أكثر من قرن من الصمت بل يكاد ينهي المائة الثانية وهو العملاق الأسطوري الذي لم تنحني قامته ولم يطأطئ رأسه رغم الأغلال التي أكلها الصدأ مثل الكلمات الصامتة في جوفه والتي كانت أكثر فصاحة عندما يفتح فمه نارا فيرتجف البحر ويشكل من المعتدين شظايا شكل جمل انتصاراته لأن بلاغة بابا مرزوق لم يزل يحفر الشعر في عمقها لعله يخرج بملحمة تتشكل فيها قصور المحروسة وحصونها، قبابها ومدارسها وأيضا فرسانها الذين روضوا البحر وأصبح مطيتهم التي أتعبوها ركضا، رجال أبحر في أحلامهم البحر حيث شكلوا منه الحكاية التي تروى لكل الحكايات والأساطير وعلموا عصافير الحامة ونوارس المحروسة كيف تغني سنفونية الانتصار هاهو بابا مرزوق يتخطى البحر والمطر ويمزق كل شرانق القدم ليعود خاطرا شعريا وينحت الكلمات أنصبة تذكارية للنصر وما السلاسل إلا أساور لزينة الانتصار وحتى وإن وقف ذلكم الديك المستنسر فإن صيحاته لم تبلغ مستوى دوي الرعد وهدير البحر، ولا يمكن لديك أن يتجاوز حدود العواصف وأن يحاصر شلال الشمس لأن بابا مرزوق ما يزال مضربا عن الدوي يعيش منفاه لكنه يعود في قصيدة تسمى ملحمة مستوحاة من تاريخ الجزائر كتاب مسموع ومقروء من إمضاء الشاعر أحمد بوزيان. يصدر كتاب ملحمة بابا مرزوق في قصيدة شعبية كأي أسطورة تنسجها الجدات لتدخل الدفء والتشويق والمغامرة لقلوب الأطفال المطلية بالأحلام التي تحب الارتحال مع الخيال إلا أن قصيدة الكتاب التي نركب معها البحر والرعد تعيد لنا التاريخ وتشكل لنا السفون ويبدأ الكتاب بعنوان أسطوري ملحمي "بابا مرزوق سيد مدافع المحروسة" ملحمة مستوحاة من تاريخ الجزائر كتاب مسموع ومقروء، من نظم الشاعر أحمد بوزيان. الكتاب قدم له الأستاذ الباحث محمد بن عمر الزرهوني، الأستاذ الذي ولع بالشعر والشعراء وانحاز الى القصيدة الشعبية ينفض عنها الغبار كأي تحفة أثرية بديعة ليعرضها للناس. يقول الأستاذ محمد بن عمرو الزرهوني مخاطبا الشاعر أحمد بوزيان: "سرني غاية السرور أنك فاجأتني بعد أيام معدودات من سماعك لقصيدتي "بابا مرزوق جاء" مغناة بصوت الفنان الشعبي عبد القادر شرشام، وأتيتني بملحمتك العصماء "بابا مرزوق سيد مدافع المحروسة، ملحمة مستوحاة من تاريخ الجزائر"، فانبهرت بمادتها وغزارتها وبلغتها الشعبية وجزالتها، اللتين كانتا في مستوى ما يطلبه حبك الشعر الملحمي". ويضيف الأستاذ محمد بن عمرو الزرهوني في مقدمته هذه المثنية على الشاعر قائلا: "ستسهم ملحمتك، ولا ريب في تحسيس الجزائريين والجزائريات بواجب التحرك على غرار الشعوب الغيورة على رموزها من أجل استرجاع هذا الرمز الذي لا يجوز القبول ببقائه أسيرا غريبا". أما كلمة الشاعر فقد أعطى للقارئ بطاقة نموذجية عن ميلاد المدفع ومنجزاته فيقول: "تم صنعه على يد الباشا حسان سنة 1542م، يبلغ طوله 7 أمتار، ومداه 4872م وكان يشرف عليه أربعة أشخاص من رجال المدفعية، استطاع أن يمنع سفن العدو من الولوج الى خليج الجزائر لردح طويل من الزمن، وقد أطلق عليه اسم "بابا مرزوق" لشدة انبهار سكان المحروسة بنجاعته وقوته وبلائه الحسن في الدفاع عن مدنتهم". تبدأ القصيدة الملحمة بشبح رجل جليل يجر أذيال برنوسه الأبيض كفرسان الأساطير، لحيته البيضاء وجبينه الساطع كأنه منحوت من فضة، يأتي الشبح يتخطى سدوف الزمن وينتصب لشاعرنا لروي حكايته قائلا: "واحترت أناكي نابل ذا الطيف اللي جاي عاجل شيخ من العربان فاضل وطرق حزني خفا وحيّاني بسلام حتى لومه كان هايل قالي علي بالقضا جارت الأحكام راني بين الناس حافي فارس وحديثه مرصع ختم فوق القلب وطبع وحكى لي قصة تروع عقلي وسط حكايته في لحظه هام قال جبيني كان يسطع غير إذا كان غيرت وجهى الأعوام ضاعت في الغربة أوصافي" الملحمة القصيدة استهلكت 72 صفحة من القطع الصغير، والكتاب يحتوي على 99 صفحة بالمقدمتين، التصدير الذي دبجه الأستاذ محمد بن عمرو الزرهوني وكذا التعريف بالبطل الاسطوري المدفع "بابا مرزوق" الذي غنى للبحر والشمس نغمات الرعد بلسان الانتصارات. الكتاب المسموع والمقروء من انتاج الوكالة الإفريقية للانتاج الثقافي السينمائي حي 1074مسكن عين النعجة الجزائر