"مذنبون لون دمهم في كفي "هو عنوان الرواية الجديدة للمبدع الحبيب السائح الصادرة ضمن منشورات دار الحكمة، تقع في 301 صفحة من الحجم المتوسط، ويواصل المؤلف في ملامسة وحفر مشروعه الروائي المتكئ على التراث والتاريخ، لكن هذه المرة تحيلنا الرواية بشخوصها وأحداثها المكتنزة بالهم والخطاب التوثب للموت المفاجئ إلى المرحلة الدموية في جزائر ال90 . فانطلاقا من مشهد اغتيال عائلة رشيد المكونة من والديه وأخته يتبين نبض الرواية ويتكاشف على ضوء الفلاش باك وتقنية الاسترجاع الزمكاني وهنا تبرز قدرة الروائي الحبيب السائح على نسج هذه القطعة النادرة المفعمة بالألم الدفين ويداهم ذاكرتنا الجماعية المفجوعة من جديد لسؤال جدوى الموت المجاني ومن هو المسؤول عن الانفلات وحالة اللاوعي والتشرذم لشخوص تحمل شخوص الرواية قناعات لكنها لا تعكس بالضرورة موقفا إبداعيا اتجاه ظاهرة• وربما كان الروائي حذرا في استظهار مواقف سياسية وتكوينه الداخلي وإن لم يراهن الحبيب السائح في روايته لمقاضاة مواقف وسلوكات سياسية أو مصالح ظرفية إلا أنه كان حريصا على تجاوز اللعبة السياسية وظلالها نحو أفق إبداعي ذكي مؤسس ينم عن غوصه في ملامح شخصيات قد تكون حقيقية بما أضفاه على لغة وأداء شخوصه مراهنا على الغوص في جمالية وبنية سردية نادرة لها أدواتها وعناصر خلطتها السحرية التي تأسر القارئ منذ السطور الأولى لروايته وتحثه على تقفي وتتبع جسد وروح الرواية بأدق تفاصيلها• وتحيلنا الفصول الثمانية للرواية إلى ما يشبه السيناريو من ناحية بنية الحوار وحركة الشخوص وتواتر الأحداث بلغة سلسة وأسلوب رفيع ما يجعل القارئ أمام رواية بالصوت والصورة وترتسم أمامه بكل تألقها• وتدور أحداث الرواية على انتقام الشاب رشيد خريج الجامعة من لحول الإرهابي الذي اغتال والده الطيب ولد العربي وأمه وأخته رغم أنه استفاد من إجراءات العفو والمصالحة ليحقق العدالة بيده وهو ما دفع صديق والده المجاهد بوركبة وصديقه أحمد والزهرة إبنة الإمام إسماعيل المغتال لدى جانب الضابط لخضر على مساعدته على الهرب وعدم القبض عليه• تفتح الرواية شهية السؤال السياسي في الجزائر وتعكس كمبادرة أولى وبعيدا على ما اصطلح عليه "الأدب الاستعجالي" رؤية النخبة والمثقف الجزائري اتجاه مرحلة غامضة وضبابية من تاريخ الجزائر الحديث، فقد نجح الروائي الحبيب السايح في تجاوز إعطاء الأحكام المسبقة والجاهزة عن الظاهرة وتبريراتها•وقدم نصا إبداعي برائحة سياسية .