من خلال تسطير نشاطات متنوعة من طرف فعاليات المجتمع المدني والجمعيات، إلى جانب بعض المديريات والجهات المعنية• لعل ما يميز هذا الحدث على سبيل المثال بمنطقة القبائل، تلك العادات والتقاليد التي ما تزال العائلات متمسكة بها منذ سنوات، في الوقت الذي مالت أخرى إلى الزوال• ومن بين التظاهرات التي تجمع ما يعرف محليا باسم ''اذروم'' تنظيم الوزيعة التي تعود ككل مناسبة على غرار عاشوراء والمولد النبوي الشريف و حتى في عيد الفطر• ولا يفوت هذه الفرصة سكان المناطق النائية الذين يباشرون الاستعدادات لهذا الحدث مدة شهر كامل، بأمر من رئيس لجنة العقلاء، حسب التنظيم القديم للقرى، والذي يقوم بإصدار لائحة تدعو السكان إلى جمع ما تيسر من المال لشراء ما يليق من الكباش والبقر ليتم ذبحها وتوزيع لحومها على جميع أهل القرية، دون استثناء، ليكون بذلك هذا اليوم بمثابة عرس، على أن يتم استغلال المال المتبقي لإنجاز مشاريع صغيرة لصالح المنطقة• كما يكتسي الاحتفال بهذا الحدث بمنطقة القبائل خصوصية من خلال جمع شمل العائلة، وهو ما يعيد إلى الأذهان دخول رأس السنة الأمازيغية الذي لا تختلف الاحتفالات به على هذا المنوال، وهذا من خلال الإحاطة بمائدة العشاء لتناول وجبة الكسكسي بالدجاج جماعيا، والذي يشترط أن يذبح في الدار• كما كشفت التصريحات التي أدلت بها بعض العجائز لنا عندما اقتربنا منهن على حرص أهل القبائل منذ القدم في اصطحاب الابن الأصغر، لأول مرة إلى السوق، قصد اقتناء رأس عجل إيذانا لبلوغه الرجولة• كما تلجأ صاحبة ''القرار''، وهي الجدة، بقص شعر الطفل لتحمله المسؤولية على أن يحظى الأطفال الصغار الآخرون بهدايا من طرف الأولياء• كما أن الملفت للانتباه في بعض المناطق بتيزي وزو هو إجبار جميع أفراد العائلة بالخروج يوم الربيع الأمازيغي إلى الحقول، ليس لشيء، سوى لتنظيف وقطف بعض أنواع النباتات، خاصة للشابة المقبلة على الزواج، أو تلك التي تزوجّت حديثا، و هو ما يعتبر بمثابة إقحامها في الوسط العائلي الجديد• كما أن الزائر لعدد من مناطق القبائل يلاحظ التلاحم الكبير، والدور الذي ما تزال تلعبه ما يسمى ''تاجماعت''، لا سيما بحلول الربيع الأمازيغي، أين يلتقي رئيس مجلس القرية بالأطراف المتخاصمة ويقوم بالصلح بينهم• مع الإشارة هنا إلى أنه لم تكن في السابق قضايا المواطنين تصل إلى المحاكم، خلافا لما نشاهده اليوم• كما تعمد العائلات القبائلية إلى قص شعر الطفل الصغير للمرة الأولى تبركا بهذا اليوم، إلى جانب وضع الحنة على أيدي الشابات اللاتي تجاوزن العشرين، أملا في أن يحظين بفارس أحلامهن عاجلا•• وهي المظاهر أخذت اليوم تميل إلى الزوال في ظل الإهمال التي يلاحقها من طرف العائلات والمجتمع المدني• كما يفضل البعض ختان أبنائهم الصغار خلال الربيع الأمازيغي مبدين فرحتهم به متفائلين بسنة أفضل• وبقدر ما كان لهذا اليوم أهمية كبيرة، أصبح الاحتفال به حاليا محصورا في الحفلات الموسيقية التي لا تمت بأية صلة لهذا الحدث التاريخي، إلى جانب بعض النشاطات الثقافية التي تقام هنا وهناك، عبر بلديات تيزي وزو، بل يصل أحيانا أخرى إلى مرور الربيع الأمازيغي دون أن تتخلله نشاطات ما لا ينطبق تماما على ما كان عليه الحدث إبان بداية الثمانينيات•