دافع وزير العدل حافظ الأختام الطيب بلعيز، أمس، عن مضمون مشروع قانون الوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومكافحتها من منطلق أنه يجمع بين القواعد الإجرامية المكملة لقانون الإجراءات الجزائية والقواعد الوقائية التي تسمح بالرصد المبكر للاعتداءات المحتملة والتدخل السريع لتحديد مصدرها والتعرف على مرتكبيها، وقال إن سنّه أصبح أكثر من ضرورة للجزائر. قلّل الطيب بلعيز من مخاوف النواب الذين انتقدوا بعض الأحكام التي جاء بها مشروع القانون المتضمن القواعد الخاصة للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومكافحتها الذي كان محل نقاش في جلسة عقدت أمس بالمجلس الشعبي الوطني، خاصة في الجانب المتعلق بالمساس بالحريات الشخصية في إطار المراقبة التي ينصّ عليها المشروع الذي قال إنه حاول الموازنة بين النظام العام والحرية الشخصية. لكن الوزير أعقب هذا التأكيد بالقول إنه في حال ما إذا تعارضت الحرية الفردية مع أمن البلاد فإن الأمن العام يفضّل على الحريات لأن المصلحة العامة تسبق المصلحة الخاصة، مضيفا أن المشروع يوفر كل الضمانات القضائية للحفاظ على الحريات الخاصة للأشخاص باعتباره يقضي أن تتم المراقبة "تحت إشراف القضاء قبل وأثناء وبعد العملية وبعد الإذن المسبق للسلطة القضائية". ومن الضمانات التي تحدّث عنها وزير العدل لحماية الحريات الفردية في المشروع "اقتراح ضرورة أن تبقى المراقبة والتحريات في إطار المعلومات المبحوث عنها ولا تتم إلا بعد تقديم تقرير يبين طبيعة التراتيب وما هي المعلومات المبحوث عنها"، بالإضافة إلى أنه "يجب أن لا تستغل هذه المعلومات خارج الأغراض التي يحددها التقرير ولا يجوز لأي كان أن يستغلها لأغراض أخرى وكل من يفعل ذلك يعاقب بنص تضمنه قانون العقوبات في هذا الشأن"، وتابع أن مشروع القانون يشترط ضرورة "وضع قوانين تساير سرعة الجرائم الالكترونية"، وبموجب ذلك كشف بأن سنّ قانون من هذا القبيل أصبح أكثر من ضرورة لما يمثله من أهمية في مجال مكافحة الجريمة الإلكترونية. وعرض الوزير التدابير التي تضمّنها مشروع القانون الذي جاء في 19 مادة و6 فصول التي تؤكد في مجملها على احترام مبدأ المحافظة على سرية الاتصالات إلا في استثناءات حددها المشروع، حيث يتضمن مراقبة الاتصالات الالكترونية وتجميع وتسجيل مضمونها في حينها والقيام بإجراءات التفتيش والحجز داخل أي منظومة معلوماتية حال تبرير هذه الإجراءات بمقتضيات حماية النظام العام أو لتكميل تحريات وتحقيقات قضائية جارية. أما الفصل الثاني فيتضمن مراقبة الاتصالات الإلكترونية في نطاق الاتصالات المنطوية على خطورة التهديدات المحتملة، وعليه تم التأكيد على عدم جواز إجراء عملية المراقبة الالكترونية إلا بإذن من السلطة القضائية المختصة، وهنا شدّد بلعيز على أن مراقبة المعلومات الالكترونية ترخص في أربع حالات تتمثل في الوقاية من الأفعال الإرهابية والتخريبية والأفعال التي تمس بالأمن الوطني إذ يمكن في هذه الحالات للنائب العام لمجلس قضاء العاصمة الترخيص للضبطية القضائية بإقامة هذه التدابير. كما ترخّص المراقبة إذا توفرت معلومات كافية بوجود تهديدات ضد منظومة معلوماتية وطنية لدى مؤسسات الدولة للتخريب أو التعطيل أو السرقة وأيضا في قضايا الجريمة المنظمة إذا تبين لقاضي التحقيق أنه لا يمكن له الوصول إلى نتيجة دون اللجوء إلى المراقبة الالكترونية، وترخّص كذلك في إطار التبادل الدولي في الجريمة المعلوماتية. يتضمن الفصل الثالث القواعد الإجرائية الخاصة بالتفتيش والحجز في مجال الجرائم المعلوماتية وفقا للمعايير العالمية والمبادئ العامة في قانون الإجراءات الجزائية، أما الفصل الرابع يحدد الالتزامات التي تقع على عاتق المتعاملين في مجال الاتصالات الالكترونية خصوصا إلزامية حفظ المعطيات المتعلقة بحركة السير والتي من شانها المساعدة في الكشف عن الجرائم ومرتكبيها، وبحسب الوزير فإن كل هذا هدفه "إعطاء مقدمي الخدمات دورا إيجابيا ومساعد السلطات العمومية في مواجهة الجرائم وكشف مرتكبيها". وفي فصله الخامس يقترح المشروع إنشاء هيئة وطنية للوقاية من الإجرام المتصل بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومكافحته تتولى تنشيط وتنسيق عملية الوقاية من الجرائم المعلوماتية ومصاحبة السلطات القضائية ومصالح الشرطة القضائية في التحريات التي تجريها بشأن هذه الجرائم، كما يخول المشروع لهذه الهيئة تولي جانب تجميع المعلومات وإنجاز الخبرات القضائية وتبادل للمعلومات مع نظيراتها في الخارج قصد محاربة هذا النوع الخطير من الإجرام.