لم ينتظر القيادي في حركة مجتمع السلم، الوزير عمار غول، إلى غاية انتهاء أشغال الدورة الطارئة لمجلس الشورى الوطني، ليلمح إلى تمسكه بخيار المشاركة في الحكومة ومؤسسات الدولة، بل وذهب ابعد من ذلك حين أكد انه تحت تصرف الدولة. غير أن القرار الذي تمخض عن مجلس الشورى والقاضي بفك الارتباط مع الحكومة والانحياز لخيار المعارضة، يطرح الكثير من التساؤلات عن مستقبل الحركة وموقع أنصار المشاركة. رغم انتصار أعضاء مجلس الشورى الوطني لحركة حمس للجناح المرافع لخيار المعارضة بنحو 134 مقابل 35 لأنصار المشاركة، إلا أن المتتبعين للشأن التنظيمي للحركة وتطوراتها على مدار العقدين الماضيين سواء من حيث تركيبتها أو من حيث الأجنحة المؤثرة في صناعة القرار فيها، يذهبون إلى القول أن حركة مجتمع السلم باتت اقرب إلى هزة تنظيمية شدة من تلك الهزة التي خلفتها نتائج الانتخابات، ويعتقد هؤلاء المتتبعون أن تصويت غالبية أعضاء مجلس الشورى الوطني على خيار المعارضة لا يعني أن جناح المشاركة لا يملك أوراق التأثير، فهذا الجناح الذي يقوده الوزير عمار غول وبعض زملاءه في الحكومة وعشرات الإطارات التي توغلت في دواليب الدولة ومؤسساتها الاقتصادية تحديدا تشكل تيار نافذا داخل الحركة وان بدا من خلال الدورة الطارئة لمجلس الشورى محدودا من حيث العدد، فالأمر باعتقاد المتتبعين يتعلق بشبكة مصالح كبيرة تكونت خلال العقدين الماضيين، أن على المستوى الإداري أو التجاري أو الاقتصادي بوجه عام. ويستند أنصار الجناح المشارك ما يسمونه النجاح الذي حققه الوزير عمار غول في الانتخابات المنصرمة بحصوله على 13 مقعدا في العاصمة رغم مشاركته في الحكومة، وهو ما يعني برأي هؤلاء أن المشاركة لم تكن وراء الهزيمة التي عرفتها الحركة ومن وراءها التكتل الأخضر، كما يستند أنصار المشاركة النتائج الكبيرة التي حققها كل من الآفلان والارندي وهما المحسوبين على السلطة. ومن هنا تبرز أهمية التصريحات التي أطلقها الوزير عمار غول والرامية إلى استعداده للمشاركة في الحكومة إذا ما دعي إليها من قبل الرئيس، فهل سيكرس هذا الموقف حالة من الانقسام داخل حركة الراحل نحناح يضاف إلى الانقسام الذي أفضى إلى انسحاب جماعة مناصرة؟ المراقبون يرون أن الحركة لم تخرج بعد من عنق الزجاجة، وان التحديات المقبلة قد تضع استقرار الحركة على كف عفريت، فخروج حمس للمعارضة وسعيها لقيادة تكتل أحزاب المعارضة، له حسابات إستراتيجية بالنسبة للجناح المعارض داخل الحركة، تتعلق في جوهرها باستعادة عذرية الحركة تحسبا للمحليات والرئاسيات التي تنوي الحركة استعادة مكانتها في الساحة من خلالهما، سيما في ظل بروز أحزاب إسلامية أخرى مثل العدالة والتنمية وجبهة التغيير اللتين انخرطتا منذ الوهلة الأولى في تصعيد اللهجة ضد السلطة، فضلا على هذا فان خيار المعارضة الذي اتخذه مجلس الشورى له علاقة في جانب كبير منه بالتحضير لمؤتمر الحركة العام المقبل، وتنافس الأجنحة داخل الحركة على قيادتها بعد إعلان ابوجرة عدم رغبته في الترشح لعهدة أخرى. ومن هذا المنظور يجد تيار المشاركة بقيادة عمار غول ووزراء الحركة وإطاراتها في مؤسسات الدولة وأجهزتها الإدارية أمام خيارين: أما العمل من اجل إحداث تغيير داخل الهيئة القيادية للحركة وهو خيار يبدو صعب بالنظر إلى تركيبة مجلس الشورى، وأما الذهاب إلى خيار راديكالي وهو الانسحاب من الحركة والمشاركة في الحكومة إذا ما دعيوا إليها بصفة مستقلة. وفي هذا المستوى من استقراء للمعطيات التي تدور داخل الحركة تبدو الأزمة المحيطة بحمس تتسع وتشتد، خاصة وان أطرافا في السلطة وحتى حزبي الآفلان والارندي مصران على مشاركة عناصر من حمس في الحكومة المقبلة.