تشهد الاحتجاجات هذه الأيام تصاعدا بعدما كانت تراجعت بشكل ملحوظ مع نهاية شهر فيفري المُنصرم ومطلع مارس الجاري، وذلك بالرغم من التعليمات والقرارات التي اتخذها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة خلال الاجتماعين الأخيرين لمجلس الوزراء، ومن أهم الاحتجاجات المُسجلة تلك التي قام بها أمس البطالون والأساتذة المتعاقدون بقطاع التربية أمام مقر رئاسة الجمهورية، ناهيك عن الإضراب الذي شنه عمال رئاسة الجمهورية وكذا الاحتجاج المقرر أن يُعاوده عمال البلديات مع مطلع شهر أفريل إضافة إلى احتجاجات سكان الأحياء بمختلف الولايات. لم تتمكن الحكومة لغاية الآن من تهدئة الجبهة الاجتماعية بالرغم من التعليمات والقرارات الهامة التي اتخذها مجلس الوزراء في الاجتماعين الأخيرين الذين عقدهما شهر فيفري الماضي، وهو ما يُترجم ميدانيا من خلال عودة الاحتجاجات إلى بعض القطاعات، والمُلاحظ أن المُحتجين غيروا من إستراتجيتهم هذه المرة فأصبحت وجهتهم إما المجلس الشعبي الوطني أو رئاسة الجمهورية، وهو ما تجسد من خلال الاحتجاج الذي قام به الطلبة مؤخرا أمام مقر رئاسة الجمهورية وكذا لجوء البطالين والأساتذة المتعاقدين في قطاع التربية الوطنية بدورهم إلى الاحتجاج في نفس المكان صبيحة أمس. أما أعوان الحرس البلدي فاختاروا المجلس الشعبي الوطني وتمكنوا من توجيه رسالة قوية إلى وزير الداخلية والجماعات المحلية الذي وعدهم بدراسة مطالبهم، نفس الشيء قام به صبيحة أمس ضحايا الإرهاب بولاية غليزان الذين جاءوا للعاصمة خصيصا للاحتجاج أمام مقر المجلس الشعبي الوطني حيث طالبوا برفع التجميد عن منحهم المالية المُطبق منذ سنة 2002، وهددوا بالسير نحو رئاسة الجمهورية في حال ما إذا لم يتمكن النواب من إيجاد حل لمطلبهم. ويبدو أن الاحتجاجات لم تعد مقتصرة على قطاع دون الآخر، فعمال رئاسة الجمهورية قاموا بدورهم، كسابقة تبقى الأولى من نوعها، باحتجاج دام أكثر من أسبوع طالبوا من خلاله إيجاد حلول استعجالية لانشغالاتهم الخاصة بالسكن والأجور والظروف المهنية المتدهورة، وقد وصل أمر هؤلاء العمال الذين ينقسمون إلى إداريين وسائقين وعمال الكافتيريا والميكانيك إلى حد المُطالبة بلقاء مع الأمين العام للرئاسة دون غيره بعدما أصبحوا لا يثقون في الوعود التي قُدمت لهم. وفي انتظار الوقفة الاحتجاجية التي سيُنظمها الصحفيين بصفة عامة يوم 26 مارس الجاري تحت عنوان »وقفة وطنية لكل الصحفيين من أجل كرامة المهني واحترافية المهنة«، كان عمال وكالة الأنباء الجزائرية وعمال وزارة الاتصال نظموا مع مطلع الأسبوع الماضي وقفة احتجاجية مُطالبين بتحسين ظروفهم المهنية والاجتماعية بما في ذلك ملف الأجور، في سياق متصل، يُرتقب أن يُعاود عمال البلديات احتجاجهم مع مطلع شهر أفريل الداخل حسب ما أعلنه أمس الأول المجلس الوطني لقطاع البلديات الذي ينشط تحت لواء النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية، »سناباب« بسبب إقصاء ممثلي هذا التنظيم في إعداد مشروع القانون الخاص بهذه الفئة الموجود حاليا على مستوى البرلمان. ومن جهتهم، قام سكان عدة أحياء على مستوى مختلف الولايات هذه الأيام باحتجاجات رُفعت خلالها مطالب اجتماعية، وهو ما حدث مثلا في ديار الباهية بالمدنية أعالي العاصمة، إضافة إلى أحياء في ولاية عنابه وتيزي وزور وبجاية، وكذا احتجاجات شهدتها أمس كل من بلديتي وادي البردي وامشدالله بولاية البويرة والتي طالب من خلالها الشباب البطال بتوفير الشُغل. وأمام هذه المُعطيات وغيرها تبقى الحكومة مُطالبة بالتطبيق العاجل للتعليمات والقرارات التي أصدرها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مؤخرا، كما تبقى مُطالبة بالسهر على مراقبة عمليات التجسيد الميداني لهذه القرارات وتفادي السلبيات المُسجلة سابقا.