو إنسان ويحتاج في الوقت نفسه إلى الدعم العاطفي أكثر من المرأة أو مثلها على الأقل خاصة أثناء المحن أو القطيعة. ربما تقوم الدكتورة نوال السعدواي وفقا لهذه النتائج العلمية إلى تغيير مواقفها وتنشر كتابا تسميه: كان هو الأضعف بديلا عن كتابها المعروف: »كانت هي الأضعف« لأن الحقيقة التي نتغافل عنها جميعا أن الإنسان مهما كان جنسه هو الضعيف على المستوى العاطفي والعقلي والنفسي وحتى الجسمي مهما أوتي من قوة ظاهرة أو بسطة في العلم والجسم والسلطان..! »إذا شعر أحد بأنه لم يخطئ أبدا فهذا يعني أنه لم يجرب أي جديد في حياته« ألبيرت أنشتاين