اتهم الجنرال المتقاعد في الجيش الفرنسي الجيش الجزائري بالضلوع في مقتل الرهبان السبعة سنة 96، وكشف أنه استقى معلوماته من ضابط جزائري سابق، ليعيد بذلك قضية الرهبان السبعة الذين أعلنت الجماعات السلامية المسلحة "الجيا" مسؤوليتها عن اغتيالهم إلى الواجهة ضمن إعادة تحريك أطروحة "من يقتل من" التي راجت في نهاية التسعينيات ضمن مسعى واضح لتوريط الجيش الجزائري في المجازر التي يرتكبها الإرهابيون بحق المدنيين بالجزائر. اعتبر الجنرال المتقاعد فرنسوا بوشوالتر، لدى سماعه من قبل قاضي التحقيق الفرنسي المتخصص في قضايا الإرهاب مارك ترفيديك، أن المذبحة التي راح ضحيتها سبعة رهبان فرنسيين بتبحريين بجبال المدية في سنة 1996، كانت "خطأ" من الجيش الجزائري، وأشار ذات المتحدث، و الذي كان يشغل منصب ملحق عسكري بالسفارة الفرنسية بالجزائر وقت الحادثة، لقاضي التحقيق الفرنسي في 25 جوان المنصرم، أنه تلقى معلومات تأكد صحة ما يقول، من جنرال سابق في الجيش الجزائري، مشيرا إلى أن شقيق هذا الأخير كان قد شارك في الهجوم الذي شنه الجيش على المنطقة التي كان يعيش فيها الرهبان. وقال الجنرال الفرنسي السابق، حسب ما أوردته بعض المصادر الإعلامية الفرنسية أمس على غرار لوفيغارو ولكسبريس وموقع ميديا باست، استنادا إلى المعلومات التي قال انه استقاها من شقيق ضابط سامي سابق في الجيش الجزائري لم يكشف عن اسمه، كان قائدا لسرب من طائرات الهيلكوبتر تقوم بتمشيط بالأطلس البليدي (الناحية العسكرية الأولى)، أن طائرات مروحية أطلقت النار على الجماعة الإرهابية المسلحة التي كانت تحتجز الرهبان، و لكن اتضح بعدها أنها أصابت أيضا الرهبان الذين قتلوا على الفور. وأوضح فرنسوا بوشوالتر أنه رفع تقريرا إلى رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة الفرنسي، و سلم نسخة منه إلى السفير الفرنسي بالجزائر حينها، اخبرهم فيها ب "حقيقة" ما وقع مع الرهبان و الجيش الجزائري، إلا أن بوشوالتر، أكد للقاضي الفرنسي بأن التقرير أهمل وقتها و لم يعرف أي متابعة جدية. وأكد محامي الطرف المدني باتريك بودوان أن أقوال الجنرال الفرنسي هي دليل على إخفاء حقيقة ما جرى للرهبان الفرنسيين من قبل السلطات في الجزائر وباريس على حد سواء، وطالب المحامي برفع الغطاء عن السر العسكري الذي يغطي التقرير الذي بعث به الجنرال الفرنسي فرنسوا بوشوالتر إلى رئيس أركان الجيوش الفرنسية والسفير الفرنسي السابق بالجزائر، وسماع وزير الخارجية الفرنسي السابق هرفي دوشاريت والسفير ميشال لوفيك، فضلا عن رجال المخابرات الفرنسية الذين لهم علاقة بملف اغتيال الرهبان. وليست هي المرة الأولى التي تحاول فيها جهات أجنبية التشكيك في الرواية الرسمية المتعلقة بحادثة باغتيال رهبان تبحريين، وفضلا عن العديد من الفرنسيين المعروفيين بمساهماتهم في تعفين الوضع في الجزائر والترويج لأطروحات التشكيك في المسؤولين عن الاغتيالات المرتكبة ضد المدنيين، زعم كاتب وإعلامي إيطالي انه يملك تفاصيل أخرى عن الحادثة، وأشار إلى معطيات جديدة تفيد بأنّ "الجهة التي قتلتهم لم تكن لها علاقة بالجماعات الإسلامية المسلحة وقتها، وإنما هي جهات استخباراتية جزائرية لها علاقة بالنظام القائم"، ونقل الدبلوماسي السابق والسياسي الجزائري الفار محمد العربي زيتوت، في تصريحات خاصة ل "قدس برس"، عن الإعلامي الإيطالي فاليري تيليزاري قوله "إنّ عملية الاغتيال التي تعرّض لها الرهبان الفرنسيون عام 1996 تمّت بأيادٍ من النظام الجزائري، ومن تيار متطرف داخله حاول التخلص منهم، وذلك عن طريق طائرة هيلوكبتر حيث تم ضربهم برشاشات، ثم جاءت جماعة من الكوماندوز وذبحتهم، واتهمت الجماعة الإسلامية بالوقوف خلف ذلك". للعلم فإن اغتيال رهبان تحريين تعتبر من بين أهم قضايا اغتيال الأجانب في الجزائر، ورغم تبني الجماعة الإسلامية المسلحة "الجيا" في بيان لها المسؤولية عن هذه الجريمة التي راح ضحيتها رجال دين مسالمين يقيمون بتبحريين بالمدية منذ 15 عاما، توالت الاتهامات للجيش الجزائري بالوقوف وراء الحادث، واستعملت هذه القضية في الكثير من المرات لإعادة إحياء أطروحة "من يقتل من" التي راجت في نهاية التسعينات وبداية العشرية الأخيرة مع صدور كتابات لضباط سابقين في الجيش الجزائري تتهم المؤسسة العسكرية بارتكاب تجاوزات راح ضحيتها مدنيون، ومن بين هذه الكتابات كتاب لحبيب سوايدية "الحرب القذرة". ورغم التغيرات الكبيرة التي حصلت في الجزائر في السنوات الأخيرة التي شهدت فيها البلاد تراجعا كبيرا للنشاط الإرهابي بعد تنفيذ قانون الوئام المدني وميثاق السلم والمصالحة الوطنية، ورغم التغيرات التي حدثت في العالم بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي جعلت الجميع يدرك طبيعة معركة التي تقودها الجزائر نيابة عن العديد من الدول ضد الإرهاب الوحشي، لا تزال بعض الدوائر الفرنسية تحاول إحياء أطروحات التشكيك في المسؤولين عن المجازر المرتكبة في الجزائر سواء ضد الجزائريين أو ضد الأجانب، وتشير كل المعطيات أن تحريك قضية تبحريين التي مضى عليها حوالي 13 سنة لها أهداف خفية تندرج ضمن الضغط المتواصل على الجزائر، في وقت يعد فيه الفرنسيون والغرب عامة وعلى رأسهم أمريكا طبخة أمنية بمنطقة الساحل الإفريقي تحت غطاء محاربة نفوذ "القاعدة" بالمنطقة.