قالت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية إن إيطاليا وبريطانيا اختارتا التواصل بدل القطيعة مع النظام الليبي، وسال لعابهما من أجل النفط الليبي. لقد أدى خيارهما الانخراط في علاقات اقتصادية مع نظام معمر القذافي إلى عقود بمليارات الدولارات للشركات من كلا البلدين. لكن الصداقة مع القذافي لفترة طويلة من الزمن تولد اليوم سيلا من الإدانات بعد لجوئه إلى قمع المحتجين ضده وتزايد عدد القتلى والجرحى من المدنيين المحتجين على حكمه البلاد أكثر من أربعة عقود. ففي بريطانيا وُجهت انتقادات كثيرة أول أمس لما تعرف ب»صفقة في الصحراء« التي أبرمت عام 2007 بين القذافي ورئيس الوزراء البريطاني آنذاك توني بلير في محاولة لتطبيع العلاقات بين بلديهما. وجاءت تلك الصفقة -كما تذكر الصحيفة- رغم وجود جرح مفتوح في الغرب عموما نتيجة مقتل 270 في تفجير طائرة بان أمريكان فوق لوكربي بأسكتلندا عام 1988 التي يعتقد أنها أسقطت بعمل مخابراتي ليبي. كما أدى التقارب المتزايد بين لندن وطرابلس إلى فوز شركة بريتيش بتروليوم بعقد للتنقيب عن النفط قيمته أكثر من 800 مليون دولار. وبينما قدمت الحكومة البريطانية بضعة ملايين من الدولارات مساعدات تنموية، انخرطت الشركات البريطانية في مجال تجارة الأسلحة بعقود مع ليبيا بملايين الدولارات، حيث تم توريد معدات وذخائر بريطانية إلى ليبيا بما في ذلك الغاز المدمع والرصاص. وتطل الآثار السلبية لتلك العلاقات التجارية برأسها اليوم في ضوء استخدام تلك المعدات في قتل المتظاهرين المدنيين. وتقول صحيفة ال»غارديان« إن الحكومة البريطانية ألغت مؤخرا تراخيص تصدير السلاح ومعدات مكافحة الشغب إلى ليبيا، بينما أدان رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون -الذي يزور القاهرة- بشدة الحملة التي يشنها القذافي على المحتجين الليبيين. واستدعت لندن السفير الليبي وطالبته بتفسير للإجراءات التي اتخذها القذافي. ودعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أيضا إلى ضبط النفس في اتصال هاتفي الأحد الماضي مع أحد أبناء القذافي. ومضت صحيفة لوس أنجلوس في القول إن العلاقات المتنامية بين بريطانيا وليبيا كانت موضع انتقاد مستمر في بريطانيا على مدى السنوات القليلة الماضية. وفي عام 2009 أثار قبول كلية لندن للعلوم الاقتصادية مبلغ 2.4 مليون دولار كتبرع من مؤسسة خيرية يرأسها سيف الإسلام القذافي جدلا كبيرا، واندلع شجار في حرم الجامعة بعد ذلك بين مؤيدين ومعارضين لزيارة سيف إلى الكلية التي يحمل شهادة الدكتوراه منها وإلقاء كلمة فيها. يقول هشام بن غلبون العضو في الاتحاد الدستوري الليبي والمقيم في لندن معلقا على العلاقات الليبية البريطانية »الحكومة البريطانية.. هناك الكثير لتعتذر عنه للشعب الليبي نتيجة علاقتها مع دكتاتور يداه ملطختان بالكثير من الدماء«. أما إيطاليا -القوة الاستعمارية السابقة في ليبيا- فأقامت هي الأخرى علاقات وطيدة مع القذافي منذ سنوات. وتستحوذ الشركات الإيطالية على حصة الأسد من العقود الرئيسية في ليبيا. وتعهدت شركة النفط والغاز الإيطالية العملاقة إيني باستثمار ما يصل إلى 25 مليار دولار هناك. وفي المقابل يقال إن مصرف ليبيا المركزي يمتلك 4% في يونيكريدت -أكبر مصرف في إيطاليا- الذي حاز في العام الماضي أول رخصة لتشغيل مصرف أجنبي في ليبيا. كما انتزعت روما أيضا تعهدات من القذافي لوقف تدفق اللاجئين من شمال أفريقيا الذين يستخدمون ليبيا نقطة انطلاق للوصول إلى أوروبا، ومعظم أولئك المهاجرين ينتهي بهم المطاف في إيطاليا. ودعا منتقدون إلى رد قوي من رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني الذي قال في وقت سابق إنه لا يرغب في »إزعاج« القذافي. وقال برلسكوني الاثنين الماضي إنه تنبه إلى خطر تصاعد العنف في ليبيا، ووصف استخدام القوة هناك بأنه »غير مقبول«.