حظي رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة باستقبال جماهيري مميز خلال الزيارة الميدانية التي قام بها أمس إلى ولاية البليدة، حيث خرج آلاف المواطنين عبر الشوارع والطرقات يهتفون بشعارات توحي بحث الرئيس على استكمال مسار التنمية مرددين عبارة "عهدة رئاسية ثالثة"• أشرف رئيس الجمهورية في زيارته الميدانية لولاية البليدة على تدشين عدة مشاريع حيوية بالمنطقة انطلاقا من تدشينه لمقطع الطريق السيار شرق غرب الرابط بين مدينة العفرون والحسينية والممتد على طول 25.250 كلم، بكلفة تجاوزت 2 مليار سنتيم• كما انتقل بوتفليقة بعدها مباشرة إلى بلدية بوعرفة أين أشرف على تدشين عدة منشآت بحي "دريوش" من بينها متوسطة محمد العيد آل خليفة، وربط 1350 مسكن بالغاز الطبيعي، وكذا تدشين مركز تجاري يضم (79 + 78) محل موجهة للاستعمال المهني، بالإضافة إلى تدشين مشروع 200 مسكن من نوع إيجاري اجتماعي وروضة للأطفال• ولعل ما ميز حي درويش خلال زيارة الرئيس هو تلك الحشود الجماهيرية التي خرجت تهتف بعهدة ثالثة لبوتفليقة داعية إياه إلى استكمال مسار التنمية الوطنية على جميع الأصعدة•• ونفسها المشاهد تكررت عندما انتقل الرئيس إلى قلب مدينة البليدة وبالتحديد بساحة "أول نوفمبر"، أين خرج عديد المواطنين عبر الشوارع والطرقات للتعبير عن فرحتهم أمام عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية وفور لقائه بالجماهير الشعبية توجه إلى قاعة شعلال التي شهدت الاحتفال باليوم الوطني للشهيد أين التقى بالأسرة الثورية وعلى رأسها وزير المجاهدين محمد الشريف عباس وألقى خطابا بالمناسبة• أما الفترة المسائية فقد شهدت بدورها نشاطا كبيرا، حيث توجه رئيس الجمهورية إلى مستشفى "فرانس فانون" أين قام بتدشين مصلحة "التأهيل الطبي"، كما عاين مشروع أجهزة التصوير بالأشعة التي تم تنصيبها على مستوى مختلف المصالح المختصة في تشخيص الأمراض السرطانية• وعاين رئيس الجمهورية عملية تسليم مصحتين متحركتين لتغطية المناطق النائية على مستوى ولاية البليدة، بالإضافة إلى تسليم سيارتين للإسعاف لصالح البلديات الريفية• كما زار عبد العزيز بوتفليقة محطة "التليفيريك" التي تم إعادة إصلاحها وتأهيلها من جديد والتي تربط بين البليدة بني علي والشريطة• تواصلت زيارة رئيس الجمهورية حيث انتقل إلى مركب المديرية والوحدة الرئيسية للحماية المدنية بحي بن بولعيد وأشرف على تدشين مقر للمديرية والوحدة الرئيسية هناك• ويبقى أن المحطة الأخيرة للرئيس كانت أولاد عيش أين قام بتدشين مشروع 224 مسكن تساهمي ومشروع سكن آخر يضم 180 مسكن، أما ببني مراد فقد دشن بوتفليقة مشروع السكن التساهمي الخاص ب 228 مسكن لتنتهي زيارته في وقت متأخر من نهار أمس• كما رافع رئيس الجمهورية مطولا في خطاب ألقاه أمس خلال إشرافه على الاحتفال باليوم الوطني للشهيد بالبليدة، حيث اعتبر أن اختيار 18 فيفري يوما وطنيا للشهيد دليل على وجود إرادة للتواصل والوفاء بين جيل الثورة وجيل الاستقلال، وأكد أن هذا الشهر تميز بمحطات تاريخية هامة وحوادث مؤلمة، انطلاقا من تأسيس المنظمة السرية بتاريخ 18 فيفري 1947 وطرح القضية الجزائرية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالإضافة إلى بلوغ العدوان الاستعماري قمة وحشيته وتنفيذ فرنسا لواحدة من أبشع التجارب النووية السطحية في ناحية رفان وغيرها من الأحداث التي ميزت تلك الفترة• ومن هذا المنطلق قال بوتفليقة إن رصيد الشهداء الذين ضحوا من أجل الجزائر لا تقتصر أهميته على الجانب المعرفي والتاريخي فقط، بل تفيد لذلك في صياغة وعي جديد يتكامل ويكمل مسار تضحياتهم ولا ينقصها أو