ارتفع ثمن الفحوصات الطبية في الفترة الأخيرة دون سابق إنذار وشهدت الزيادات تذبذبا وفروق غير مبررة من أخصائي إلى آخر وحتى لدى الأطباء العامين ولم تسلم مخابر التحاليل الطبية من الزيادات التي ضايقت المرضى وطرحت أكثر من علامة استفهام حول الأمر، خاصة وأن الجهات الرسمية لم تعلن عن هذه الزيادات التي ارتفعت في بعض العيادات إلى 50 بالمائة من تسعيرة الفحوصات. صار أغلب المواطنين يسألون عن ثمن الكشف الطبي عند دخولهم عيادات الأطباء الخواص، بعد أن شهدت هذه الأخيرة زيادات غير ثابتة ولا محددة تختلف من طبيب لآخر ومن عيادة إلى أخرى، إلى درجة أن الأطباء العامين صاروا يطلبون في أحيان كثيرة نفس تسعيرة الأخصائيين وتحولت تسعيرة أغلب الفحوصات من 600دج إلى 1000دج من دون سابق إنذار.الأمر الذي عجز عن فهمه المواطنون الذين ربطوا الأمر بمختلف الزيادات التي شهدتها مؤخرا أسعار المواد الاستهلاكية . وقد شهد طب النساء بصفة خاصة زيادات الكثيرات مبالغ فيها من كشف إلى "إيكوغرافي" بحيث تدفع المرأة في الفحوصات الدورية للحمل مبلغ 2000دج مابين الكشف العادي للأخصائي و كشف جهاز "الإيكوغرافي" أما عن تسعيرة أمراض النساء فحدث ولا حرج. تقول السيدة مريم :" صرت أتخوف من أن ينتابني أي عارض صحي وأنا حامل لأن ثمن الكشف و"الإيكوغرافي" مع التحاليل الطبية الدورية مكلف جدا هذه الأخيرة التي تجاوزت 6000دج والتي تعد ضرورية خلال الأشهر الأولى للحمل، أما إذا حدث مشكل آخر لا قدر الله فالأمر أسوء بكثير،وصرت أخجل حينما أطلب من زوجي كل ذلك المال للاطمئنان على الحمل.أما دليلة فأكدت بأن التداوي لدى أطباء النساء مكلف جدا، خاصة لمن تعاني من مشكل :" أعالج من تليف في الرحم "فيبروم" منذ أكثر من سنة وقد استنزفني الأطباء بتسعيرة الكشف والإيكوغرافي، ناهيك عن الأدوية " فيما أكدت فيروز أن علاج تكيس المبايض مكلف جدا أيضا وأنها لولا أنها امرأة عاملة لما عالجت لأن زوجها عاجز عن تحمل كل تلك التكاليف." السكانير يكلف نصف الراتب لا يلجأ إلى كشف "السكانير" سوى المرضى المضطرين وبأمر من الطبيب المعالج لذا فغالبا ما يكون الأمر مستعجلا لمعرفة نتيجة الفحص، لكن وللأسف أن هذا لا يتأتى في مستشفياتنا التي تحرم المرضى من الجهاز إن توفر رغم أن الدولة رصدت في هذا المجال أموالا ضخمة قصد تطوير خدماته.فيلجئون رغما عن أنوفهم إلى عيادات الخواص رافعين شعار "الصحة خير من المال" بل يكفيهم أن الموعد الذي يحصل عليه مريض مستعجل لا يكون إلا بعد ثلاثة أشهر على أقل تقدير وفي بعض الأحيان يصل إلى ستة أشهر وعلى حد تعبير بعض المواطنين إلى أن يتوفى المريض.لذا يفضل المقتدرون منهم دفع مبلغ يتراوح ما بين 8000دج إلى 12000 دج مقابل كشف على جهاز السكانير، فيما يضطر المعوزين إلى انتظار دور لا يصل وكلهم أمل في أن يأتي دورهم يوما ما قبل فوات الأوان. يقول مصطفى شاب اتقينا ه في مستشفى مصطفى باشا الجامعي:" نحن في أكبر مستشفى على مستوى العاصمة ورغم ذلك لا يمكننا أن نحظى بموعد قريب لفحص "السكانير" وحتى وإن حصلنا عليه بفضل بعض معارفنا وجاء الموعد نجده معطلا لنعود من حيث جئنا محملين بخيبة الأمل ، لندرك أن لا مفر من عيادات الخواص و تجد في ذلك اليوم ألف من يدلك على عنوان عيادة خاصة تقدم خدمات "السكانير" بأقل الأسعار وفي زمن قياسي لتشعر وكأن الأمر مقصود فلو كانت أجهزة المستشفيات تعمل بشكل عادي لما احتاج المواطنون إلى العيادات الخاصة التي تمص جيوبهم". أما الحاج محمد الذي يعاني من مرض القلب فقال لنا:" المواطنون الذين يعانون أمراضا مزمنة لا يمكنهم الاتكال على مواعيد