خلافا لكل الطبعات التي عرفها معرض الجزائر الدولي منذ نشأته، حيث كانت الشركات الأوربية، لاسيما الفرنسية منها، تحتل الريادة دوما سواء من حيث التمثيل أو نوعية الحضور، فإن الصين ستكون لأول مرة في تاريخ المعرض الدولي الجزائري، البلد الأكثر تمثيلا ب 141 شركة صينية تعمل في مختلف النشاطات الاقتصادية والصناعية، الأمر الذي يبين مدى الاهتمام الصيني بالسوق الجزائرية. وتتميز خصوصية هذه الطبعة، بالحضور الكبير للشركات الصينية وتراجع الشركاء التقليديين للجزائر في هذه التظاهرة الاقتصادية والتجارية، حيث كانت الشركات الأوربية ،خاصة الفرنسية منها، تشارك بقوة منذ الاستقلال إلى اليوم، لكنها تراجعت هذه السنة بشكل محسوس أثار اهتمام وتساؤلات المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين، نظرا للعلاقات الكثيفة القائمة بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط وما يمثله الفضاء الأوربي من جال حيوي للمتعاملين الاقتصاديين والمؤسسات الوطنية من حيث التصدير والاستيراد. وحسب الأرقام التي نشرها الديوان الوطني للمعارض، فإن أهم شركاء الجزائر التقليديين يمثلون 273 عارضا يتوزعون بين فرنسا(135مؤسسة)، إيطاليا (79 مؤسسة)، ألمانيا (33 مؤسسة) والولايات المتحدة ب26 مؤسسة فقط، ويتضح من هذه الأرقام أن الصين ترغب في لعب أدوار أهم في الاقتصاد الوطني، خاصة وأنها تمثل الممول التجاري الثالث للجزائر بحوالي 4 مليار دولار بعد فرنسا وإيطاليا مباشرة، كما تعتبر هذه المرتبة مهمة، إذا علمنا أن المبادلات التجارية بين الصين والجزائر لم تكن تتجاوز 200 مليون دولار فقط سنة 2001. واستنادا إلى الأرقام التي نشرتها الهيئات الوطنية المختلفة، فإن حجم الصادرات الوطنية نحو الصين بلغت سنة 2008 مليار و200مليون دولار، في حين قاربت واردات الجزائر من نفس البلد حوالي 3 مليار دولار، الأمر الذي يفسر الاهتمام الصيني ببلادنا، خاصة وأن الجزائر تتهيأ لإطلاق مخطط وطني جديد لدعم وإنعاش الاقتصاد الوطني بغلاف مالي ضخم يبلغ 150 مليار دولار يمتد على خمس سنوات. وتفيد معطيات السفارة الصينية بالجزائر من جهة أخرى ، أن عدد طلبات التأشيرة من الجزائريين ما فتئ يتزايد خلال السنوات الماضية ،حيث منحت الصين ما لا يقل عن 14000 تأشيرة سنة 2007 في تعمل بالجزائر 40 مؤسسة صينية في مختلف المجالات، نذكر منها قطاعات البناء، الطاقة الاتصالات والنقل. وبصرف النظر عن "الحرب" التجارية والاقتصادية الدائرة بين الغرب والصين وفيما بين الدول الأوربية ذاتها، إلا أن الصين حققت اختراقا مهما في السوق الجزائرية في ظرف وجيز وأصبحت تنافس كبريات الشركات الأوربية في انتزاع المشاريع الاقتصادية، وقد أثبتت قدرتها على المنافسة وجودة الخدمات التي تقوم بها ببلادنا، لكن برأي مختصين، فإن الفتور الأوربي هذه السنة إزاء المعرض الدولي الوطني، أملته ظروف الأزمة الاقتصادية العالمية التي تعصف باقتصاديات الدول الصناعية. وكان الرئيس بوتفليقة قد ذهب بعيدا في حديث لجريدة "الشعب" الصينية بمناسبة زيارته لبيكين حيث أوضح قائلا "أن الجزائر تقوم حاليا بإنجاز مشاريع ضخمة، وأن أهمية هذه المشاريع تكمن في مضاعفة الاستثمارات الصينية ببلادنا خارج قطاع المحروقات، خاصة إنشاء منطقة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، التي يجري التحضير لها، ثم أن العلاقات القائمة بين البلدين ذات طبيعة إستراتيجية ومبنية على الثقة والشمولية وتوازن المصالح".