يمثل فصل الصيف بالنسبة لسكان الوادي فرصة لصيد الفنك والغزال على جنبات الطرق الوطنية وحتى الولائية، خصوصا المؤدية الى المنطقة البترولية حاسي مسعود التي بها الكثير من السواح أوالطريق الوطني المؤدي إلى البوابة الحدودية الطالب العربي، والتي يمر بها عشرات السواح سيما من تونس وليبيا• ويلجأ الأطفال على وجه الخصوص إلى هذه الحرفة مع مطلع كل صيف عقب انتهاء الموسم الدراسي لمساعدة عائلاتهم المعوزة، خاصة أن غالبية الأطفال المشتغلين بهذه الحرفة أهاليهم من ذوي الدخل المحدود، فهم يلجأون إلى مزاولة هذه المهن للاسترزاق وجلب مبالغ من النقود لمساعدة عائلاتهم الفقيرة والمعوزة• والمتجول في الأسواق الشعبية يلحظ الطوابير الطويلة في مداخل ومخارج الأسواق، أين يجد أطفالا صغارا إناثا وذكورا لا تتعدى أعمارهم في غالب الأحيان العشر سنوات يبيعون الألبسة، الخضر والفواكه وخبز المطلوع، وهذا لربح بعض الدنانير لصرفها على عائلاتهم المعوزة• أطفال القرى الشرقية أكثر احترافية في بيع الشرشمان والحجارة المتنقل عبر خط الطريق الوطني الرابط بين ولاية الوادي بمدينة تفرت في ولاية ورفلة على مسافة 96 كلم، تصادفه مجموعة من الأطفال بقرى الجهة الشرقية للولاية يبحثون عن الشرشمان لاصطياده وبيعه، لاسيما بقرية الضميريني التابعة إقليميا لبلدية أميه ونسه بالوادي، التي تعتبر حسب إحصائيات النشاط الاجتماعي أفقر بلدية على الإطلاق كون أغلب أو جميع سكانها المتواجدين عبر 17 تجمع سكاني في القرى والمداشر يعتمدون اعتمادا كليا على منتوج التمور• الأطفال الذين التقيناهم لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات منهم من اضطر بسبب الفاقة لترك مقاعد الدراسة ومنهم من يزاول دروسه إلا أنه يشغل أوقات فراغه بصيد الشرشمان سمكة الصحراء، والتي تصدّر للسعودية بغرض استعمالها في العلاج العديد الأمراض، لإعادة بيعها على الطريق الوطني رقم 48 حيث أصبحوا يشكلون ديكورا مميزا على مستوى هذا الطريق• ما شدّ انتباهنا أثناء مرورنا بقرى الجهة الشرقية هو جمع من الأطفال استطاعوا في ظرف قياسي جمع ما يقارب 1000 شرشمانة أوسحلية في صندوق كبير ومنظر هذا الحيوان رائع جدا• وسألنا هؤلاء الأطفال كم يستغرق وقت صيدهم•• قالوا لا يكاد يكون يوم واحد خاصة عند اشتداد الحرارة أين يضطر أغلب الزواحف إلى الخروج من الرمال بعد دخول شهر ماي مباشرة، وهذا الفصل معروف في ولاية الوادي بموسم الحر• زبائن من المارة يتوقفون لشراء الشرشمان أكد لنا صاحب سيارة وقف لشراء هذا الحيوان أنه كلما مرّ على هؤلاء الأطفال يستهويه الوقوف معهم لشراء مجموعة من الشرشمان لنقلها للأطفال للعب بها عدة أيام، قبل أن يتم ذبحها وأكلها تبركا بإبعاد السحر عن العائلة• أما الحاجة (س•ف) فقد قالت لنا إن الشرشمان له استعمالات عديدة، خصوصا ما تعلق بالقضاء على السحر والطالع السيء إضافة إلى استعمالات أخرى• الشرشمان يذبح ويجفّف ويهرب إلى السعودية أثناء حديثنا مع الأطفال الصغار التقينا بأحد شبان هذه القرية الفلاحية، وأكد لنا أن منطقة أميه ونسه معروفة بتوفرها على هذا الحيوان، وعدد من الأشخاص يأتون لمنطقة الضميريني أميه لعشاش والكتف وغيرها، لشراء الآلاف أوعشرات الآلاف، حيث يصل سعر الواحدة إلى 10 دينار جزائري، فيما يتم بيعها لعابري الطريق الوطني رقم 48 بأسعار تتراوح بين 10و25 دينار جزائري ''الزرزومية'' ب 10 دينار و''الشحمية'' ب20 دينار و''العبودي'' يصل في بعض الى الأحيان إلى 30 دينار• وتصل الكميات إلى حدود أكثر من 100 ألف شرشمانة يتم ذبحها وغسلها مع إضافة بعض العقاقير لتجنب تلفها، ثم يهرب إلى المملكة العربية السعودية ومن ثمّ إلى دول الخليج بغرض استعماله كمضاد للعجز الجنسي، وهو دواء مفضل كثيرا في السعودية ودول الخليج لعدم حدوث انعكاسات جانبية لدى الشخص الذي يتناوله مثل دواء الفياغرا خصوصا كبار السن والمصابين بأمراض القلب• عودة هواية بيع زهرة الرمال والحجارة النادرة ونحن نتحدث مع الأطفال الصغار عن هواياتهم لبيع الشرشمان، لاحظنا طفلا يجلس أمام مجموعة من الأحجار المعروفة بزهرة الرمال وحوله شخص يساومه لشراء بعض منها• وأكد الطفل (محمد• س) أنه يقوم بجلب هذه الحجارة من الكهوف ومن داخل الكثبان الرملية وينقلها على الحمير للطريق الوطني رقم 48 لعرضها وبيعها للمارة، الذين أصبحت كما قال الطفل محمد تستهويهم هواية جمع الحجارة لوضعها في مداخل منازلهم مع نقشها لإعطاء منظر جميل لبيوتهم• الفنك البرّي يباع أيضا بصحراء الضريميني لم يسلم حيوان الفنك هو الآخر من الصيد بصحراء الضميريني، حيث وجدنا خمسة أفناك معروضة للبيع عند الأطفال على مستوى الطريق الوطني رقم 48 • ولدى استفسارنا عن كيفية اصطياد هذا الحيوان في هذه الصحراء، أجابنا الأطفال الباعة أن واحدا منهم يحاصره، ثم يقوم أصدقاؤه بالإمساك به، خاصة أنه بطيء•من جهة أخرى أكد لنا أحد الشبان العارفين بخبايا هذه القرية أن الريم لم يعد موجودا في هذه الصحراء رغم أنه كان يميز المنطقة في السنوات الماضية، حيث تم القضاء عليه من طرف الصيادين الذين كانوا كثر في هذه الصحراء، وقد يأتي يوم لن نجد حيوان الفنك بسبب عمليات الصيد العشوائي التي يقوم بها الأطفال لبيعه• ورغم كون صيد مثل هذه الحيوانات البرية يعد جرما في حق الطبيعية إلا أن العوز والفقر دفع هذه العائلات وهؤلاء الأطفال الى تخطي حدود المنوع لسد حاجياتهم اليومية التي تعتمد بشكل بارز على هذه التجارة وكذا مدخولها من الفلاحة خاصة النخيل•