المستشفيات ولا على أجهزة الدولة التي نسمع بأنها ترصد لها ميزانيات ضخمة سنويا، لأن الواقع مؤلم بالنسبة للمرضى الذين لا خيار ثالث لهم فإما الاستسلام للعيادات الخاصة التي لا ترحم جيوب المرضى بأي شكل من الأشكال، وإما الاستكانة لمواعيد المستشفيات وأجهزتها المعطلة والنهاية هي ضياع ما تبقى من صحة أو الوفاة العاجلة. مواطنون يفضلون شراء الأدوية دون فحوصات طبية يلجأ أغلب الجزائريين منذ سنوات إلى شراء الأدوية دون اللجوء إلى طبيب ودون وصفة طبية ،والسبب يعود حسبهم إلى غلاء سعر الفحوصات، خاصة بعد الزيادات التي لمسوها في المدة الأخيرة بحيث أضحى أغلبهم يفضلون دفع سعر الكشف مباشرة إلى الصيدلي ، خاصة ما يتعلق بأدوية الزكام وأمراض البرد والأنفلونزا. والأمر يعتبر أكثر من عادي بالنسبة للمرضى الذين لا يعانون من الأمراض المزمنة بينما لا يجوز لأصحاب السكري والقلب وضغط الدم وغيرها من الأمراض المزمنة المتفشية لدى الجزائريين بكثرة اليوم. وفي هذا الإطار، دعا خبراء الصيدلة مؤخرا الوزارة الوصية إلى تفعيل لجان المراقبة لإعادة تنظيم سوق صرف الأدوية بالجزائر بسبب تنامي ظاهرة الاقتناء الذاتي للدواء، وذهب آخرون حد اتهام الوصاية "بترك الحبل على الغارب" مما يفتح المجال أمام تواطؤ عدة جهات لإغراق السوق الوطنية بالأدوية المقلدة أو المغشوشة ذات الانعكاسات الخطيرة على الصحة العمومية، خاصة وأن بعض الصيادلة يذهب بعيدا في وصفه للأدوية إلى درجة أتنه يعوض الطبيب في ظل غفلة وزارة الصحة وفي ظل غياب تقنين واضح للعلاقة بين الطبيب والصيدلي والمريض• والحقيقة أن الكثير من المواطنين يتصرفون على هذا النحو و يبررون موقفهم بأن ليس لديهم الوقت الكافي للذهاب إلى الطبيب أو لتوفير ثمن الكشف أو لأنهم يعرفون مرضهم و ما سيصفه لهم الطبيب، بل ويعتقدون أن لا ضرر من شراء بعض الأدوية دون استشارة طبية• وحتى الصيادلة نفسهم يتفهمون اليوم بأن تدني المستوى المعيشي للمواطن هو الذي يدفع به إليهم، حيث تجد كبار السن أو أرباب الأسر يستجدونه لوصف دواء دون اللجوء إلى طبيب.خاصة في بعض الأحياء الشعبية حيث يرتبط الصيدلي بالمواطنين بعلاقة شبه عائلية. يزور جزائري واحد فقط من أصل أربعة الطبيب قبل أن يقصد الصيدلي.. هي حقيقة تعكس وضع التداوي الذاتي في الجزائر التي أصبحت تقلق الأطباء، خاصة وأنها تمس كافة شرائح المجتمع ولم تعد تقتصر فقط على المضادات الحيوية.بحيث أكدت دراسة ميدانية أجراها الدكتور حكيم حيطاش، الطبيب المختص في الأمراض الداخلية، أن التطبيب الذاتي في الجزائر من بين الأسباب التي تكمن وراء زيادة فاتورة استيراد الأدوية، كما أنه يمثل محورا أساسيا في نشاط الصيدليات، مشيرة إلى أن ثلث مبيعات الأدوية في بلادنا أي ما يعادل 28 بالمائة تتم دون وصفات طبية. وعن الأدوية المعنية بهذه الظاهرة، أبرزت الدراسة بأنها تتمثل أساسا وبالتدريج في مسكنات الألم، ثم المضادات الحيوية، ثم مسكنات السعال، ثم مضادات الالتهاب، ثم المراهم الجلدية، وأخيرا مضادات الزكام. وفي هذا الإطار، أكد بقاط بركاني رئيس عمادة الأطباء الجزائريين بأن الأطباء يحق لهم تحديد التسعيرة التي تليق بهم مضيفا أن القانون لا يمنعهم من رفع تسعيرتهم و لا وجود لقانون يضبط تسعيرة الطبيب التي لا يحددها سوى قانون العرض والطلب، وأشار رئيس عمادة الأطباء أن أعباء الأخصائيين باتت ثقيلة أيضا وعليهم تغطيتها في ظل ارتفاع الأسعار. لكن يجدر بالذكر أن وزارة العمل هي التي تحدد تسعيرة كشف الأطباء وفق العقود التي يمضيها هؤلاء مع الضمان الاجتماعي في إطار نظام التعويضات التي يستفيد منها المواطنون.