بعض الأخبار أحيانا تثير في النفس القرف وربما العجب، كأن تسمع عن داء الطاعون الذي استشرى في المواشي بالجهة الشرقية للمملكة المغربية، ثم تسمع عن إجراءات عاجلة قامت بها وزارة الفلاحة بالتعاون مع مصالح الدرك الوطني وحرس الحدود لمنع دخول المواشي المغربية أو خروج المواشي الجزائرية قصد محاصرة الداء في المهد ومحاربة العدوى وتلقيح قطعان الولايات المجاورة. وجه العجب ليس هنا، بل حينما تسمع تصريح وزير الزراعة المغربي الذي يتّهم الجزائر بأنها مصدر الطاعون وأنه وفد إلى المملكة عبر التهريب. لا نملك معطيات لدحض المعلومات التي وردت في تصريح الوزير، خاصة أمام عدم صدور أي بيان رسمي من قبل وزارة الفلاحة أو أي توضيح على لسان الوزير رشيد بن عيسى. يحيل ما حدث إلى المشكلة الجوهرية بين البلدين وهي مشكلة الوحدة المغاربية والتعاون والتنمية المشتركة، لأن التحديات الجسيمة كثيرة ومتعددة لعل التنسيق في المجال الزراعي والبيطري إحداها، وتلك هي الرهانات الحقيقية التي تمنح للاتحاد المغاربي معناه ودينامكيته بدل تبادل رسائل التهاني وعبارات البروتوكول والمجاملات. هو المعنى الصحيح للحدود التي تتحوّل إلى جسور تعاون وتبادل وعبور للأشخاص والسلع في كنف الأمن والرقابة المتينة في مواجهة التهريب والإرهاب والجريمة المنظمة. سواء جاء داء الطاعون من مواشي المغرب أو الجزائر فليس من الأخلاق المزايدة السياسية والإعلامية في الموضوع، لأن السبب في طاعون المواشي هو الطاعون الأكبر الذي يعطّل إرادة الشعوب في الوحدة والتنمية والديمقراطية وأعني طاعون السياسة في المنطقة الذي أصاب التاريخ المشترك لهذه الدول بالجمود القاتل، بل وفسح المجال لطواعين أخرى مثل طاعون الإرهاب والتطرف وطاعون المخدرات وطاعون التهريب ناهيك عن المؤامرات وعدم الثقة وسباق التسلّح والاستعانة بالأجنبي والقائمة نتنة..! بعض الأخبار تثير في النفس القرف أحيانا خاصة إذا كانت صناعة إعلامية مخبرية تمّ إنتاجها لأهداف مكشوفة ومقيتة، وطاعون المواشي إحداها فاحذروه..! "بعض الشيء أهون من بعض". حكمة عربية [email protected]