شارك رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في اجتماع تشاوري ضم قادة دول الساحل الصحراوي بسيرت الليبية على هامش القمة العربية الإفريقية الثانية، خصص لمناقشة الوضع بالمنطقة، على خلفية التفاعلات الأمنية الأخيرة التي واكبت عملية اختطاف الرعايا الفرنسيين بمنطقة أرليت بشمال النيجر. عقد قادة كل من الجزائر وليبيا وموريتانيا ومالي والتشاد على هامش القمة العربية الإفريقية التي اختتمت بسيرت الليبية، لقاء تشاوريا أول أمس الأحد، لم تتسرب تفاصيل كثيرة عن مضمونه، وإن كانت بعض المصادر الإعلامية تحدثت عن تناول قادة دول الساحل المستجدات السياسية والأمنية بمنطقة الساحل الصحراوي، والمشاكل الكثيرة التي تعترض عملية مكافحة الإرهاب في منطقة تعيش وضعا خاصا ومميزا خاصة بعد عملية اختطاف سبعة موظفين »خمسة فرنسيين وطوغولي وملغاشي«، يعملون لصالح شركتين فرنسيتين تنشطان في مجال استغلال اليورانيوم بمنطقة أرليت بشمال النيجر. ولا يستبعد الكثير من المتتبعين أن يشكل لقاء قادة دول الساحل الصحراوي، باستثناء رئيس بوركينافاسو الذي غاب عن اللقاء، محطة لتحضير لقاء القمة لدول الساحل الذي تم تأجيله بعدما كان مقررا في جانفي من السنة الفارطة بعاصمة مالي باماكو، وهذا بفعل العديد من المشاكل الطارئة وبسبب الكثير من الخلافات خاصة بعد مشاركة مالي، في صفقة تحرير الرهينة الفرنسي بيار كامات، وإطلاقها سراح أربعة عناصر إرهابية خطيرة، الأمر الذي أثار حفيظة كل من الجزائر وموريتانيا وأدى إلى أزمة دبلوماسية بينهما وبين باماكو. ويرى متتبعون أن اجتماع سيرت شكل ربما سانحة لقادة دول الساحل الصحراوي الذين شاركوا فيه لتذليل الخلافات التي برزت في الآونة الأخيرة، خاصة بعد التصريحات الأخيرة لوزير الصحة الموريتاني الشيخ ولد حامة الذي أمطر الجزائر بوابل من الاتهامات زاعما بأن مواقفها من مسألة مكافحة الإرهاب غير مفهومة. ورغم طابعه السياسي »البرتوكولي« فإن لقاء رؤساء دول الساحل بسيرت الليبية، يشكل استمرارية للعمل المشترك بين دول الساحل الصحراوي التي عقدت سلسلة من اللقاءات في الجزائر، كان آخرها لقاء لقادة أجهزة استخبارات دول الساحل الصحراوي، بتمنراست، انتهى بالإعلان عن إنشاء خلية، أو بنك للمعلومات الاستخباراتية بين دول الساحل. ويبدو من جهة أخرى أن متاعب نظام الجنرال محمد ولد عبد العزيز لن تنتهي، فبعد القصف المتواصل الذي صدر عن المعارضة في بلاد شنقيط، والانتقادات التي تناولت الإستراتيجية الفاشلة التي تستعملها نواكشوط في مجال مكافحة الإرهاب والمعتمدة على التبعية العمياء لباريس، رسم برتراند دوفيسار دوفوكو، وهو سفير فرنسي سابق في عدد من البلدان وصديق شخصي للرئيس الراحل المختار ولد داداه، وهذا في رسالة وجهها إلى رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو، صورة سوداوية عن النظام العسكري في موريتانيا، محرضا الأوربيين على اتخاذ مواقف أكثر صرامة ضد نواكشوط. وهاجم دوفوكو بشدة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز واصفا إياه بأن لديه »سجلا من الفشل الأمني منذ 2003«، داعيا الأوروبيين إلى أخذ العبرة من ذلك، وانتقد بشدة التدخل العسكري الموريتاني شمال مالي لملاحقة عناصر القاعدة ووصفه بأنه »مساس مستمر« بسيادة مالي، محذرا من أن فرنسا بدعمها لموريتانيا في ذلك الاتجاه »تعيد في المنطقة رسم نظام المناطق القبلية بين أفغانستان وباكستان..«، حيث ستصبح مالي، على حد تعبير الدبلوماسي الفرنسي، »أرضا سائبة« ومن ثم تتحول إلى أرض للقاعدة، وأوضح من جهة أخرى بأن الاعتماد على زعماء من أمثال ولد عبد العزيز، الذي وصفه بأنه »مسعّر حرب«، من أجل القضاء على الإرهاب في الساحل »لن يقود إلا إلى الفشل، لأنه مسلك خاطئ«، ورأى أن الطريق السليم هو التأثير على المجتمع الموريتاني من خلال رسم إستراتيجية تعد بالديمقراطية والتنمية من اجل القضاء على »التطرف الدموي«. وبخصوص تفاعلات قضية الوساطة لتحرير الرهائن السبعة المحتجزين منذ منتصف سبتمبر المنصرم لدى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، ذكر وسيط نيجيري زار تيميترين شمال شرق مالي قرب الحدود الجزائرية، أن الرهينة الفرنسية المختطفة فرنسواز لاريب، وهي المرأة الوحيدة بين المختطفين، تمر بظروف صحية صعبة بسبب مرضها بداء السرطان الذي يستوجب متابعة صحية عاجلة، وقال الوسيط النيجيري بأن فرنسواز لاريب زوجة أحد الفرنسيين الخمسة الذين اختطفوا بموقع منجم لليورانيوم تابع لمجموعة اريفا الفرنسية في أرليت شمال النيجر، خضعت لعلاج كيميائي قبل قليل من خطفها، وكشف من جهة أخرى بأن الخاطفين منفتحون على أي مفاوضات ويقولون أنهم سيعلنون مطالبهم قريبا، لكن مصير الرهائن بين أيدي جميع التوجهات في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، مضيفا، اعتمادا على أقوال الخاطفين، بأن الرهائن على قيد الحياة ويعاملون معاملة جيدة.