تحوّلت الصلاة في مساجد غزة إلى مخاطرة كبيرة، يمكن أن تودي بحياة من يقدم عليها، بعد تعمد إسرائيل استهداف مساجد القطاع بشكل متعمد، حتى وصل عدد المساجد المستهدفة إلى 14 منذ بدء الهجوم. استهجنت وسائل الإعلام الإسرائيلية صمت العالمين العربي والإسلامي على هذا التدمير المتعمد، وقالت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إن الجيش الإسرائيلي توقع ردة فعل أكثر صعوبة على تدمير المساجد من العالمين العربي والإسلامي. وكان آخر هذه الاستهدافات الغارة التي شنتها الطائرات الإسرائيلية النفاثة من طراز "أف 16"، حيث ألقت قنبلة تزن نصف طن على مسجد إبراهيم المقادمة، في بلدة بيت لاهيا أقصى شمال القطاع، أثناء أداء عشرات المصلين صلاة المغرب، ما أسفر عن مجزرة جديدة، راح ضحيتها 16 قتيلا وعشرات الجرحى. ودفعت هذه المجزرة بعض الفلسطينيين للامتناع عن أداء الصلاة في المساجد، على اعتبار أن إسرائيل بإمكانها أن تقصف أيا منها بزعم استخدامه لتخزين السلاح أو للتدريب على السلاح، بحسب تقرير نشرته صحيفة "الشرق الأوسط"، الاثنين في الخامس من الشهر الجاري. لكن هناك الكثير من المصلين الذين أصرّوا على التوجه للمساجد لأداء الصلوات جماعة، منهم أسامه سلمان (46 عاماً) الذي كان من ضمن العشرات من الأهالي من سكان حي بركة الوز، الذين توجهوا لأداء صلاة الفجر في مسجد المهاجرين في الحي، وتساءل أسامة، مبرراً قراره "وهل الصلاة في البيوت تمنع القصف والموت، الكثير من الناس قتلوا في منازلهم وليس في المساجد"، وأضاف "رغم أن الصلاة في المساجد مخاطرة، لكن الأعمار بيد الله، وسأواصل الصلاة فيها". كذلك اعتبر أبو عدنان (78 عاماً)، العجوز الذي يحرص على أداء كل الصلوات في مسجد "المهاجرين" أن الفلسطينيين مطالبون بالإصرار على مواصلة أداء الصلوات في المساجد في ظل هذه الأوضاع، "حتى لا تنجح إسرائيل في تمرير مخططها الهادف إلى إبعاد الناس عن المساجد"، على حد قوله. لكن رغم ذلك، فإن المصلين في معظم المساجد، وبغض النظر عن الجهة التي تتبع لها يعكفون حاليا على جمع الصلوات بسبب الأوضاع الأمنية، حيث يتم جمع صلاتي الظهر والعصر، وصلاتي المغرب والعشاء، وأفتى علماء الدين بجواز جمع الصلوات بسبب تعمد الجيش الإسرائيلي استهداف هذه المساجد. غير أنه من ناحية ثانية، بدأ الكثير من العائلات التي تقطن بالقرب من المساجد تخشى أن تتعرض للأذى في حال قصفها، واتخذت بعض العائلات التي تتاخم منازلها بعض المساجد التي تسيطر عليها حركة حماس إجراءات أمنية احتياطية حتى لا تتعرض للأذى في حال تم قصف هذه المساجد، وبعض هذه الأسر أخلت منازلها، بينما انتقل أصحاب المنازل القريبة من هذه المساجد، للعيش في الطوابق الأرضية، خشية أن تطال صواريخ وقذائف الجيش الإسرائيلي هذه البيوت. إلى دمّر الجيش الإسرائيلي حتى الآن مساجد هي مسجد عماد عقل في مخيم جباليا حيث أدى تدميره إلى انهيار منزل متاخم له، الأمر الذي أدى الى مقتل 5 شقيقات من عائلة بعلوشة, كما دمر مسجد أبو بكر الصديق في بلدة بيت حانون أقصى شمال قطاع غزة، ومسجد النصر الأثري جنوب القطاع، الذي يرجع بناؤه إلى عام 736، والمقام على أرض معركة جرت بين المسلمين والفرنجة انتهت بنصر المسلمين، كما استهدف مسجد عمر بن عبد العزيز جنوب القطاع، ومسجد الشفاء والعباس في مدينة غزة. هذا إلى جانب مسجد السرايا والمجمع في غزة، ومسجد عمر بن الخطاب في مخيم البريج، ومسجد الخلفاء الراشدين في القرارة جنوب القطاع، ومسجد الأبرار في بلدة بني سهيلا جنوب شرقي القطاع، ومسجد بلال بن رباح في رفح جنوبغزة، ومسجد القسام في خان يونس جنوب القطاع.