نقلت وسائل الإعلام العربية والدولية مؤخرا أن التلفزة الإسرائيلية العاشرة بثت رسوما متحركة تسيء لسيدنا عيسى عليه السلام وتصفه بالمجهول الأب، وتتهكم على السيدة مريم عليها السلام، في إساءة واضحة للدين المسيحي الذي يعد الدين السماوي الذي يحتل المرتبة الأولى من حيث الأتباع في الوقت الرهان. فهل نخب العالم الغربي التي لم تر هناك أي حرج في الإساءة للدين الإسلامي والرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، واعتبرتها من باب حرية الرأي والتعبير، لا تتحرج من الإساءة للمسيحية وتدخلها في الإطار ذاته : حرية الرأي والتعبير ، التي تكفلها المواثيق والأعراف الدولية بدء بميثاق الأممالمتحدة لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 . أنا نفسي أومن بأن للكعبة ربا يحميها، ولو أني كتبت في مرات سابقة أن عبد المطلب اتخذ موقفا متخاذلا، فهو سيد قريش وهي ما هي عليها من القوة والسيادة والريادة بين القبائل حينذاك، يتنازل إلى الدرجة التي يطالب فيها ببضعة نوق وإبل، ويترك الكعبة تحت رحمة فيلة أبرهة الحبشي .. فأي قيمة لقريش ولعبد المطلب بدون الكعبة حتى لو كان يملك نوق الدنيا كلها ؟ قلت إن للكعبة ربا يحميها، وكذلك للأنبياء والرسل والأديان .. لكن الأتباع على الأقل عليهم أ، يغيروا على أديانهم ورسلهم .. ونحن المسلمون أولى بعيسى وموسى أيضا من اليهود والنصارى، فالإيمان في ديننا ينص على الإيمان بجميع الرسل. لذلك نعتقد أن الإساءة لمختلف الأديان إنما هو تجاوز للآداب والأخلاق العامة، ومدعاة لإثارة الكراهية بين الشعوب وتحبيك للصراع. لكني أدعو نخب الغرب إلى التريث قليلا في مسألة حرية الرأي والتعبير، فلماذا يدافعون عنها ويتسمون بها ويجدون له التبريرات القانونية والفلسفية وغيرها، حتى عندما يتعلق الأمر بقضايا مقدسة مثل الأديان والأنبياء والرسل. بينما نخب الغرب نفسه التي تؤمن بكل هذا ، لا ترى مانعا من تضييق اليهود والصهاينة على الإجتهاد في قضايا تاريخية عديدة ، ومنع الأوروبيين أنفسهم ، من التطرق لقضايا اختلف حولها الرأي، مثل قضية الهولوكوست ؟ لماذا يمنعون رجال الفكر من إثارة هذه القضية، لماذا يسنون فيس فرنسا قانون " المراجعة " يمنع المؤرخين الفرنسيين من مراجعة التاريخ المتعلق باليهود .. أين هي حرية الرأي والتعبير وحرية البحث ؟ ألا تقام القيامة ضد كل من يكتب ما لا يرضي الصهيونية، ويتهم بالمعاداة للسامية، حتى لو كان على حق، أو حتى لو كان فكره قابل للنقاش ويستند لأدلة جديدة ومنطقية، في إطار حرية الرأي والتعبير ؟ ألم يطرد رجل دين إنجليزي مؤخرا من الأرجنتين بسبب إدلائه بتصريحات تشكك في صدقية " الهولوكوست " التي شكك فيها كثير قبله مثل المفكر الفرنسي روجي غارودي ؟ يا نخب الغرب أفيقوا .. حرية الرأي يجب أن تكون من حق الجميع .. أو لا تكون .. وإذا قدرتم أن من ينتقد الهولوكوست هو معاد للسامية .. فماذا تقولون عمن يسيء للأديان السماوية وأنبيائها .. إذا كانت الثانية هي من باب الحرية .. فلماذا لا تكون الأولى كذلك ؟