أجمع المتتبعون لشأن الألعاب الأولمبية الجارية حاليا بجمهورية الصين الشعبية، أنها أحسن ألعاب في تاريخ هذه اللعبة، ليس فقط من حيث التنظيم، الذي أبهر به الشعب الصيني العالم كله، ولكن أيضا بقياسية المشاركة، وحجم الميزانية التي خصصت لإنجاحه والتي تفوق 40 مليار دولار، أي مداخيل محروقات الجزائر خلال سنة كاملة. أما العرض الذي قدته الصين في حفل الافتتاح، فقد أكدت الصحافة الغربية أولا على إبهاره العالم أجمع، وقد مر الحفل في ظروف مناخية جيدة جدا، وفي ظروف أمنية ممتازة. وبذلك يكون الغرب بسياسييه ووسائل إعلامه قد سقطوا سقوطا حرا في " عش الطائر " وهو الملعب الذي احتضن وقائع حفل الافتتاح بالعاصمة بيكين. لقد سقط الإعلام الغربي وسياسييه مثلما سقطوا في ساحة تيانمان عام 1989، فالسياسيون بدء من لندن ومروا على واشنطن ووصولا إلى باريس كانوا يهددون بإفشال العرس الصيني الكبير، من خلال إرسال تسريبات بعدم حضور رؤساء هذه الدول في حفل الافتتاح، وإخراج ورقة حقوق ا|لإنسان في الصين وفي تايوان وفي التبت بمجرد قرب الموعد الأولمبي ، وأخرج الغرب بشكل مفاجئ للعالم " الزعيم التبتي " داي لاما " وراحت تسوق له وتقدمه للتفاوض مع الصين، كورقة ضغط ومساومة، لكن الصين لم تخضع. وقبل أسبوع فقط من موعد انطلاق الألعاب، تجاهلت وسائل الإعلام الغربية تماما اللعبة، وراحت تركز على " قضايا " رغم أهميتها ، لم يكن ضروريا التطرق إليها في ذلك الوقت بالذات ، مثل "أن المناخ وحجم التلوث في العاصمة بيكين سيؤثر على الرؤية، ويؤثر على الأداء" وما إلى ذاك. وبشكل سريع وغير متوقع أصبح في صين إسلاميون إرهابيون، وبشكل عفوي استهدفوا 12 جمركيا عشية الألعاب بالضبط، فوجد الإعلام الغربي مادة اعتبرها أهم من الألعاب في حد ذاتها. وفي يوم 8 أوت، سقط الغرب كله في " عش الطير " ، فساركوزي وبوش حضرا حفل الافتتاح ، والمناخ كان رائعا، والوضع الأمني كان ممتازا. لقد تعلمنا من الغربيين أنفسهم، ومن خلال تقرير لجنة تابعة لليونيسكو عام 1975 نشرت تقريرها عام 1980 في كتاب ضخم يفوق 500 صفحة برئاسة شون ماكبرايد تقول أن تضخيم ما يجب تضخيمه يعد تضليلا إعلاميا، وتهوين ما يجب تضخيمهم يعتبر تضليلا إعلاميا. والربط المزيف بين قضية وأخرى يعتبر تضليلا إعلاميا. فالغرب اليوم يقتات من التضليل الإعلامي والسياسي. أصبح كل ما يصلنا من هناك مشكوكا فيه. والحقيقة أن الإعلام الغربي وسياسييه سيظلون يسقطون باستمرار، بسبب تعاملهم الانتقائي والمزدوج مع قضايا حقوق الإنسان والبيئة والإرهاب الدولي. من دارفور إلى غزة إلى العراق إلى الصومال إلى باكستان وإيران .. إلى تشاد والنيجر والبحيرات العظمى .. وأخيرا في عش الطير .. حيث استيقظ " العملاق النائم " ومد جناحيه.