دعا رئيس الجمهورية إلى ترشيد النفقات العمومية وتطبيق تعليماته الأخيرة المتعلقة بوضع حد للتبذير بكل صوره، ودعا وزير المالية كريم جودي إلى التفكير في إنشاء آلية مالية وطنية لدعم عملية تمويل الاستثمار الاقتصادي في البلاد، وكشف بوتفليقة ولأول مرة عن معارضته لفكرة الصندوق السيادي التي دافع بعنها وزير الطاقة شكيب خليل. محمد الناصر أشار رئيس الجمهورية مباشرة بعد الانتهاء من دراسة وتقييم قطاع المالية، إلى الأهمية التي تكتسيها وضعية المالية العمومية التي لا زالت تتحمل العبء الأكبر من التنمية الوطنية علاوة على أهمية القطاع المالي بجميع جوانبه بالنظر إلى الدور الذي يضطلع به من أجل تنشيط الاستثمار و من ثم إنشاء ثروات أخرى خارج مجال المحروقات، وخلال تطرقه إلى الوضعية المالية للبلاد ذكر رئيس الجمهورية بتعليماته التي أعطاها خلال مجلس الوزراء الأخير من أجل أن يتم وضع حد للتبذير بكل أشكاله و أن يتم ترشيد النفقات العمومية بشكل أكبر، وفي هذا الصدد أعطى الرئيس بوتفليقة تعليماته لوزير المالية بأن يؤخذ بعين الاعتبار في المستقبل عند دراسة أي مشروع استثماري عمومي بنفقات التسيير و النفقات الأخرى المتكررة التي يتطلبها، حيث أكد "أن ذلك غير موجه لكبح جهود الدولة في ميدان التنمية التي أوليها على الدوام أهمية خاصة ما دام التأخر الواجب تداركه لا زال كبيرا في بلادنا لكن يجب علينا كذلك تعزيز رؤيتنا للمستقبل على المديين المتوسط و الطويل لذلك فإني أؤكد على أن يتم تجسيد هذا المسعى خلال تحضير البرنامج الخماسي المقبل للفترة 2009-2014 كما أحرص على أن يعطي هذا البرنامج المقبل الأولوية للمشاريع التي شكلت محور دراسات مسبقة للشروع فيها دون تأخير أو إعادة تقييم". و في معرض تقديمه لملاحظاته حول عقلنة و ترشيد الموارد المالية للبلاد أعطى رئيس الجمهورية تعليماته لوزير المالية ببدء التفكير في إنشاء آلية مالية وطنية تكون الخزينة من خلالها قادرة على تجنيد و إثراء جزء من التوفير الهام للدولة من أجل دعم عملية تمويل الاستثمار الاقتصادي في البلاد، و قد أشار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في هذا الصدد إلى "أن البعض يقترح علينا المجازفة بإنشاء صندوق سيادي لتحقيق فوائد أكبر من احتياطياتنا من الصرف في الخارج إلا أنني اعتقد أن البلد لا زال في حاجة ماسة إلى لرؤوس أموال لتنمية الاقتصاد الوطني و هذا لا يدعو البتة إلى ارتياء هذا الخيار". و فيما يخص المصالح الجبائية والجمارك أمر رئيس الدولة بأن يتم تبني برنامجا خاصا لدعمها و عصرنتها، واستطرد رئيس الجمهورية يقول: "بعد ما شرعنا خلال السنوات المنصرمة في برنامج خاص لتنمية أجهزة العدالة والشرطة الوطنية والدرك الوطني وحراس الحدود علينا في الوقت الحاضر التركيز علي مصالح الضرائب والجمارك، بهذا المسعى سوف نعزز دولة القانون وندعم إطارا شفافا من أجل التنمية الاقتصادية ونقضي على مصادر الغش والمال غير المشروع". ولدى تطرقه