رفضت لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني تبني التعديلات التي أدخلها النواب على المادة 144 مكرر من قانون العقوبات من أجل تحميل المسؤولية للوسيلة الإعلامية بدلا من الصحفي في حال الإساءة لرئيس الجمهورية بعبارات تتضمن إهانة أو قذفا أو سبا، بدعوى أن المادة لا تخص الصحفيين لأنهم يخضعون للقانون العضوي للإعلام وهو المبرر الذي لم يقنع مندوبو التعديلات وقرروا إحالتها على جلسة التصويت على مشروع القانون الأحد المقبل. أثارت المادة 144 مكرر من مشروع القانون المعدل للأمر رقم 66-156 المتضمن قانون العقوبات جدلا كبيرا بين ممثل الحكومة ولجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات من جهة والنواب مندوبي التعديلات المطالبة بإعادة النظر في هذه المادة التي جاءت من وجهة نظرهم لحماية الناشرين وملاك الصحف وإعفائهم من أية مسؤولية عن ما ينشر أو يبث في الوسائل الإعلامية التي يديرونها مقابل تحميل المسؤولية كاملة للصحفي ومعاقبته بغرامة مالية تصل إلى 75 مليون سنتيم في حال تضمنت كتاباته إساءة إلى رئيس الجمهورية بعبارات تتضمن إهانة أو سبا أو قذفا. وأكد النائب في كتلة حزب جبهة التحرير الوطني إبراهيم قار علي ومندوب عن أحد التعديلات السبعة التي طالب أصحابها بإعادة صياغة المادة 144 مكرر، أنه متمسك بالتعديل لأن ما جاء على لسان ممثل الحكومة في جلسة أمس الأول لمناقشة تعديلات النواب غير مقنع وأنه قرر إحالة التعديل الذي اقترح فيه معاقبة كل وسيلة إعلامية أساءت إلى رئيس الجمهورية بعبارات تتضمن اهانة أو سبا أو قذفا بغرامة مالية تصل إلى 750 ألف دينار إلى جلسة التصويت المقرر أجراؤها الأحد المقبل، مستندا في عرض الأسباب إلى أن إصدار النشريات يتطلب تحديد المسؤولين عن النشر مثلما يشترط ذلك القانون العضوي المتعلق بالإعلام فليس من المعقول من وجهة نظره منحه رخصة الإصدار ولا يحمل في المقابل المسؤولية عما ينشر في صحيفته. كما أشار قار علي النائب والصحفي الأسبق في لقاء معه إلى أن الوضعية الاجتماعية والمهنية المزرية للصحفيين تجعلهم لا يقدرون على تسديد الغرامة المالية التي تصل إلى 75 مليون سنتيم هي ثقيلة جدا على الصحفيين وأن لا أحد منهم يقدر على دفع هذا المبلغ بسبب جنحة صحفية وهو مبلغ كبير جدا مقارنة بمرتباتهم، مشيرا إلى أن الناشرين لا يوفرون للصحفيين حتى المحامين للدفاع عنهم، كما أن الصحفي مثلما يضيف النائب لا يمكنه أن يتحمل المسؤولية عن الغير إذا كان في حالة ناقل للتصريح بل إن العقوبة يجب أن تطال المصرح باعتبار أن جوهر العمل الإخباري يقوم على أساس التصريحات الصحفية. وحسب قار علي فإن مشروع التعديلات الذي أحالته الحكومة على المجلس جاء تحت عنوان رفع التجريم عن جنحة الصحافة ليتفاجأ النواب أنه جاء لحماية الناشرين وملاك الصحف ومعاقبة الصحفيين، مذكرا بعرض الأسباب الوارد في مشروع الحكومة والذي يتحدث عن أن الهدف من هذه التعديلات هو دعم حرية الصحافة من خلال إلغاء المواد التي تنص على سجن الصحفي، بينما المادة 144 مكرر وبصياغتها التي أعدتها الحكومة ووافقت عليها لجنة الشؤون القانونية تضيق على الصحفيين وتحد من حريتهم في التعبير لأنها تحملهم وحدهم المسؤولية وتعفي منها الناشرين. وعن المبررات التي قدمها ممثل الحكومة وأيدتها لجنة الشؤون القانونية والإدارية والتي لم تكن مقنعة لمندوبي التعديلات فهي القول إن المادة 144 مكرر لا تعني الصحفيين لهذا لا يمكن تحميل المسؤولية للناشرين وأن الصحفيين يخضعون لقانون الإعلام، بينما نص المادة واضح وصريح يؤكد محدثنا، لأنه يذكر حرفيا »سواء كان ذلك عن طريق الكتابة أو الرسم أو التصريح أو أية آلية لبث الصوت أو الصورة أو بأية وسيلة إلكترونية أو معلوماتية أو إعلامية أخرى« والوسائل المذكورة في المادة يوضح محدثنا تنطبق على وسائل إعلامية. ويؤيد محدثنا الطرح القائل أن المسؤولية شخصية ولكن عندما يتعلق الأمر بالإعلام فالمسؤولية يجب أن تكون مشتركة بين الناشر وكاتب المقال لأن الناشر هو من سمح بالنشر، وفي تعقيبه على مبررات ممثل الحكومة واللجنة المختصة أشار النائب قار علي إلى أن صياغة المادة لا تخلو من الغموض إلا أن القول إنها لا تتعلق بالصحفيين طرح غير مقنع تماما بل إن المادة حتى وإن كانت تشمل فئات أخرى إلا أنها تتعلق أيضا بالصحفيين ومن غير المنصف تحميلهم مسؤولية كتاباتهم وإعفاء الناشرين من المسؤولية.