يتناقض معها• وفي سياق متصل أكد رئيس الجمهورية على ضرورة الإهتمام بالمادة التاريخية التي من شأنها أن تكون مرجعا للأجيال القادمة حيث أشار إلى أهمية توفير البيئة المناسبة لتشكيل الوعي وردد قائلا "إني أشعر بالارتياح إزاء ما ألاحظه من اهتمام متزايد بالانتاج والبحث واستغلال الوسائل والوسائط المختلفة المطبعية والإعلامية، من الإنتاج وتدوين التاريخ وتقويمه بطريقة مدروسة وهادفة"• واعتبر الرئيس كل المجهودات التي تم بذلها في هذا الإطار من أجل ترقية التاريخ لتوطيد أركان المدرسة الجزائرية التي تبقى وحدها المخولة لأن تعبر بصدق، على حد تعبيره، عن تطلعات المواطنين إلى معرفة تاريخهم من مصادره الأصلية بلا تزييف أو تحريف• وفي هذه النقطة بالتحديد أكد بوتفليقة أنه كلما اكتمل الوعي بالقيم والدوافع التي حركت جيل الثورة كلما زاد النجاح في تحقيق الإضافات المطلوبة على ذلك المسار، وفي مقدمة ذلك إزالته آثار المسخ والتشوهات التي أصابت بعض الأجزاء من الهوية الوطنية• ولم يفوت الفرصة لتوجيه انتقادات لاذعة لمن وصفهم بأصحاب النوازع والأغراض، حيث أشار إلى أن دسترة العلم الوطني والنشيد الوطني والعناية بتدريس التاريخ الوطني باتت من الأولويات الملحة لحفظ أركان مهمة من أركان الهوية الوطنية وضمان بقاء الجزائر حرة سيدة مستقلة موحدة غير مبتورة عن امتدادها الأصيل• وفي حديثه عن وضعية المجاهدين أكد بوتفليقة أن الجزائر عملت على صون مكانة المجاهد ومكانة الشهيد عبر ذويه في سلم القيم من خلال العناية بتحسين الأوضاع المعيشية والاجتماعية وتوسيع نطاق الرعاية الصحية والنفسية للمستحقين من المجاهدين وذوي الحقوق• ومن ثم انتقل رئيس الجمهورية إلى مواضيع التنمية حيث قال "لا مراء في أننا نقطع كل يوم خطوات كبيرة على صعيد التعليم والصحة والمنشآت القاعدية ولا يمكن للمشككين والجاحدين أن ينكروا أن الجزائر تتقدم وتتطور بنسب مطردة وفي مختلف المجالات وبكيفية تجعلها بمنآى عن النكوص أو الانكفاء لكنني أرى الحاجة إلى المزيد من الإرواء بالوطنية لكل ما نقوم بإرسائه وإضافته إن على الصعيد البشري أو على صعيد المرافق والمنشآت التي نبنيها وتستهلك منا الجهد والأموال"• وأكد رئيس الجمهورية على أهمية تجنيد كل الطاقات البشرية والإمكانيات المتوفرة في عملية البناء على كل المستويات وفي جميع المجالات• واعتبر أن إدخال موقع المرأة الجزائرية في التعديل الدستوري الأخير لا يمثل إحقاقا لحق ظل مشوبا بالكثير من التأويل الخاطىء ولكنه سد أمام أي تراجع عن المكاسب التي حققتها المرأة على صعيد التعليم وتشجيعها على اقتحام الميادين الأخرى• رئيس الجمهورية الذي بدا متفائلا في خطابه أكد أن الجزائر تعيش مؤشرات اقتصادية واعدة وتعرف تحولات إيجابية واقعية ملموسة وقال "إنه باستثناء بعض الأصوات التي يحلو لها احتراف مهنة التغريد خارج السرب فإنه لابد من الإشادة بجهود الجميع، حيث تحققت حركية كبيرة بالرغم من المعوقات الموروثة عن سنوات المحنة، وبالرغم مما طرأ على الأوضاع الاقتصادية العالمية من تدهور واضطراب مالي معقد لم تتضح مخارجه بعد"• وعليه فإن الجزائر وبالنظر إلى ما حققته في الآونة الأخيرة قادرة على التأسيس لمراحل أخرى أكثر تطورا وبالرغم من الاعصار الاقتصادي والمالي الذي ضرب كبريات الاقتصاديات في العالم، وذلك اعتمادا على الطاقات والقدرات الذاتية• وختم رئيس الجمهورية خطابه بنداء وجهه إلى الجيل الحاضر دعا من خلاله شباب الجزائر إلى التأسي بالشهداء الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون وكذا الاقتداء بمسارهم عبر الوفاء لمنهجيتهم في مجابهة الصعاب واقتحام التحديات•