وعد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أمس، بتبني إصلاحات سياسية واعتبر أن رفع حالة الطوارئ صفحة جديدة على صعيد المضي بالإصلاحات الشاملة، قائلا إن »الفكرة الإصلاحية أصبحت في وقت من الأوقات من الضرورات الملحة للخروج من حالة التأزم والجمود«. كشف القاضي الأول للبلاد، عن نيته في الشروع في إصلاحات شاملة دون الخوض في تفاصيلها، واكتفى بالقول إن »رفع حالة الطوارئ الذي لا يعني التخلص من واجب اجتثات بقايا الإرهاب هو خطوة جديدة يخطوها الوطن في اتجاه إزالة كل الآثار الناجمة عن سنوات المحنة والابتلاء وهي صفحة جديدة على صعيد المضي بالإصلاحات الشاملة التي أشرت إليها والتي لا يكتمل عودها ولا يستقيم قوامها إلا إذا أخذت الإصلاحات السياسية نصيبها من الرعاية والاهتمام«، بعدما ذكر أن »موضوع التغيير والإصلاح كان واحدا من المقومات الأساسية التي بنيت عليها البرامج المختلفة التي يجري تنفيذها منذ ما يزيد على العقد من الزمن«. وقال بوتفليقة في رسالة وجهها إلى المشاركين في الندوة التي احتضنتها، أمس، دار الثقافة »عبد الرحمن كاكي« بمستغانم بمناسبة ذكرى عيد النصر وقرأها نيابة عنه محمد علي بوغازي مستشار لدى رئاسة الجمهورية »لم تكن البرامج الخماسية المتعاقبة التي اشتملت على الإصلاح الإداري والقضائي والمالي وغيرها من المجالات سوى مقدمة لمضمون الإصلاح الشامل الذي يصبو إلى تغيير وجه الجزائر في جميع المجالات«، مشيرا إلى أن »ما يتحقق اليوم في مجالات بناء الهياكل الاقتصادية وإقامة المنشآت القاعدية الكبرى وما ينفذ تباعا من مشروعات اجتماعية وتعليمية وصحية وفي مجال النقل والمواصلات والإسكان والعناية بالشباب وبالشرائح الاجتماعية الهشة هي ثمرة الفكرة الإصلاحية المتعددة الأبعاد وأصبحت في وقت من الأوقات من الضرورات الملحة للخروج من حالة التأزم والجمود«. ورأى رئيس الجمهورية أن كل هذه الخطوات التي تتحقق مرشحة لأن تتوسع أكثر فأكثر مع التقدم في تنفيذ البرنامج الخماسي الحالي، مضيفا أن ذلك »يجعلنا أمام فرصة تاريخية لتحقيق الكثير مما نتطلع إليه«. وأكد بوتفليقة أن »الزخم التنموي متعدد الأبعاد والأهداف يتطلب بل يفرض علينا أن نتحلى بالقدر الكبير من الحكمة والهدوء والتبصر حتى يؤتي ثماره وحتى نفوت الفرصة على من تستهويهم حالات التعطل أو الارتباك«، متعهدا بالاستمرار على توفير كل العوامل المشجعة على حفز التنمية والتقدم والاستجابة للانشغالات المطروحة سواء على صعيد توفير مقومات تنشيط الاستثمار التي اتخذت في سبيله مجموعة من التدابير الحفزية أو على صعيد العناية بالفلاحة أو في العمل على انجاز الطاقات البديلة للطاقات النفطية الناضبة والتي سوف تتوسع جميعها أفقيا وعمقا وتصبح من الروافد المهمة في تشغيل اليد العاملة وفي تزويد السوق بمختلف الاحتياجات. ولم يفوت الرئيس الفرصة للحديث عن الجبهة الاجتماعية التي تعرف اضطرابات بالجملة، حيث قال إن المجال الاجتماعي يحتل صدارة الاهتمام من خلال تجنيد كل الوسائل للقضاء على البطالة وتحقيق الإدماج المهني لحملة الشهادات الجامعية والتقنيين السامين وإدخال تحسينات على آليات الإدماج في عالم الشغل لخريجي التكوين المهني، داعيا إلى إعادة النظر في مفهوم المناصب المؤقتة والتعويضات المرتبطة بها، مشددا على أن »يظل هدف تأمين مناصب شغل دائمة للمواطنين من الأولويات التي يتعين على المؤسسات الإنتاجية والخدمية والقطاع الفلاحي أن تنفذها وتلتزم بها بالفعالية المطلوبة«. وذكر بوتفليقة بمجهودات الدولة للقضاء عن أزمة السكن حين قال »ينص البرنامج الخماسي الحالي على تسليم 1.2 مليون وحدة سكنية في آفاق 2014 مقابل مليون وحدة سكنية خلال الفترة الخماسية السابقة، مشيرا إلى حصول »الشباب على نسبة استفادة مرتفعة مراعاة للظروف والحاجات الملحة في هذا المجال هذا إلى جانب العناية بتحسين أداء مرافق الدولة وفي مقدمتها إعادة النظر في دور المجالس المحلية بما يفضي إلى حسن التكفل بالمواطنين وتحسين الخدمة العمومية في مجالات الصحة والتامين الاجتماعي وغيرها«. وبخصوص ذكرى وقف إطلاق النار المصادف ل 19 مارس، قال رئيس الجمهورية إن »عيد النصر أسقط رهان سلاح العدو أمام رهان إرادة الجزائريين ليبدأ رهان أخطر وأجل هو تصفية الاستعمار الاستيطاني« بعدما أشار إلى أن »إرادة الشعب الجزائري في هذه الثورة قد روضت المستحيل، رافضا »مقارنة وضع الجزائر بوضع أي قطر آخر إلا فيما ندر«. وذكر الرئيس بالخطوط العامة التي انتهجتها الدولة الجزائرية الحديثة والتي أكد بشأنها أنها »تنحدر من مرجعية بيان أول نوفمبر وباقي وثائقها الأساسية، قائلا إن »الحرية التي سقاها شعبنا بدمائه الزكية ماثلة اليوم للعيان من خلال التعددية الإعلامية والسياسية والبرلمانية وفي باقي المجالس المحلية ومازال ذلك دأبنا على تجذيرها وتعميقها بكل ما تستدعيه تحديات الواقع والمستقبل من أجل تمتين دعائم الأمن والاستقرار والنهوض بالرقي الاجتماعي والاقتصادي«، مضيفا أن الاستقلال الذي ولدناه من رحم المأساة بالسلاح يجب أن يظل شريعة في نفوس الجزائريات والجزائريين ومكسبا يستميتون في الذود عنه باستنفار الطاقات والجهود ولاسيما في أوساط الشباب ورص الصفوف لتفويت الفرص على كل من في قلبه مرض أو غل على بلادنا«.