أعرب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عن تعاطفه مع حركة الاحتجاج الجماهيرية في تونس، وطالب الرئيس زين العابدين بن علي بوقف إطلاق النار وإصدار عفو عام والقضاء على الفساد، كما ناشد الجماهير التونسية الالتزام »بأعلى صور الانضباط في الحفاظ على الأموال والممتلكات العامة والخاصة«، منتقدا الموقف الغربي من تلك الأحداث. وأكد الاتحاد في بيان أصدره الخميس الماضي،أن الإسلام »يقر حق المواطنين المشروع في العيش الكريم بمنأى عن كل استبداد في ممارسة السلطة، ونهب للأموال، واحتكار للأرزاق، واستئثار بالفرص من قبل فئات متنفذة«. كما أكد »أن من حق المظلوم أن يصرخ في وجه ظالمه« واستشهد في ذلك بالآية القرآنية »اَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ«، وبالمقولة الشهيرة للصحابي أبي ذر الغفاري »عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه«. واعتبر الاتحاد أن الاحتجاج السلمي للشعب التونسي »عمل يحتسب لهم عند الله ما أخلصوا القصد لله تعالى، وسلِم عملُهم من كل فساد وتخريب«. وطالب بيان العلماء الرئيس بن على بأن يصدر »أوامره الحازمة بوقف إطلاق النار فورا، حقنا للدماء، وحفظا للأرواح، ومحاسبة المتورِّطين في إسالة دماء المئات من المواطنين بين قتيل وجريح«. كما طالبه بفك الحصار المضروب على المدن والقرى، والمسارعة إلى إطلاق سراح المعتقلين الجدد والقدامى »الذين طال عليهم الأمد«، مشيرا إلى أنه من بين هؤلاء المعتقلين »ألوف من شباب الصحوة الإسلامية«. وأضاف البيان أن »إصدار عفو عام يرفع الحصار المضروب عن آلاف المعتقلين السابقين، ويعيد لهم حقوقهم، ويعوض لهم بعض ما فقدوه بغير حق، لتعيش تونس الخضراء عهدا جديدا يقوم على مصالحة عامة، وميثاق وطني شعبي تشارك فيه كل الفئات، ترعى فيه الحقوق، كما تؤدى الواجبات، وتقلّم فيه أظفار المفسدين الذين ينهبون أموال الشعب أو يسرقونها ولا يجدون مَن يردعهم«. ونوه اتحاد العلماء في بيانه »بجماهير شعب تونس الأبية التي ضربت المثل في الشجاعة والتضحية والذب عن الحق والحرية«، ودعاها إلى أن »تلتزم بأعلى صور الانضباط في الحفاظ على الأموال والممتلكات العامة والخاصة، فهي أموال ومؤسسات للشعب وأمانة عنده، قد عصمها الإسلام من كل نهب أو تخريب«. وأضاف موجها قوله إلى تلك الجماهير »اتقوا الله في بلادكم وأرزاقكم ومؤسساتكم، واصبروا وصابروا وتضامنوا في جهادكم السلمي من أجل تونس حرة مزدهرة ينعم فيها كل أبنائها وبناتها بكل مقومات الحياة الكريمة«. وناشد البيان قوات الأمن والجيش »أن يتقوا الله في مواطنيهم وأهلهم فهم أمانة عندهم، إنما حملتهم أمتهم السلاح للدفاع عنهم في مواجهة عدو متربص، لا لتوجيه الرصاص الحي إلى صدور عارية عضها الجوع فخرجت تصرخ دفاعا عن حقها المشروع«. وانتقد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين »القوى الدولية التي تكيل بمكيالين، بل بمكاييل شتى، وطالما ملأت الدنيا نكيرا لما يُفعل في بعض الأقطار، ثم هم يصمتون الآن أو أكثرهم على ما تعرضت له جماهير تونس المحتجة سلميا على مظالم أقرت السلطة ذاتها أخيرا بحقها في المطالبة، حتى رأينا فرنسا تعرض خبرتها في القمع على تونس«. وتساءل بيان الاتحاد »أهذه هي الديمقراطية؟ لماذا هذه المعايير المزدوجة: دفاع عن الديمقراطية في مكان، وخيانتها في مكان مجاور؟!«. واختتم البيان بالقول »يبتهل اتحاد العلماء إلى ربنا الرحمن الرحيم أن يحفظ تونس الخضراء، تونس عقبة بن نافع وجامع الزيتونة ومعهدها، بلدا آمنا مزدهرا، وسائرَ بلاد المسلمين«.