هجمة عنيفة تعرض لها حزب جبهة التحرير الوطني من طرف الصحافة الوطنية المكتوبة باللغة الأجنبية وكذا بعض المعربة وهي هجمة كانت تنتظر اللحظة المناسبة والأسباب التي تسمح لمثل هذه الحملة المركزة والمبرمجة. لأن حزب جبهة التحرير الوطني أثار قضية وطنية ونبه الى حالة التفريط التي وصلت إلى حد وجب معه التنبيه حتى تستعيد اللغة العربية مكانتها يتعرض إلى كل هذا التجريح وحتى الصياح خوفا على مواقع كانت منذ الإستقلال حكرا على هؤلاء الباكين، ولم يكن للمعربين أي حظ في الوصول إليها وإدارة شؤون البلاد من خلالها. لا تهمني الإتهامات التى توجه للإشخاص والنقد اللاذع الذي في أحيان كثيرة تجاوز حدود اللياقة وقدسية المهنة وشرف الكلمة ولكن الذي يهمني هو أن هؤلاء المهاجمين الذين جردوا السيوف من أغمادها والأقلام من سباتها لينهالوا على حزب جبهة التحرير الوطني ويغرفون من الأكياس المخبأة والمعبأة حقدا وغلا ناسين بأنهم أصغر من أن يطالوا حزب جبهة التحرير الوطني وهم أقل من أن يتحدثوا عن حزب جبهة التحرير الوطنى حتى ولو بكلمة منصفة. الحملة الأخيرة كشفت عن واقع مؤلم وعن نوعية لاتزال تحلم بماض لن يعود، وآمال لن تتحقق. إنهم ورثة للعهد الذي أنهاه حزب جبهة التحرير الوطني بالدم ومن هذا سيظل عنوانا لأمة بأكملها ولشعب لم يقدم مثله أي شعب من التضحيات لاسترجاع السيادة والإستقلال، ومهما أرادوا لهذا الحزب أن ينتهي فإن الذي يحصل هو نهايتهم وفي مزبلة التاريخ. أقلام انبرت وبحقد كبير تطلق سهامها ممعنة في التقريع والتجريح، ويا ليتها كانت مؤمنة بما تقول إنما هي مكلفة بأداء مهمة لهم عليها المقابل ونسوا أنهم بذلك يعيدون ممارسات "الحركة" من جديد، فلا فرق بينهم اليوم وبين أولئك بالأمس عندما كانوا يواجهون جبهة التحرير الوطني وهي تخوض معركة الحرية. لن ينسى الإستعمار هزيمته وبقي يعمل بكل أدواته ووسائله وإمكاناته لينهي تاريخا ويزيل كفاحا من على هذه الأرض، وفي كل مرحلة من مراحل بناء الجزائر المستقلة وتطورها تبرز خلية جديدة من تلك الخلايا السرطانية محاولة التهام "السيادة" في أشكال متعددة في حزب اللغة الوطنية، في بيع ممتلكات الشعب، في بيع الثروة الوطنية، في نهب المال العام إلي غير ذلك من أساليب تحطيم الدولة وإعادة الشعب إلى نوع آخر من الهيمنة تحت مسميات جديدة وهي على كل حال كثيرة ومتنوعة في عصر العولمة. إن الذي يجري مع حزب جبهة التحرير الوطني من طرف ثلة "الأقزام" يذكرني بحادثة نابليون بونابارت حين غزا مصر وأراد أن يقضي على الحضارة المتجذرة في أعماق التاريخ بقصف تمثال أبو الهول، ولكنه لم يتمكن إلا من إحداث خدش ظل الى اليوم شاهدا على همجيته وليس على ما عنده من فكر وثقافة وحضارة ذلك هو الحال مع حزب جبهة التحرير الوطني، فمهما قصفوه إلا أنهم لن يكون أثرهم أكثر من خدش يبقى التاريخ يحفظه لهم كدليل على وطنية أهانوها.