عشنا على مدار روعة من الزمان في دبي أحداثا تعيد للذهن وقائع العكاظيين•• على مدار الأسبوع كان الشعر، ولا شيءغيره، هاجس البوح الوحيد في بلاد أقل ما يقال عنها أنها نيو يورك العرب.. بلاد عرفها العام قبل الخاص شريانا اقتصاديا عالميا لكنها ارتدت وشاح الشعر هذا الربيع وآه من الشعر إذا تدلى من كرمة الثراء•• عناقيده إذاك شرسة للغاية•• من غير الممكن أن تبقى متفرجا على تلك الأحداث عبر الفضائيات أو مختلف وسائل الإعلام الأخرى دون أن تصفق أو تقول بأعلى همس"فووور" ومن دون أن تبقى في ذاكرتك فكرة الشعر وسطر تحت العبارة بسطري انتباه - من فضلك طبعا - فالأمر يحرك بعض هذا الراكد هنا وهناك في سائرالبلاد العربية، ويعيد الشعر فكرة إيديولوجية "يسيح" على جوانبها سياح المعنى والشعور• إن ما يذهل في الحدث الكبير الأول هو هذا الإصرارعلى استحضارالشعر بطريقة جريئة واثقة من فتنتها التي تغير عقلية استحدثت في عربنا منذ سنوات، والداعية لاعتبار الرواية ديوان العرب الجديد وأن الشعر "حدوثة قديمة" أكل عليها الأدب ولم يرتو•• لكن أن تكون مدينة كدبي جامعة لما يربو عن مائة شاعرمن جل أقطار المعمورة وتحت شعار ألف شاعر ولغة واحدة، ينقلب النرد فجأة ليعيد للشعر "لازه"•• كرسيه الوثير•• رغم أبجديات المعاصرة التي أحدثت تغييرات في شكله ومضمونه وقد كان المرجان ثريا للغاية بكل التنويعات الشعرية فصيحها وعاميّها وبكل الصدامات الاديولوجية التي حدثت قبله بين العديد من الشعراء الكبار، وما حدث بين العملاقين يوسف سعدي وأدونيس معروف، إضافة للاجتماع اللذيذ الحاصل بين شاعرصيني وآخر عربي بين شاعر متصوف كعائض القرني وشاعرات عربيات احتلفن بيومهن على طريقتهن الوردية، وقد كان من بينهن الدكتورة إنعام بيوض •• كانت إذن مهاترات وسجالات فرزجريرية على رمل دبي الناعم وكانت نقاشات أكدت أن المرأة المبدعة لا تزال تستدعي بيولوجيا خاصة في بطاقة هوية القصيدة، وكانت ترجمات رقمية أتاحت للشعر أن يتدفق عبرشرايين المنطقة.. على حد تعبير أحد المسؤولين عن تنظيم المهرجان لاسترجاع متلقي هذا الفن الجمالي الأصيل في الثقافة العربية، حيث يكون كل من يمشي في الشوارع غير آبه؛ تقابله شاشات العرض بقصائد عالمية وتستجديه قاعات الأمسيات لسماع قصائد خالدة لدرويش أو الشابي أو أحمد شوقي أوغيرهم من أدباء عالميين تلقى بأصوات مشاهير الفنانين والممثلين المعروفين على رأسهم القديرة جدا منى واصف•• لكن السؤال الذي يلح على منصة الإلقاء بعد نهاية هذه الفعاليات.. هل تمكن ذلك الوسيم من آل مكتوم من إزالة تجاعيد السياسة العربية بمستحضرات الشعرالتجميلية؟ أمن الممكن أن يتعرى الخطاب الفني الشعري العربي واثقا من جسديته ليواجه تيارات التغريب؟ نستطيع القول أن جدلية الشعر والنثر حسمت لصالح الشعر في هذا المهرجان إذ تمكن من استقطاب جل مثقفي العالم الشعراء/ النقاد ضمن ما أطلق على تسميته رابطة الشعراء العالميين، إضافة لاستحداث ثلاث جوائز هامة تعزز رقي المهرجان ورقي الكلمة وإن تعددت لحونها أوأصباغ كتابتها، وإن ظلت قصيدة النثر تعدّ قصيدة المرحلة بامتياز إلا أنها أثارت زوابعها مرة أخرى، والأجمل أن يتمّ كل ذلك في هذه الباحة العالمية حيث التغت حدود الساسة والسياسة وتمكن الشاعر الوزير محمد بن راشد آل مكتوم أن يؤكد احتياجنا لأمثاله ليقوم بتكاليف الثقافة والمثقفين حاملا همهم لأنه واحد منهم يربطه بهم خيط الإبداع لا تشدق السياسة••