أخذت حمى الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها في المنتصف الثاني من شهر ماي القادم، على جل اهتمامات الأحزاب السياسية القائمة منها والمرتقب اعتمادها على أساس قواعد وضوابط القانون الجديد الذي أقره البرلمان في إطار الإصلاحات التي باشرها الرئيس بوتفليقة• وفي سياق الحملة الإنتخابية التي يبدو أنها بدأت قبل الأوان في ظل تكثيف كافة الفعاليات السياسية لنشاطاتها الميدانية التحسيسية والتعبوية احتلت قضية توفير شروط وضمانات إجراء الانتخابات التشريعية القادمة حيزا هاما من النقاشات والجدالات والتجاذبات التي أثارتها مختلف الأطراف الحزبية، مما يؤشر إلى وجود رغبة لدى الجميع، سلطة وأحزابا وشعبا، مؤداها الحرص الشديد على أن تكون الاستحقاقات الانتخابية القادمة متميزة من حيث المشاركة التي تعبر عن ممارسة الفعل الديمقراطية الحر الواعي والمسؤول، ومن حيث شفافيتها ونزاهتها• إن العناية الفائقة التي تبديها مختلف الأطراف السياسية بالنسبة للعملية الانتخابية، نابعة من كون الكل يريد لهذه الأخيرة أن تكون محطة فاصلة ومنعرجا حاسما في المسار الديمقراطي، الذي يقطع الشك باليقين فيما يتعلق بإبعاد هاجس التزوير الذي كثيرا ما انتاب وما زال ينتاب الأحزاب السياسية والناخبين الجزائريين على حد سواء• هذا الهاجس الذي ما فتئ يخيف الكثيرين لكونه طبع بصفة أو بأخرى العمليات الانتخابية السابقة، ومن ثمة فإن بعض الأحزاب وبالأخص تلك المسماة بالصغيرة يعتريها الشك والريبة بأن يمتد التزوير إلى التشريعيات المقبلة، الأمر الذي يفتقدها مصداقيتها وعدم شرعية تمثيلية المجلس المتمخض عنها• ولعل مبررات المتخوفين من التزوير مردها إلى الممارسات التي ألفت الإدارة القيام بها، من حيث عدم الالتزام التام بالحياد المطلوب منها في مثل هذه المواعيد السياسية الهامة، أو من حيث إمكانية واحتمال التلاعب بالوعاء الانتخابي، أي بالزيادة أو النقصان• ولئن كانت الأحزاب الصغيرة والمعارضة عموما، هي من تثير شبهات التزوير بشأن العملية الانتخابية، فإنه لا يمكن نسيان أو تجاهل أن أحزابا كبيرة، كحزب جبهة التحرير الوطني أساسا، قد كان في يوم من الأيام المتضرر الأول من عملية التزوير التي شابت الانتخابات في سنوات ماضية، وعليه فمن يحاول توجيه التهمة، سواء من قريب أو بعيد، إلى "الأفلان" فهي مردودة على أصحابها بغض النظر كونها - أي الاتهامات - لا أساس لها وعارية تماما من الصحة، وأن مروجيها لا يريدون من وراء ذلك سوى تبرير عجزهم أمام الصندوق، وزرع الشك وإخفاء شيء من عدم الثقة وضرب صدقية الانتخابات• وإذا كان هناك من يحاول من الساسة والأحزاب إثارة والتلويح بالتزوير وعدم حيادية الإدارة، ويزرع الشك بشأن شفافية ونزاهة الانتخابات الآتية لسبب أو لآخر، أو لأهداف سياسوية، وغايات حزبية ضيقة، فإن هناك من يعتز ويفتخر بالضمانات الكافية المتوفرة لجعل التشريعات المرتقبة عملية متميزة في الجزائر• وما يؤشر ويدل على التفاؤل الذي يطبع تصريحات أغلبية الأحزاب، هو حرص الرئيس شخصيا والتزامه بإجراء انتخابات تعددية، ديمقراطية، شفافة ونزيهة، وحرة، تعبر بحق عن الإرادة السيدة للشعب واحترام اختياره مهما كانت النتائج التي يفرزها التصويت عبر الصندوق• إن ضمانات الرئيس تترجم في الميدان بالإجراءات الجديدة التي تضمنها قانون الانتخابات الجديد، من شفافية صناديق الاقتراع، والتوقيع بواسطة البصمة وتسليم محاضر الفرز بعين المكان، فضلا عن الإشراف التام من البداية إلى النهاية للجهاز القضائي على العملية الانتخابية، يضاف إلى كل ذلك الرقابة الدولية، والرقابة الحزبية من خلال المرشحين أنفسهم• حقيقة أن كل هذه العوامل وغيرها تجعل من تغليب كفة الشكوك والمخاوف التي يحاول البعض إحاطة التشريعيات المنتظرة بها، لا ترقى أن تكون عائقا أو عقبة في إنجاح الانتخابات من خلال ربح رهان المشاركة الشعبية عبر الاقناع بالأفكار والرجال، وإزاحة شبح التزوير نهائيا، والأهم من كل هذا وذاك أن يحترم الجميع النتائج التي يفرزها الصندوق•