قال الرئيس المصري حسني مبارك أول أمس عشية مظاهرات واسعة أُطلق عليها »جمعة الرحيل« إنه يود الاستقالة من منصبه، لكنه يخشى إن فعل ذلك الآن أن تغرق بلاده في فوضى. وقال مبارك في مقابلة أجرتها معه الصحفية الأمريكية ذات الأصل الإيراني كريستيان أمانبور العاملة لحساب قناة »أي. بي. سي« التلفزيونية في القصر الجمهوري بالقاهرة »نفد صبري بعد 62 عاما في الخدمة العامة.. طفح بي الكيل.. أريد أن أرحل«. لكن الرئيس المصري الذي يواجه موجة من الاحتجاجات الجماهيرية المطالبة بتنحيه عن الحكم, قال إنه »لا يأبه« بما يقول الناس عنه, وإنه »يهتم ببلده« وفق ما نقلت عنه الصحفية الأمريكية. ونقلت مذيعة »أي. بي. سي« عن الرئيس المصري -الذي كان ابنه جمال إلى جانبه خلال المقابلة- قوله إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي أصبحت إدارته تطلب الشروع فورا في انتقال سلمي للسلطة في مصر، لا يدرك ما يمكن أن يحدث في حال أعلن تخليه عن السلطة الآن. وقال مبارك مخاطبًا أوباما »أنت لا تفهم الثقافة المصرية, وما سيحدث إن تنحيت الآن«. ونفى بشدة أن يكون نوى ترشيح نفسه لولاية جديدة أو ترشيح ابنه جمال لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة بخلاف ما يؤكده معارضوه. وعبر في المقابلة ذاتها التي استمرت عشرين دقيقة عن استيائه مما حدث في ميدان التحرير بالقاهرة, وقال إنه لا يريد أن يرى المصريين يتقاتلون فيما بينهم في إشارة إلى الهجوم الذي شنه مؤيدون له على معتصمين يطالبون برحيله مما فجر أعمال عنف واسعة أوقعت عددا من القتلى ومئات من الجرحى. وألقى مبارك باللائمة في ما وقع، على جماعة الإخوان المسلمين وفق ما نقلت عنه الصحفية الأمريكية. وكان نائبه عمر سليمان قد قال في وقت سابق يوم الخميس إن للجماعة »أجندات« يقع تنفيذها عبر الاعتصامات في ميدان التحرير. وسئل مبارك خلال المقابلة عما يشعر به الآن, فقال إنه يشعر بأنه قوي ولن يهرب, وسيموت على تراب وطنه وهو ما أكده في خطابه الأخير. وقالت القناة الأمريكية إن الرئيس المصري يقيم هو وأسرته تحت حراسة مشددة. وكان سليمان قد اعتبر في مقابلة أذاعها التلفزيون المصري في وقت سابق الخميس أن المطالبة برحيل الرئيس حسني مبارك هي في الحقيقة دعوة إلى الفوضى, وانتقد بشدة الدعوات الغربية إلى انتقال سريع للسلطة في مصر, واصفا تلك الدعوات بأنها غير مقبولة, وبأنها تدخّل في شؤون البلاد الداخلية. وأوضح أن »قصة رحيل مبارك غريبة على أخلاق الشعب المصري«, وأن من ينادون برحيله »لا يتسمون بالمصرية« لأن الجميع يعتبر حسني مبارك »الأب والقائد«, ويحترم ما قدمه لمصر رئيسا وقائدا في القوات المسلحة. وأضاف أن الفترة المتبقية من رئاسة مبارك ستقوم فيها الدولة بالإصلاحات الدستورية والتشريعية المطلوبة, وبالتالي فلا يمكن أن تظل الدولة بلا رأس. وقال إن حسني مبارك وضع في خطابه »خارطة طريق« للإصلاحات التي طالب بها الشباب, وأضاف أنه كان ممكنا الاستجابة لمطالب أخرى وهو ما لا يسمح به الوقت الباقي من رئاسة مبارك وهو أقل من 200 يوم. وأوضح في هذا الإطار أن التعديلات الدستورية بما فيها تعديل المادة 76 من الدستور بشأن الترشح لرئاسة الجمهورية لا يمكن أن تتم في حال حل مجلسي الشعب والشورى. وقال أيضا إن إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية قبل سبتمبر القادم يستدعي التعجيل بالإصلاحات الدستورية والتشريعية التي قال إنها ستستغرق بعض الوقت, ويمكن التوصل إلى التوافق في إطار حوار تشارك فيه كل القوى السياسية في البلاد بما فيها الإخوان المسلمون. وأشار في هذا السياق تحديدا إلى أن التعديلات الدستورية وحدها تستغرق ما لا يقل عن 70 يوما, وقال إنه نظرا لضيق الوقت يمكن العمل بالدستور الحالي وترك تعديل الدستور بالكامل إلى وقت لاحق.