بسرعة ترك العالم الحديث عن الجرائم الأمريكية في العراق التي فضحتها وثائق ويكيليكس لينصب الاهتمام على استهداف المسيحيين في العراق، أول القصة اقتحام كنيسة سيدة النجاة من قبل قتلة وتدخل دموي من قبل الحكومة العميلة للاحتلال انتهى بمقتل العشرات وجرح المئات، وبالأمس سلسلة من الهجمات على منازل المسيحيين. كلما برزت إلى السطح حقيقة الوضع في العراق، وكلما ظهر ما يثبت للعراقيين أن عدوهم واحد هو الاحتلال ومن جاءوا معه، قفز إلى الواجهة بعض الأشباح تحت أسماء مستهلكة من قبل تنظيم القاعدة أو دولة العراق الإسلامية، وهذه الأشباح تحلب في إناء أمريكا رغم أنها ترفع شعار العداء لها، واستهداف المسيحيين اليوم هو إمعان في تفتيت العراق، وتخريب نسيجه الاجتماعي، وجعله غير قادر على إعادة بناء الدولة، وإنهاء مفهوم الانتماء إلى الوطن في هذا البلد لصالح الطائفة والعرق والمذهب. مرت أكثر من سبعة أعوام ونصف على احتلال العراق، ورغم بعض العمليات التي استهدفت المسيحيين، كما استهدفت غيرهم، لم يكن هناك ما يوحي بأن هذه الفئة بالذات مهددة، وربما كانت الأقل تضررا من الحرب، ومن المؤكد أن الهجوم على الكنائس ودور العبادة لم يكن في يوم من الأيام صعب التنفيذ، لكن سفك الدماء بهذه الطريقة يوحي بوجود نية مبيتة لصرف النظر عن القضايا الأساسية التي يجب على الشعب العراقي أن يتصدى لها وهي مقاومة الغزاة وطردهم، والتخلص من أعوانهم الذين ينفذون مخطط التدمير النهائي للعراق. لا يمكن أن يكون مسلما من يقتحم كنيسة ويقتل الناس بتلك الطريقة الوحشية، ولا يمكن أن يكون مدافعا عن قضايا الأمة من يختار هذا التوقيت لتشويه صورة الإسلام وتبييض أمريكا من جرائمها في العراق، وما يجري يؤكد أن الوقت قد حان للتحقق من هوية من يقوم بهذه الأفعال الهمجية، ولعل السؤال عن المستفيد يقود إلى معرفة الفاعل.