يزعم نوري المالكي الذي ترأس لسنوات حكومة بغداد التابعة للاحتلال أن العراق بات حرا سيدا بعد إعلان الولاياتالمتحدة انتهاء المهام القتالية لقواتها المحتلة، وهذا الزعم، ورغم كونه باطلا، يؤكد مرة أخرى أن الحكومة التي تولى المالكي رئاستها هي حكومة احتلال وهي بذلك حكومة غير شرعية، ومن هنا فإن كل ما ترتب عن أعمال تلك الحكومات المتعاقبة والمشكلة تحت حراب الاحتلال باطل من جهة الشرعية والقانون. انتهاء المهام القتالية للقوات الأمريكية هو بداية لمرحلة جديدة من التدمير المنهجي للعراق، فالمتوقع الآن هو تأجيج الفتنة الطائفية، وهذا ما يؤكده قول المالكي نفسه الذي ادعى أن العراق وشعبه تمكنا من طي صفحة الحرب الطائفية التي لن تعود ولن نسمح بها كما قال، فكل العراقيين متخوفون من عودة عمليات الذبح على الهوية التي سادت في ظل الحكومات الطائفية التي تعاقبت على تخريب ما بقي من العراق في عهد الاحتلال، ويضاف إلى هذه المخاطر حالة التمزق السياسي والفساد المستشري التي تدفع كلها العراق نحو الدمار. تفصيل آخر قد يلقي نقطة ضوء إضافية، فقد قال جبار ياور الأمين العام لوزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان العراق إن قوات البيشمركة تتدرب الآن وفق برنامج خاص وضعته القوات الأميركية، استعدادا لانسحاب هذه القوات من العراق، وهذا يعني أن الإقليم بات مستعدا للانفصال أكثر من أي وقت مضى، وعندما ينفصل الشمال وتعم الفوضى في الوسط والجنوب لن يكون هناك من حل آخر غير تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات، وسيكون النفط لأمريكا، وستأخذ دول الجوار على حسب قوتها وتصميمها، وجوار العراق بات محصورا في إيران لأن الآخرين فضلوا التنازل عن دورهم لأمريكا. ما يجري الآن ليس خطوات على طريق استعادة سيادة العراق المحتل، بل خطة مدروسة لتفتيت هذا البلاد الذي ظل لسنوات طويلة شوكة في حلق إسرائيل والمتواطئين معها في المنطقة.