لعملية الانتهاء من المسح العام الذي خصصت له مدة لا تفوق عشر سنوات اعتبر رئيس الجمهورية أن هذا الأجل مبالغ فيه و أمر وزير المالية بتعبئة كل الوسائل اللازمة بما فيها الجوية حتى يكتمل إنجاز هذه العملية في مدة أقصاها خمس سنوات بما فيها شمال البلاد، وأضاف رئيس الدولة يقول: "أن عملية استكمال المسح تكتسي أهمية أساسية خاصة بالنسبة لتهيئة الإقليم و العمران والصفقات و الاستثمار أيضا". وفيما يخص النظام المصرفي سجل رئيس الدولة الجهود التي بذلت و دعا إلى مواصلتها وأضاف رئيس الجمهورية: "أننا مع الانفتاح على البنوك الأجنبية و البنوك الخاصة و لكن في ظل احترام المعايير العالمية، فعلى سلطة النقد إعداد دفتر للأعباء يحدد بعض المقاييس للبنوك التي ترغب العمل في الجزائر لا سيما التزامها وجوبا بتخصيص جزء من حقائبها لتمويل الاستثمار تمويلا حقيقيا وليس الاقتصار علي مرافقة التجارة الخارجية أو تشجيع القروض للاستهلاك، سنحترم المعايير الدولية مع شركائنا الأجانب في جميع المجالات ولكننا ننتظر منهم احترام مصالح الجزائر"، وعلاوة علي ذلك أعطى رئيس الدولة تعليمات إلى وزير المالية الذي يمارس الرقابة علي البنوك العمومية بالحرص على البحث عن الطرق و الوسائل الكفيلة بمضاعفة القرض لتمويل أي استثمار منتج وسليم ونزيه. وشدد رئيس الجمهورية بالقول "علينا المضي في تشجيع الاستثمارات المنتجة الجديدة ليس تلك القائمة على المضاربة و لكن تلك التي تسهم في توفير ثروات فعلية و في خلق مناصب الشغل" و أمر "الحكومة بإيجاد حلول لهذه المسألة". و أخيرا ولدى تطرقه لمباشرة نشاط المحافظة المكلفة بالتخطيط و الاستشراف أشار رئيس الجمهورية قائلا "لن تكون لنا معلومات صحيحة عن مواطن عجزنا وعن واقعنا الاقتصادي والاجتماعي إلا بفضل أداة للإحصاء تكون من أرقى النوعيات، وواصل بوتفليقة يقول أننا أيضا بفضل تخطيط استدلالي و لكن فعال سوف نستطيع توجيه المصاريف العمومية للتنمية بمزيد من العقلانية وتوجيه الاستثمار نحو القطاعات التي تعتبر بلادنا أنها تحظي بالأولوية ونحو المناطق التي نريد أن نركز عليها في إطار التوازن الجهوي وتهيئة الإقليم، وسيكون في مقدورنا بفضل طاقتنا في الاستشراف أن نقود تنميتنا الوطنية لنعطيها طابع الاستمرارية والتواصل بين الأجيال وأن نقيها من مغبة ما قد يحدث في المستقبل"، و في ختام كلمته أعطى رئيس الجمهورية تعليمة موجهة إلى الحكومة تقضي بدعم ومساعدة المحافظة المكلفة بالتخطيط والاستشراف. للإشارة باشر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة جلسات الاستماع مع الوزراء والتي تحولت إلى تقليد رمضاني دأب عليه الرئيس منذ رمضان السنة الفارطة، وتعتبر جلسات الاستماع فرصة بالنسبة لبوتفليقة للوقوف على أداء مختلف القطاعات وتقويم نشاطاتها ومعرفة المشاكل التي يواجهها كل قطاع، ومن ثمة إعطاء التوجيهات اللازمة التي تسمح بتدارك النقص وتحسين أداء القطاعات بما يكفل التنفيذ الجيد للبرنامج الرئاسي.