ركّز الدكتور بوزيدة عبد القادر على حتمية البحث في الأعمال الخالدة لوطار والتعمّق في تحليلها على غرار ما تقوم به الأمم الأخرى في تبجيل وتخليد علمائها ومثقفيها، حاثا على ضرورة الإهتمام والحرص على جمع كل كتابات من كان يُنادى »عمي الطاهر«، والتعريف بها أكثر وإيصالها للأجيال. واعتبر الدكتور بوزيدة أنّ الفقيد ساير جميع المراحل التاريخية للجزائر، وأرّخ لها بأفكاره الحرة، مشيرا إلى أنه لا يمكن التعامي عما دوّنه أحد كبار تجليات الأدب الجزائري المعاصر، ومواكبته البارعة لكل ما جرى في دواخل المجتمع الجزائري والتحولات التي طبعت هرميات السلطة المحلية، مثل »قصيد في التذلل« التي كتبها وهو على فراش الموت، وانتقد من خلالها المثقفين ومسؤولياتهم في وسطهم الاجتماعي. وتطرق المتحدث في مداخلة قدمها بالمناسبة إلى رواية »اللاز« أول إبداعات الراحل مشيرا إلى أنه كان ينوي كتابتها خلال حرب التحرير وتحديدا سنة 1958، لكنها تأجلت إلى أن تزامن ذلك مع الخلافات التي كانت تطبع العلاقة بين قيادات الثورة غداة الاستقلال، قائلا في مقدمة الرواية »ذاك ما كان يطغى على فكري وأنا منكب في كتابة اللاز«. وأوضح المتحدث أن وطار كان مؤرخ المجتمع الجزائري في العصر الحديث بالمفهوم الايجابي، فقد فهم التارخ بمعناه العميق، الذي يرصد التحولات الحاصلة داخل المجتمع ويظهر ذلك بوضوح عندما نلقي نظرة على أعماله، وأضاف الدكتور كلامه » كان قد وعدنا بالتحدث عن الانجازات، لكنه بدأ يتحدث عن الصراعات بمختلف ألوانها السياسية والاجتماعية، فوطار في نهاية المطاف لم يكن يجامل ولا يمتدح أحدا« وانطلاقا من التحليلات التي تناولها في رواية » الشمعة والدهاليز « فقد جسدت الصراع السياسي الذي انفجر في الجزائر وانتقل بعدها إلى صراع دموي، فلم يكن يرصد الأحداث وإنما يواكب الصراعات داخل المجتمع الجزائري. أما عن الابداع عند الكاتب، فأشار الدكتور بوزيدة إلى أن الإبداع عند وطار لم يكن مسألة ذاتية وإنما ذو بعد وجودي، وتجلى ذلك عتد تأسيس الجاحضية التي جاءت لتدعم المشهد الثقافي، فالمسألة عنده لم تكن مسألة شخصية أو ترمي إلى اكتساب شهرة بل مسألة وجودية.